وكالات - الاقتصادي - تقابلك بشكل يومي مجموعة من المنشورات التي تحتوي على قوائم كتب في مختلف المجالات، أفلام وثائقية، أفلام، مسلسلات، تجميعات موسيقى، دورات تعليمية، فيديوهات، … إلخ، وتقوم بحفظها لرؤيتها لاحقًا، ثم لا تفعل ذلك؟ ورغم هذا لا تتوقف عن تكرار الأمر؟
أظن أنّ هذه المشكلة بالتحديد تواجه أغلبنا، حتى أنّني أعتقد أنّك طالما قررت أن تقرأ هذا المقال، فإنّك تعاني منها، أو على الأقل تعرف من يعاني منها بالفعل.
لماذا أقول أنّ مسألة حفظ العديد من المنشورات لرؤيتها لاحقًا بدون تنفيذ ذلك تعتبر مشكلة؟ لأنّها بالفعل تعريف حقيقي لما تكون عليه المشكلة، وأثرها علينا واضح جدًا، كما سوف نرى في الفقرات القادمة.
يمكننا أن ننظر إلى الأمر على أنّه شيء تقليدي، كغيره من الأشياء الأخرى التي تحدث معنا كل يوم، ولكن في رأيي هذا الأمر بالذات يستحق أن نطلق عليه مشكلة.
دعنا نتوقف قليلًا ونسأل أنفسنا عدّة أسئلة: هل نحن عندما نقوم بحفظ منشور معين نعتقد أنّه مفيد بالنسبة لنا أو لا؟ الإجابة نعم بالتأكيد، باختلاف شكل الاستفادة بيننا، ورؤية كل شخص لها.
هل نعود إليها لاحقًا؟ أو هل يكون في أذهاننا موعد معين لنراها فعلًا؟ الإجابة في أغلب الأحيان ستكون لا، لو كنت تجيب بنعم فأنت لست طرفًا في المشكلة، لكن الحديث الفعلي هنا عمّن يفعلون ذلك، دون أن يكون في أذهانهم أي تصور عن الموعد المحتمل لرؤية هذه المنشورات.
لذلك ما يدفعني لأن أطلق عليها مشكلة هي أنّها ترتبط بشكل مباشر بإرادتنا كبشر، بجانب ارتباطها من ناحية أخرى بقدرتنا على التخطيط الصحيح لحياتنا، فتكون المحصلة النهائية أنّك تملك قائمة بالمنشورات المحفوظة، والتي لم تعد لقراءتها، لكنّك مع ذلك لا تتوقف عن فعل هذا الأمر.
في الواقع أرى أنّ الإرادة البشرية هي العنصر الأهم ضمن هذه الأسباب، ولكن كيف تحديدًا؟ دعني أخبرك أنّ الأمر يبدأ بقرار المقارنة بين متابعة دورة تعليمية مثلًا، أو تصفح الفيسبوك.
الكثير من الناس سوف يختار الفيسبوك، رغم أنّه يدرك جيدًا مدى احتياجه للدورة التعليمية، لكن الفيسبوك يمنحه الشعور بالسعادة اللحظية، وهو الشعور الذي يدفعه للاستمرار في فعل ذلك، حتى لو لم يكن هناك أي فائدة مستقبلية منه.
في حين أنّ الدورة التعليمية تمنحه السعادة المستقبلية، بتعلمه شيء جديد مثلًا. لكن تبقى المشكلة في توقيت المتابعة نفسه، وهنا تظهر الإرادة البشرية، والتي تجعلنا نفكر في أيهما سوف نختار؟ السعادة اللحظية أم المستقبلية؟ وبداية علاج الأمر تبدأ من هذه النقطة.
لكن هذا ليس السبب الوحيد بالطبع، فهناك مشكلة التخطيط السيّئ، فنحن عندما نحفظ هذه المنشورات فإنّه بنسبة كبيرة جدًا لا نستخدمها لاحقًا، إذًا لماذا نقوم بحفظها؟ في الأغلب نحن لا نستطيع مقاومة الاحتمالية الواردة لتحقيق استفادة من شيء معين، فإذا كانت هذه الدورة من الممكن أن تقدم لنا فائدة، فلماذا نضيّع هذا الأمر؟
قد يبدو هذا الشعور جيد بنظرة سطحية، لكنه في الواقع ليس جيدًا على الإطلاق، فنحن نعرف أنّنا في النهاية لن نحقق الاستفادة من كل شيء يقع بين أيدينا، وكثرة هذه المنشورات قد تكون سببًا لدى البعض في عدم فعل شيء من الأساس؛ لأنّه في كل مرة لا يعرف كيف يبدأ مع كثرتها، وتكون النتيجة أنّه لا يبدأ أبدًا.
في الواقع هذه المشكلة لها حل بالتأكيد، سأحاول تلخيصه في نقاط بسيطة وعملية، لكن تذكّر دائمًا أنّ الحل يبدأ من إرادتك الحقيقية في تحقيق الاستفادة، وأنّك لن تخدع نفسك، ولن تتركها تخضع للسعادة اللحظية فقط، بل إنّك تهتم بها وبتطويرها وأن تحصل على الفائدة، حتى لو كان ذلك على المدى البعيد، والآن إليك النقاط الخاصة بالحل.
1- يجب أن تسأل نفسك بشكل صريح: ما الذي أريده بالتحديد؟ والصراحة هنا مطلوبة جدًا يا صديقي؛ لأنّنا نريد تعلم ومشاهدة ومعرفة كل شيء، لكن الأمر يرتبط بقدراتنا والوقت المتاح لنا بالفعل.
من هنا سوف تبدأ في حفظ المنشورات التي تهتم بها حقًا، والتي تعرف أنّها تتوافق مع رغبتك.
2- قم بالذهاب إلى قائمة المنشورات المحفوظة حاليًا، وقم بعمل تصفية لها لتترك فقط أهم المنشورات، والتي يمكنك أن تضعها في خطتك.
إن كنت تشعر أنّ المسألة صعبة، فبقليل من الشجاعة قم بحذف كل هذه المنشورات، فهي كانت موجودة من قبل ولم تحقق أي استفادة منها، وتأكد أنّك سوف تجد البدائل لاحقًا.
3- إن كنت تهتم بمعرفة العديد من الأشياء، فهناك أمر مهم جدًا يجب أن تفعله، وهو أن تتحرك من العام إلى الخاص.
من أكثر المشاكل التي تقابل الأفراد هي أنّهم يتعمقون في معرفة شيء جديد، بشكل يؤثر عليهم سلبًا، والصواب هو أن يقع اختيارك على مصادر تهتم بما تريده بشكل عام وبسيط، وتعتبرها البداية بالنسبة لك.
هذا الاختيار سوف يتيح لك عملية التصفية بين الاختيارات سواءً في الوقت الحالي، أو لاحقًا عندما تقابلك منشورات أخرى. وسيكون بإمكانك تحديد المنشورات التي تريدها فعلًا وستقوم بحفظها.
4- لا تضع منشورات في قائمتك دون أن تعرف بالضبط موقعها في خطتك؛ لأنّ أي منشور جديد مهما كانت فائدته دون نية لاستخدامه، فهو لا يستحق التواجد في قائمتك.
وهذه الخطة يجب أن تقوم بمتابعتها بشكل مستمر، بحيث تعرف إن كنت تلتزم بتحقيقها فعلًا أو لا، وتبدأ في معالجة أي خلل يواجهك في التنفيذ.
في النهاية سوف أؤكد مرة أخرى على أهمية الإرادة في هذا الأمر، وأنّ التغلب على هذه المشكلة يبدأ من هذه النقطة، ومن ثم تأتي بقية الحلول الأخرى التي ذكرتها في المقال. أرجوك ألّا يكون هذا المقال هو الآخر ضمن المنشورات التي تحفظها لتقرأها لاحقًا، وأن تجعله هو نقطة تحركك ناحية التخلص من هذه المشكلة. حظًا موفقًا يا صديقي.