رام الله - الاقتصادي - (الأناضول) - تهبط ست شاحنات من مستوطنة "بركان" وسط الضفة الغربية، إلى الشارع المحاذي لها، محملة بسلع معدنية أنتجت في أحد المصانع العاملة داخلها.
يقول عمال فلسطينيون في "بركان"، إن المستوطنة تضم مئات المصانع ومراكز تخزين تعمل في قطاعات زراعية وصناعية وتحويلية وتكنولوجية.
في منطقة الأغوار، التي تعد أخفض بقاع العالم على الحدود الشرقية مع الأردن، ثمة نشاط لـ"المستوطنات الزراعية"، التي تعمل بكامل طاقتها مع توفر الأراضي الزراعية والمياه والأسواق الاستهلاكية.
وتقام المستوطنات على أراضي الضفة الغربية المصنفة C (أراض فلسطينية تخضع للسيطرة الإسرائيلية، مساحتها 61% من الضفة)، وتستغل مواردها الطبيعية ممثلة بالأرض والمياه والموقع الاستراتيجي.
وتسيطر إسرائيل على مصادر المياه الجوفية، وغالبيتها تقع في الأغوار، وتستغل لتلبية حاجة المستوطنات وزراعتها، بينما تُمنع عن الفلسطينيين الذين تمر أنابيب المياه من أراضيهم إلى المستوطنات.
وتواصل إسرائيل احتلال الضفة الغربية وتستغل مواردها، رغم توقيع اتفاقية الحكم الذاتي عام 1993، الذي يعطي للفلسطينيين حق السيطرة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعمل المستوطنات الصناعية في إنتاج الصناعات التحويلية، والرصاص، والبلاستيك، وصناعات المعادن، والأخشاب، وصناعات غذائية، بينما تعد التمور والأعشاب الطبية من أبرز ما تنتجه المستوطنات الزراعية.
توسع جغرافي
وقال الباحث في الاقتصاد الإسرائيلي، سامي ميعاري (فلسطينيي 48)، إن المستوطنات الصناعية والزراعية توسعت بنسب متفاوتة، نتيجة تطور وتوسع أسواقها محلياً ودولياً، وأسباب أخرى مرتبطة بزيادة عدد سكانها.
وأضاف ميعاري في تصريح للأناضول، أن صادرات المستوطنات لم تتأثر بالقرارات الأوروبية والدولية بحظر أو وسم المنتجات المصنعة على أراض محتلة.
وفي نوفمبر/تشرين ثاني 2015، وافقت المفوضية الأوروبية، وضع ملصقات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية لتمييزها على رفوف المحال التجارية أمام المستهلكين.
ومنذ 2010، تجرم الحكومة الفلسطينية الاتجار أو تداول أية منتجات تكون المستوطنات الإسرائيلية مصدراً لها، في السوق المحلية.
وقدر رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية، بسام ولويل، حجم مبيعات منتجات المستوطنات في السوق الفلسطينية، بنحو 500 مليون دولار سنوياً.
وقال ولويل، للأناضول إن وجود العمالة الفلسطينية في المستوطنات، تعد سبباً رئيسياً لتوسعها، داعياً وزارة العمل والقطاع الخاص الفلسطيني، لإعداد خطة لتوظفيهم محلياً.
وبحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، يبلغ عدد العاملين في المستوطنات الإسرائيلية 24 ألف عامل حتى الربع الأول 2017، بمتوسط أجر يومي يبلغ 219 شيكل (59 دولار).
وقدر تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتنمية والتجارة "أونكتاد" العام الماضي، خسائر الفلسطينيين نتيجة عدم سيطرتهم على المناطق المصنفة C، بـ 4.5 مليار دولار سنوياً.
اقتصاد الرفاهية
قال الخبير في الاقتصاد الإسرائيلي والشرق الأوسط، يوسف جريس (من فلسطينيي 48)، إن مصانع وعناصر الإنتاج في مستوطنات الضفة الغربية، تحظى بدعم إسرائيلي مادي.
وأضاف جريس في حديث مع الأناضول، أن حجم دعم الحكومة الإسرائيلية للمستوطنات الصناعية والزراعية، يبلغ ثلاثة مليارات شيكل سنوياً (810 مليون دولار) بالمتوسط.
واعتبر أن الدعم يدخل تحت مسمى "اقتصاد الرفاهية"، لتعزيز نشاط المصانع وتثبيتها وتوسيعها، وتوفير الأسواق الاستهلاكية ومنحها أولوية التسويق.
ويهدف "اقتصاد الرفاهية" الذي عززته حكومة بنيامين نتنياهو، إلى مساعدة الأنشطة الاقتصادية الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية، لتمكينها من الوقوف على قدميها، ودفع الإسرائيليين للعيش داخل المستوطنات وتعزيز الاستيطان.
وحتى 2015، بلغ عدد المستوطنات الصناعية في الضفة الغربية 18 مستوطنة، تشكل مساحتها نحو 16 ألف دونم (الدونم ألف متر مربع)، أكبرها "ميشور أدوميم" وسط الضفة الغربية، بمساحة 3400 دونم.
ويبلغ عدد البؤر الإسرائيلية في الأغوار، نحو 50 بؤرة موزعة بين صناعية وزراعية وسكنية ومعسكرات للجيش الإسرائيلي، بحسب أرقام رسمية.
وبلغ إجمالي عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية حتى 2015 بالضفة الغربية 413 موقعاً، منها 150 مستوطنة و119 بؤرة استيطانية.
وقدر "جريس" حجم الناتج المحلي الإجمالي للمستوطنات (يعيش فيها 617 ألف إسرائيلي) بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.
ويعادل هذا الرقم، الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، اللتان تضمان نحو 4.8 مليون نسمة.