القدس المحتلة- الاقتصادي- ياسمين أسعد – يختلف المواطنون في القدس حول سر كعك المدينة ذي العجينة المزينة بالسمسم، وفي حيرة الجميع، هناك من يعتقد أن سره يكمن في الخلطة التي لا يعلمها الا الخباز المقدسي، ليجيب الآخر أن السر في ماء القدس! ويستسلم البعض ليقول " كل الكعك نفس الشيء.. الشغلة نفسية ".
يقول حازم ابو سنينة (27 عاما ) وهو صاحب فرن لخبز الكعك في باب حطة – احدى حارات البلدة القديمة- انه امتهن صناعة كعك القدس منذ 13 عاماً ويعود عمر الفرن لحوالي مئة وخمسين عاما .
ويضيف ابو سنينة ان المئات بل الآلاف يتوافدون للقدس من كافة مدن فلسطين والعالم لتذوق الكعك المقدسي ذي السمعة الأشهى، دون اي ادراك لسره.
وبسؤاله عن المواد المستخدمة في صناعة الكعك، أكد ابو سنينة أن كعك القدس مميز عن غيره في فلسطين، لكن العجيب أن مكوناته هي ذاتها المستخدمة في الكعك المصنوع في المدن الاخرى فهو يصنع من الماء، والطحين، والسكر، والسمسم، اضافةً لمادة تعرف باسم الشيفارو -مادة كيماوية تستخدم كمحسن لعجين الكعك- ليس أكثر!
وعن سر كعك القدس الغامض يقول ابو سنينة لـ " الاقتصادي" إن مهنة الكعك بدأت من القدس، فالسر قد يكون له علاقة في أصل نشأة الكعك، فمخابز البلدة القديمة تستخدم اليوم بيت النار العربي " الفرن العربي" والذي يعود لمئات السنين، وهي ذاتها التي كان يستخدمها اصحاب المهنة الاوائل في القدس.
ويكشف حازم عن سر آخر ويوضح أن أفران البلدة القديمة تسخدم حطب الزيتون لخبز الكعك، الأمر الذي يعطيه نكهة خاصة الذّ من الكعك الذي يخبز على الافران الكهربائية أوالغاز. مضيفاً "يوجد افران عربية داخل الضفة الا أن اغلبها يفضل الفرن الكهربائي والطرق الحديثة، وهذا ما يميز ايضاً كعك القدس في داخل اسوار البلدة عن خارجها .
"الكعك هوية مقدسية وماركة مسجلة للقدس، تماما كغيرها من المدن كنابلس مثلاً التي تمتاز بالحلويات ولا يضاهيها احد" .
وحول المواسم الأكثر بيعاً للكعك المقدسي، يقول صاحب الفرن إنه شهر رمضان وايام الجمعة خاصةً، إذ تشهد المدينة اقبالاً كبيراً لزائريها الفلسطينين وغيرهم من اجل الصلاة في المسجد الاقصى، ما يحقق نسب بيع جيدة للكعك المقدسي.
وعن التفاصيل الشكلية لكعك القدس، بين ابو سنينة أن شكل الكعكة المتوازي أمر في غاية الاهمية، فهو يتطلب معايير دقيقة في المقادير إضافة لمهارة التشكيل، فكعك القدس ذو حشوة متوسطة الحجم ومتساوية من كافة الأطراف.
بدوره، يقول عدي الشاويش صاحب بسطة لبيع الكعك والفلافل في شارع صلاح الدين إن كعك القدس لا يشبه اي كعك آخر في الطعم أو في الشكل، ورغم محاولة العديد من الدول وحتى المحال التجارية في القدس تقليده الا انها فشلت لانه يُخبز على حطب الزيتون أو حطب الليمون" و"اعتقد أن هذا السر العجيب في طعمته".
وفي السياق، يؤكد احمد ابو سنينة (17 عاماً) والذي يعمل في فرن داخل اسوار البلدة ان اهم اسباب تميز كعك القدس هو وجود بيت النار العربي اضافةً لاستخدام حطب الزيتون وهو أفضل من حطب الليمون او البرتقال الذي قد يسبب دخانا في الفرن، ومن شأنه التأثير على طعم الكعك.
وعن توزيع الكعك، يوضح ابو سنينة ان التوزيع يتم لبسطات باب الساهرة وباب العامود في القدس، الا انه وبعد طلب ورغبة اهل الضفة الدائم للكعك المقدسي، قمنا بتشغيل فرن آخر على الطريقة المقدسية في منطقة الضفة، وهو ناجح بشكل كبير .
ويرى المراقبون أن مهنة صناعة الكعك المقدسي تحقق ضمانا وظيفيا لصاحب المخبز او البائع، نظراً لطلب المستهلك الدائم للكعك المقدسي فهو يباع بسعر قليل( 2-3 شواقل) وهو وجبة مشبعة، اضافةً لكونها مهنة تحقق دخلا جيدا لصاحبها تصل الى 500 شيقل يومياً كحد ادنى .