نابلس- رام الله-الاقتصادي- عاصرت المقاهي الشعبية جزءًا من التاريخ الشعبي الفلسطيني، فضمت فئات متنوعة من شبابنا، وشكلت ملاذًا سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا كان وما زال صامدًا.
أماكن عاصرت أجيالاً
يقول محمد موسى، صاحب إحدى المقاهي الشعبية في مدينة نابلس، انه قرّر افتتاح مقهى خاص به، لعدد من الأسباب، ذاكرًا أن المقاهي الشعبية كانت منذ عشرات السنين جزءًا من ثقافتنا الشعبية الفلسطينية، الأمر الذي يجعلها بالتأكيد مشروعًا شخصيًا مدرًا للمال.
ويرى موسى أن المقاهي الشعبية تشهد اكتظاظًا في معظم أيام السنة، وبخاصة في فترات الأعياد والعطل الرسمية، والأيام التي تتبارى فيه الفرق الرياضية المشهورة.
لكن الرياضة ليست الشيء الوحيد الذي يشجع إقبال شبابنا على المقاهي الشعبية، فيبيّن موسى أن رواد المقاهي ليسوا من الشباب الفتيان بالعمر فحسب، بل أيضًا من كبار السّن الذين يجتمعون ليتناقشوا في الأمور السياسية التي نعرضها أحيانًا على شاشاتنا، أو حتى عن الأمور الاجتماعية التي تحصل في المنطقة.
ويتابع موسى: "في حال فشلت في مشروع المقهى الشعبي، لن تكون الخسارة كبيرة، فكل ما يلزم لافتتاح المقهى يمكن إعادة بيعه، لذا يعدّ هذا نوعا من الضمان لرأس المال، كما أن الربح الصافي لأصحاب المقاهي يعّد جيدًا".
أسعار في متناول الغالبية
ويضيف موسى: "إن أسعار الخدمات (من مشروبات وأراجيل وقنوات تلفزيونية مدفوعة) التي تقدمها المقاهي الشعبية تعد عامل جذب للكثير من شبابنا، الذي يفتقر للكثير من وسائل التسلية والترفيه، فأسعار المقاهي الشعبية، وإن زادت لمواكبة الغلاء المعيشي الحاصل، إلا أنها تبقى أوفر بكثير من تلك في المطاعم والمقاهي الرسمية".
ربما يكون الغلاء الذي طال مختلف القطاعات الفلسطينية ما فرض على الشباب الفلسطيني العزوف عن المقاهي والمطاعم، واللجوء إلى المقاهي أو كما تسمى بالعاميّة (القهاوي) الشعبية.
المقهى يجمع الشبان رغم اختلافهم
"المقهى (أو القهوة) تجمع "الشلة"، التي تكون في النهار قد فرّقتها انشغالات الحياة، يقول ساهر أبو عمر"، 31 عامًا، وأحد مرتادي المقهى الشعبي بشكل روتيني.
ويأخذ أبو مصعب، 54 عامًا، سحبة من أرجيلته، ويقول: "المقاهي الشعبية الفلسطينية، رغم بساطتها تتنوع لترضي الأذواق كافة، فإذا كنت فتيًا تبحث عن المرح مع أصدقائك، أو رجلا ناضجا يصطاد في هذه المقاهي ضحايا ليستموا إلى محاضراته السياسية الطويلة وتتفاعل معها، سيمثل هذا المكان ملجأ لك خارج منزلك".
تسلية مضمونة مقابل شواقل معدودة
ويبين ساهر أبو عمر انه يرتاد المقهى بشكل يومي "لأن فيها كل سبل التسلية اللازمة، وفيها جمعة حماسية تجمعه وأصحابه".
ويرى رامي خنفر، 28 عامًا، ان أهم ما يجذب الشباب لهذه الأماكن هو توفر القنوات الرياضية المدفوعة، التي لا يملكها كثير من الشبان في المنزل.
واما محمد العريض، 17 سنة، فيقول ان الارجيلة والقهوة والشاي في المقهى لها طعم مختلف، رغم سعرهم الزاهد.
برشلونة وريال مدريد يثريان أصحاب المقاهي
يقول بسام عبد الله، صاحب إحدى المقاهي الشعبية في نابلس، انه في أيام "الكلاسيكو" يزيد الإقبال على المقاهي بشكل كبير، مضيفًا أن الربح خلال ليالي "الكلاسيكو"، أو مباريات "المونديال" يتضاعف.
ويتابع عبد الله: "لهذا، أتجنب وضع أعلام لأي فريق، فذلك قد يؤثر على إقبال الزبائن على محلي، لذا أحاول ان أظهر نوعا من الحياد، وألا أفسح عن انتمائي الرياضي".