رام الله - خاص الاقتصادي - عاودت أزمة شح الدولار والدينار الأردني للظهور من جديد في السوق الفلسطينية، لكن على نحو أشد من السابق، لدى بنوك عاملة في فلسطين ومحال صرافة.
وتشهد السوق الفلسطينية منذ شهور نقصاً في الدولار والدينار، لكنها تشتد وتعود للاستقرار من فترة لأخرى، بحسب ما قاله متعاملون للاقتصادي.
وأشار مصرفيون في السوق الفلسطينية بالضفة الغربية، إلى أن بعض بنوك محلية بالتحديد تعاني من نقص في عملة الدولار الأمريكي والدينار الأردني، ولا يستطيعوا تزويد التجار أو أصحاب محال الصرافة، بحاجتهم كاملة من العملة الأمريكية أو الأردنية.
وأضاف مصرفي فضل عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث للإعلام، للاقتصادي، أن البنوك العاملة في فلسطين لا تستطيع تزويد التجار ولا الصرافين بحاجتهم من النقد الأجنبي في الوقت الحالي، بالكميات التي يطلبونها.
وهبط الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى في عامين ونصف مؤخراً، بسبب فشل تبني الحزب الجمهوري الحاكم في الولايات المتحدة، تبني قانون جديد للرعاية الصحية يحل مكان القانون الحالي المسمى "أوباما كير".
وفي كل الأسواق محلية كانت أو دولية، فإن التجار والمواطنين يلجأوون إلى تخزين الدولار الأمريكي في حالة تراجع سعره، ويبيعونه مع ارتفاعه من جديد، كأحد أشكال التجارة والربح السريع.
يقول خالد الحواري، أحد أشهر الصرافين في الضفة الغربية "لا شك أن سيولة الدولار والدنيار في السوق المحلية شحيحة لكنها ليست مفقودة تماماً".
وأضاف الحواري الذي يعمل في سوق الصرافة منذ عقود، خلال حديث مع الاقتصادي، أن انخفاض قيمة الدولار تعد السبب الرئيس في نقص معروضه من السوق، "التجار والمواطنون يلجأوون إلى تخزينه لديهم إلى حين عودة سعر الدولار إلى الصعود مجدداً".
وأثناء تواجد مراسل الاقتصادي في أحد محال الصرافة بمدينة رام الله، طلب أحد الزبائن شراء مبلغ 3000 دينار أردني، ليعتذر منه صاحب المحل، وإبلاغه بالعودة بعد ساعة لحين توفير عملة الدينار".
ويستخدم الدولار الأمريكي، كعملة رئيسية في التعاملات التجارية الخارجية الفلسطينية، "لذا يبحث التجار في السوق المحلية عن الدولار لتنفيذ عمليات الاستيراد من الخارج".
وتلجأ بنوك للحصول على حاجتها من الدولار الأمريكي والدينار الأردني في ظل شح توفره، من بنوك أخرى لا تعاني هذه المشكلة، عبر صرف شيكات بنكية.
ونفى الحواري، أن يكون أصحاب محال الصرافة سبباً في شح توفر الدولار والدينار، "الصرافون هدفهم البيع والشراء.. وما يتوفر لدينا من سيولة تخصص لهذا الغرض وليس لحجبها عن الزبائن.. هذه وظيفتنا".
وقال عزام الشوا محافظ سلطة النقد الفلسطينية، للاقتصادي، إن العديد من الأسباب التي تؤثر على مستوى العرض والطلب من العملات المتداولة في السوق الفلسطينية، وتنعكس على أسعار صرف هذه العملات.
وقال إن الانخفاض في سعر صرف الدولار والدينار مقابل عملة الشيكل خلال الفترة الماضية، أدى إلى انخفاض عمليات بيعها من طرف المواطنين، كما يلاحظ أن هناك زيادة في الطلب على هاتين العملتين.
وأكد أن سلطة النقد الفلسطينية وبالتنسيق مع المصارف، قامت بإدخال وضخ كميات من العملتين في السوق الفلسطينية لتلبية احتياجات المواطنين.
وقال الخبير المصرفي محمد سلامة، إن أحد أهم أسباب حدوث أزمة نقص معروض الدولار والدينار هو قرب شهر رمضان والمناسبات والصيف، الذي يزيد فيه الاستيراد والحاجة للنقد الأجنبي لشراء السلع.
وأضاف في تصريح للاقتصادي، أن موضوع النقد موسمي، "معظم التجار يسافرون للاستيراد لموسم رمضان والصيف والأعياد، يحملون معهم نقد أجنبي كاش في السوق المحلية، وهذا واقع اقتصادي نعيشه بشكل سنوي".
وزاد: "السبب الثاني كان انخفاض الدولار الأمريكي مقابل الشيكل، وهذا الانخفاض يغري المواطن لشراء الدولار بهدف تحقيق الأرباح في حال عودة أسعاره للارتفاع.. أموال هذه الفئة خارج القطاع المصرفي".
وأكد هناك فئة أموالها خارج القطاع المصرفي، يدخرونها في منازلهم تقدر نسبتها بنحو 300 مليون دولار أمريكي، خاصة العاملين في إسرائيل الذين لا يجدون حاجتهم المصرفية أيام عطلتهم الأسبوعية "السبت"، إضافة لوجود فئة لا تتعامل مع البنوك لأسباب دينية.
وأشار إلى أن سلطة النقد الفلسطينية ليست هي الجهة المسؤولة عن توفير النقد الأجنبي، "لأن الدولار والدينار ليس عملتها.. البنوك هي المخولة لتوفير هذا النقد.. وهذا يحتاج إلى ترخيص من سلطة النقد وبنك إسرائيل".
ويحمل توفير النقد من الخارج تكاليف مالية مرتفعة على البنوك، لوجود تأمين عليه من جهة، وأداة النقل أيضاً، والبنوك تحاول قدر الإمكان تجنب موضوع استيراد النقد من الخارج، بسبب التكاليف.
وفشل بنك إسرائيل خلال الشهرين الماضيين، من خفض سعر صرف الشيكل الإسرائيلي مقابل الدولار الأمريكي، بهدف تعزيز الصادرات الإسرائيلية إلى الخارج.
وأظهر تقرير الاحتياطات الأجنبية الصادر عن بنك إسرائيل (البنك المركزي) الأسبوع الماضي، صعود احتياطات البلاد من النقد الأجنبي بنسبة 8.7% في مارس/ آذار الماضي، على أساس سنوي، إلى 103.291 مليار دولار أمريكي.
وعلى أساس شهري، واصل احتياطي النقد الأجنبي تسجيل مستويات جديدة هي الأعلى في تاريخ البنك، ارتفاعاً من 102.020 مليار دولار أمريكي في فبراير/ شباط 2017.
وهبط الدولار الأمريكي خلال الاسابيع الماضية، إلى أدنى مستوى أمام الشيكل منذ عامين ونصف، وبالتحديد منذ أغسطس/ آب 2014، إلى 3.609 شيكل/ دولار واحد، مقارنة مع 3.68 شيكل كمتوسط في في فبراير/ شباط الفائت، و 3.85 شيكل في الفترة المناظرة من 2016.