رام الله - الاقتصادي - بينما نفذت عديد البنوك العاملة في السوق الفلسطينية، عمليات دمج واستحواذ خلال السنوات القليلة الماضية، تسببت بخفض عدد البنوك إلى 15 بدلاً من 19، تبحث الشركة الفلسطينية للإقراض والتنمية "فاتن" عن حيز لها في القطاع المصرفي المحلي.
ويرى القائمون على "فاتن" أن السوق المحلية بحاجة إلى بنك تنموي مهمته تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، في ظل وجود قطاع مصرفي يقدم ربع قروضه للقطاع الخاص في مجال القروض الاستهلاكية.
إلا أن السوق المصرفية الفلسطينية المكونة من 15 بنكاَ تجارياً وإسلامياً حالياً، تعاني فجوة بين حصصها من السوق المحلية، يسيطر فيها مصرفين اثنين على قرابة 60% من إجمالي موجودات وتسهيلات وودائع القطاع ككل، بينما يتقاسم الـ 13 مصرفاً 40% فقط.
بنك المستقبل للتنمية
يقول المدير العام للشركة الفلسطينية للإقراض والتنمية "فاتن"، أنور الجيوسي، إن فاتن تطمح للتحول إلى بنك تنموي تحت اسم "بنك المستقبل للتنمية"، "والسوق المصرفية في فلسطين بحاجة إلى بنك تنموي يخدم الفئات المنتجة والمهمشة في المجتمع الفلسطيني".
وأضاف في حديث مع الاقتصادي، " سنقدم طلباً لسلطة النقد الفلسطينية للحصول على رخصة بنك المستقبل للتنمية خلال عام أو عامين بحد أقصى، وسنعرض مشاركة الدولة في البنك الذي نطمح لولادته قريباً.. يجب أن يكون هناك بنك تنموي لإقراض الفئات الأقل حظاً".
وبحسب تعليمات سلطة النقد الفلسطينية، فإن الحد الأدنى لرأسمال البنك العامل في السوق الفلسطينية يبلغ 75 مليون دولار أمريكي، وتوقعات برفع الحد الأدنى إلى 100 مليون دولار أمريكي خلال الفترة المقبلة.
وحول قدرة "فاتن" على توفير متطلبات الحصول على رخصة، أشار الجيوسي إلى أن المؤسسة تشكل حصتها قرابة 30% من تمويلات سوق مؤسسات الإقراض الصغير العاملة في السوق المحلية البالغ عددها 8 مؤسسات.
وزاد: "نعمل وفق سياسة وآلية عمل مصرفية بحتة.. على سبيل المثال يبلغ حجم تمويلات فاتن قرابة 120 مليون دولار أمريكي، من إجمالي تمويلات مؤسسات الإقراض العاملة في السوق المحلية البالغة 240 مليون دولار أمريكي، موزعة على 90 ألف مقترض".
ويبلغ عدد المقترضين من البنوك العاملة في فلسطين، قرابة 150 ألف مقترض، حصلوا على قروض بقيمة إجمالي تبلغ 5.447 مليار دولار أمريكي (دون احتساب القروض المقدمة للحكومة الفلسطينية البالغة 1.3 مليار دولار).
يذكر أن واحداً من أهداف قرار سلطة النقد رفع رأسمال البنوك العاملة في فلسطين، هو تقليص عدد المصارف في السوق، ما يجعل فرصة طرح رخصة لبنك جديد في السوق المحلية ضئيلة
ويعمل في مؤسسة فاتن لتمويل المشاريع الصغيرة، قرابة 300 موظف في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، موزعين على 10 فروع في قطاع غزة و 27 فرعاً في الضفة الغربية.
وزاد مدير "فاتن": "في الوقت الحالي ينقصنا للتحول إلى بنك إلى جانب الترخيص، بعض الإعداد الداخلي كالنظام المالي ومقر.. بدأنا في إنشاء مقر جديد سينتهي في غضون عامين.. ونحتاج إلى تعاون من الجهات المسؤولة".
وأكد أن "فاتن" ستعمل خلال الفترة القريبة المقبلة، التواصل مع عديد المؤسسات والصناديق الغربية الأوروبية، للمساهمة في حقوق ملكية البنك الذي نطمح لتأسيسه، وهي مؤسسات مؤمنة برسالة فاتن والبنك الذي سيحمل هويتها.
وأشار إلى أن البنك سيهدف إلى تشجيع التوفير، "ليس فقط سنعمل على تقديم التمويلات، بل تعليم المقترض على التوفير أيضاً.. ونستغل هذه التوفيرات لتقديمها على شكل قروض"
فوائد مرتفعة
واعترف الجيوسي بارتفاع نسبة الفوائد على القروض المقدمة من جانب مؤسسات الإقراض الصغير في فلسطين بشكل عام، مقارنة مع بعض أصناف القروض التي تقدمها البنوك العاملة في فلسطين.
"طبيعي أن تكون الفوائد المقدمة من مؤسسات الإقراض مرتفعة، لسبب أن تكلفة الإقراض والمخاطرة أعلى من تلك المقدمة في البنوك، نحن نقترض من البنوك بفوائد تزيد عن 5%، ونعيد إقراض هذه الأموال ونحمل جزءاً من المخاطرة"، بحسب الجيوسي.
وقال إنه من الوضع الطبيعي أن تكون فوائدها مرتفعة، لوجود مبررات أخرى إلى جانب تكلفة التمويل، "أهمها أننا لا نأخذ توفيرات من المواطنين.. نتمنى أن يسمح لمؤسسات الإقراض الحصول على توفيرات من المواطنين".
وتصل نسب الفائدة لقروض مؤسسات الإقراض الصغير في السوق الفلسطينية 25%، إلا أن الجيوسي يرى أنها أقل من نظيرتها العربية والعالمية، "في الأردن على سبيل المثال تصل إلى 35%.. بل إننا أرخص من بعض البنوك التي تقدم بعض الفوائد بنسبة 18% بينما نحن نقدم ذات القرض بـ 6%".
كان وزير المالية شكري بشارة، وجه في يناير/ كانون ثاني الماضي نقداً للقطاع المصرفي الفلسطيني، بسبب الفوائد المرتفعة التي تقدمها البنوك للمقترضين، مشيراً أن 8% - 9% نسبة فوائد مرتفعة، داعياً سلطة النقد لخفض نسبة الفوائد.
وانضمت مؤسسات الإقراض الصغير العاملة في فلسطين، تحت مظلة سلطة النقد الفلسطينية، التي أصبحت هي المؤسسة المنظمة والمراقبة على أداء هذه المؤسسات في السوق المحلية.
العلاقة مع البنوك وسلطة النقد
وتحصل مؤسسات الإقراض الصغير في السوق الفلسطينية، على أموالها من البنوك العاملة على شكل قروض وتعيد إقراضها للمواطنين في أسواق الضفة الغربية وقطاع غزة، بنسب فوائد أعلى.
ويقول الجيوسي: "أيضاً نحصل في فاتن على التمويل من بعض الصناديق الأوروبية، التي للأسف تقدم لنا التمويلات بنسب فوائد أقل من البنوك العاملة في السوق المحلية.. كنا نتمنى أن تكون الصناديق العربية والبنوك العاملة هي القنوات الأبرز، لكن تمويلاتها لنا مكلفة جداً".
وأكد أن "فاتن" بالتحديد ومؤسسات الإقراض لم تحصل على دولار واحد كمنح مالية، "بل حتى لم نحصل على تمويلات بنسب فوائد منخفضة.. وهذا أحد أسباب ارتفاع نسب الفوائد التي تقدمها مؤسسات الإقراض".
ورفض الجيوسي أن تكون علاقة البنوك بمؤسسات الإقراض سيئة، "على العكس هذه علاقة تنافسية نحن نقدم قروض وتمويلات وفق أحكام الشريعة الإسلامية.. برأيي الشخصي العلاقة بيننا وبينهم يجب أن تكون تكاملية".
وأشار إلى أن واحدة من أهم ميزات الانضمام تحت مظلة سلة النقد الفلسطينية، هو الاستعلام الائتماني، "الذي يمكننا من التعرف إلى وضع المقترض الائتماني سواء في البنوك العاملة ومؤسسات الإقراض الصغير المنافسة".
وبحسب سلطة النقد الفلسطينية، فإن مؤسسات الإقراض الإقراض الصغير في فلسطين هي شركة أصالة للتنمية والإقراض، والشركة الفلسطينية للإقراض والتنمية "فاتن"، شركة أكاد للتمويل والتنمية، وشركة فيتاس - فلسطين، وشركة إبداع فلسطين للتمويل متناهي الصغر، وشركة ريف للتمويل الصغير.