حكاية الفتوش : في أواخر شهر آذار العام 1862 هرب عدد من المسيحيين من جبل لبنان من المذابح التي تعرضوا لها. وقد توجهوا إلى مدينة زحلة عند دارة آل السكاف وآل فتوش وكانوا من الإقطاعيين.
وكان لدى استقبالهم في دارة آل فتوش مائدة عامرة بأنواع الأطعمة من لحوم وطيور وأطباق عديدة. بيد أن أهل الجبل كانوا نذروا الصوم قبل وصولهم إلى بر الأمان، لذلك لم يتمكنوا من تناول اللحوم واكتفوا بما وجدوا من خضار وأكلات نباتية . فالزمن هو زمن الصوم الكبير الذي يسبق عيد الفصح (وكان عيد الفصح في ذلك العام بتاريخ الأحد 20 نيسان 1862).
وبالإضافة إلى ما تقدم من أطباق، وضع المضيفون أطباقا من السلطات كالتبولة والمتبل والبامية وطبقاً من سلطة الخضار. أخذ بعض المدعوين يأكل من أطباق السلطات مغمسا بالخبز، وعندما بدأ يأكل سلطة الخضار بالخبز صار أحد الحاضرين من آل سكاف يضحك ويقول لصاحب البيت:" فتوش، شوف ضيوفك عمياكلو السلطة بالخبز. هيدي أكلة جديدة".
حينئذٍ قال البطريرك غريغوريوس يوسف (رئيس بطريركية أنطاكية والإسكندرية واورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك): "خلص منسميها فتوش ومناكلها بأيام الصوم الكبير"
وقد صادف ذلك التاريخ أواخر شهر رمضان من العام 1278 هجرية، وهو شهر صوم المسلمين، فأخذ جيران زحلة في القرى الإسلامية فكرة طبق الفتوش وجعلوه مرتبطاً بصومهم في شهر رمضان المبارك. وقد استمرت هذه العادة حتى يومنا هذا، لذلك قلما ترى مائدة رمضانية في بلاد الشام تخلو من طبق الفتوش.
(ومن المعلوم أن اسم عائلة فتوش مشتق من اللغة التركية وهو اسم الدلع لاسم فاطمة (Fatma : Fatuş) لأن آل فتوش هم في الأصل من العائلات التي استوطنت سهل البقاع أبان الحكم الفاطمي، وهم من عرب الجزيرة وينتسبون إلى بني قريش. وقد اعتنقوا المسيحية في مطلع القرن الثامن عشر مع وصول البعثات التبشيرية الكاثوليكية.