د.ماهر تيسير الطباع
يأتي شهر رمضان للعام التاسع على التوالى في ظل استمرار وتشديد الحصار المفروض على قطاع غزة، وتختلف أجواء هذا العام عن الأعوام السابقة, حيث يحمل لنا شهر رمضان الحالي ذكريات العام الماضى الأليمة, حيث شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانة الثالث على قطاع غزة مع بدء الأسبوع الثاني من شهر رمضان الكريم, وتسبب العدوان باختفاء الأجواء والمظاهر الرمضانية والتي استبدلت بأجواء الخوف والقصف والدمار والدماء, بالإضافة إلى المعاناة والآلام التي تسببتها لأهالي الشهداء والجرحى وآلاف المشردين ممن تدمرت منازلهم خلال العدوان، ومازالوا يقطنون بالمدارس والكرفانات ويواجهون حياة معيشية قاسية.
كما يأتي شهر رمضان في ظل استمرار الانقسام، وعدم الوفاق، وتفاقم أوضاع وأزمات المواطنين في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يمر بها قطاع غزة لم يسبق لها مثيل خلال العقود الأخيرة , حيث أن استمرار وتشديد الحصار الظالم ومنع دخول كافة احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع المختلفة وأهمها مواد البناء والتي تعتبر المشغل والمحرك الرئيسي للعجلة الاقتصادية في قطاع غزة والتى أدى منعها ودخولها فقط وفق الآلية الدولية إلى تعثر عملية إعادة الإعمار.
وترتفع معدلات الاستهلاك من قبل المواطنين في شهر رمضان الكريم، ما يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على كاهل المواطنين معدومي الدخل, وتكثر احتياجات المواطنين وتتضاعف المصاريف في هذا الشهر الكريم من خلال الموائد الرمضانية المختلفة، والتزاماتهم من النواحي الاجتماعية والعائلية في ظل تفاقم أزمة البطالة والفقر، حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل جنوني وبلغت نسبتها 55% وارتفع عدد العاطلين عن العمل لأكثر من ربع مليون شخص, وأصبح ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة دون دخل يومي، وهذا يشكل 60% من إجمالى السكان, بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 39% من إجمالى عدد السكان وانتشار ظاهرة الفقر المدقع والتى بلغت نسبتها 21%.
ويأتي شهر رمضان والأسواق مصابة بحالة كساد وركود اقتصادي في كافة الأنشطة الاقتصادية وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني من ضعف في المبيعات نتيجة لضعف القدرة الشرائية لدي المواطنين, وأصبحت الاسواق التجارية خالية ومهجورة من الزبائن .
إن استمرار الوضع على ما هو علية سيكبد التجار والمستوردين ورجال الأعمال خسائر فادحة في الفترة القادمة, ولن يستطيعوا تغطية مصاريفهم الجارية الثابتة نتيجة الانخفاض الحاد في مبيعاتهم اليومية.
والسؤال المهم الذي يراود المواطنين, هل يأتي شهر رمضان القادم وقد تغير حال قطاع غزة للأفضل أم لا ؟
*خبير ومحلل اقتصادي