عمان - الاقتصادي - (العربي الجديد) - زاد الحديث في الأوساط الأردنية مؤخراً، حول احتمالية اتجاه الحكومة لفك ارتباط الدينار بالدولار الأميركي، ما أربك الجهاز المصرفي وحفّز مودعين على سحب مدخراتهم من البنوك وتحويلها للعملة الصعبة، تحسبا لانهيار عملتهم المحلية إذا ما صدقت الشائعات بشأن تحريرها.
وتترد شائعات كهذه بين حين وآخر في المملكة، رغم التأكيدات المتواترة من جانب المسؤولين حول عزم وجود أية نية رسمية لتغيير السياسة النقدية للدولة، خاصة الشق المتعلق بفك ارتباط الدينار بالدولار الأميركي، وهو النظام المعمول به منذ أكثر من عقدين ونصف العقد.
ويعزز هذه الأحاديث التي يزيد ترددها بشكل كبير بين أصحاب المدخرات بالعملة المحلية وكذا أصحاب الأصول، توجه بلدان كثيرة في المنطقة إلى تحرير أسعار صرف عملاتها أو اللجوء إلى خفضها بنسب كبيرة تماشيا مع الانهيار الحاصل في أغلب مؤشرات الاقتصاد بالمنطقة، بسبب القلاقل السياسية والأمنية، وأزمة النفط.
وعلى مدار السنة الماضية، انخفضت بنسب متفاوتة عملات مصر وليبيا وسورية واليمن والعراق وتونس والمغرب والسودان والجزائر.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، يثبّت الأردن عملته المحلية عند 1.41 دولار أميركي للدينار الواحد، وهي السياسة النقدية ذاتها التي تعتمدها دول مجلس التعاون الخليجي الست.
أضرار بالغة
يعتقد خبراء ومسؤولون أردنيون بوجود جهات تحاول تقويض الاستقرار الاقتصادي بالمملكة من خلال إطلاق شائعات من وقت لآخر حول الدينار واحتمال تخفيض سعر صرفه عبر فك ارتباطه بالدولار الأميركي.
وقالوا إن مثل هذه الشائعات وإن كانت غير صحيحة، لكنها تخلق حالة من القلق لدى المواطنين والمستثمرين وتؤثر على الوضع الاقتصادي، فالاستثمار في حد ذاته قرار مبني على الثقة الكاملة واليقين.
ويستبعد مراقبون ومسؤولون فك ربط سعر صرف الدينار أمام الدولار في المستقبل القريب نظرا للأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الأردن هذه الفترة.
لكن مراقبين يرون أن استمرار تبعية الدينار للدولار، رغم إيجابياتها في بعض الأحيان، إلا أنها تجعل قرارات السياسة النقدية رهينة لقرارات البنك الفدرالي الأميركي.
ويضطر المصرف المركزي الأردني لاتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة من حيث زيادتها او تخفيضها تبعا لقرارات الفدرالي الأميركي، رغم أن ذلك لا يكون أحيانا في صالح الاقتصاد.
ورفع المصرف الأردني أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية العام الماضي بواقع 25 نقطة أساس، تماشيا مع قرار مماثل للفدرالي الأميركي.
تأكيدات رسمية
قال رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي مؤخراً، إن الدينار الأردني قوي ومستقر وفي وضع مطمئن، وإن مجرد الحديث عن وضع الدينار ليس واردًا على الإطلاق، مضيفا أن احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية بازدياد مستمر ووصلت حاليا إلى أكثر من 12 مليار دولار.
وقال إن الدينار الأردني مربوط بالدولار منذ عام 1995 بسعر صرف ثابت، مؤكدا أنه لا نية لتغيير هذه السياسة.
ونبه رئيس الوزراء إلى خطورة الاستماع لمثل هذه الشائعات بشأن وضع الدينار متهما بعض أصحاب المصالح الخاصة الذين يستفيدون من تغيير العملة ونسب المرابحة.
وقال النائب أحمد الصفدي، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، لـ "العربي الجديد": "تغيير السياسة النقدية للأردن غير وارد وغير مطروح إطلاقا لا على الأجندة التنفيذية ولا على الأجندة التشريعية".
وأضاف أن مصلحة الاقتصاد الأردني تقتضي استمرار ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار كون هذا النظام أثبت فاعليته وقدرته على تعزيز أركان الاستقرار النقدي في البلاد.
وقال النائب: "بدون شك، فإن إطلاق الشائعات من حين لآخر حول وضع الدينار يُحدث إرباكا واضحا وخاصة بالنسبة لأصحاب الودائع والمستثمرين".
وأكد أهمية الكف عن تداول معلومات ليست في مكانها عن وضع الدينار الأردني الذي يحافظ على سعر صرفه أمام الدولار بحكم سياسة الارتباط بينهما منذ أكثر من ربع قرن.
قلق المودعين
أثارت الشائعات حول نية الحكومة تخفيض سعر صرف الدينار وفك ارتباطه بالدولار، الذعر لدى المودعين في البنوك. ويقول مصرفيون، إن أصحاب الودائع بالدينار يسارعون مع كل شائعة إلى سحب أموالهم من البنوك وتحويلها إلى العملات الرئيسية خاصة الدولار؛ لتفادي أية تطورات على سعر صرف العملة الأردنية، ما يخل بحجم الودائع لدى الجهاز المصرفي.
وقال البنك المركزي الأردني في تقرير حديث، إن إجمالي الودائع بالعملات الأجنبية في الجهاز المصرفي ارتفع بمقدار 557 مليون دولار وبنسبة 5.3% خلال العام الماضي 2016، في المقابل انخفض حجم الودائع بالدينار الأردني بمقدار 75 مليون دولار.
وبلغ إجمالي حجم الودائع في نهاية العام الماضي 47 مليار دولار.
ارتباط دولي
أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ "العربي الجديد" أن محور العملية الإصلاحية الاقتصادية في الأردن تركز على استقرار سعر صرف الدينار وعلى هذا الأساس بنت الحكومة علاقات بلادها مع المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية ولاسيما صندوق النقد والبنك الدوليين.
وأضاف أن هذه السياسات وإن كانت حققت نتائج إيجابية إلا أنها في جانب آخر أثقلت كاهل المواطنين من خلال تنفيذ متطلبات الإصلاح الاقتصادي وما نجم عنه من رفع للضرائب وزيادة للأسعار.
وقال إن المواطنين والمستثمرين تحملوا كثيرا تبعات برامج الإصلاح الاقتصادي التي طبقها الأردن بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين.
وكان الأردن قد اتخذ الشهر الماضي حزمة إجراءات جديدة تمثلت بزيادة ضريبة المبيعات وفرض رسوم على بعض السلع استجابة لصندوق النقد الدولي.
وقال الخبير الاقتصادي عايش إن من نتائج ربط الدينار بالدولار هو استمرار الأردن بالاحتفاظ باحتياطي مريح من العملات الأجنبية، مضيفا أن هذا المستوى من احتياطي النقد بالعملة الصعبة، يعد جيدا بالنسبة لدولة مثل الأردن ويكفي لتغطية الواردات لفترة تزيد على 6 أشهر.