غزة - الاقتصادي - إسلام أبو الهوى - يخلف الاحتلال بعد كل هجمة عسكرية المئات من الذين انضموا إلى قافلة أصحاب الإعاقة حركياً، بفعل الضربات الصاروخية التي لم تفرق بين كبير وصغير، وطالت المواطنين في منازلهم الذين اعتقدوا أنهم في مأمن من تلك الهجمات الشرسة.
تلك الحروب خلفت المئات من المعاقين الذين أصبحوا غير قادرين على الحركة كما كان الأمر سابقاً إلى جانب الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين كُتب لهم أن يعيشوا الحياة منذ بدايتها محملين بهموم البحث عن وسيلة مساعدة للتحرك وتلبية احتياجاتهم.
وتكشف أرقام الجهاز المركزي للإحصاءات عن وجود 44 ألف شخص يعانون من اعاقات مختلفة في قطاع غزة، حيث تحتل نسبة المعاقين حركياً 30% من إجمالي المعاقين.
لم يكن أولئك الذين هم بحاجة للمساعدة بمنأى عن الطالبات الخمسة لما خطاب ،سماح القيشاوي، فلسطين البسيوني ،أمل العرايشي، ودينا الحلبي، اللاتي اجتهدن لصناعة اختراع جديد يتيح لكل من يعاني من "الإعاقة الحركية " أن يصبح قادراً على التحرك بكرسي متحرك دون الحاجة لاستخدام اليدين في دفع الكرسي، أو الاستعانة بشخص أخر لدفع ذلك الكرسي لينجح الفريق الخماسي من الوصول إلى فكرة تكوين كرسي كهربائي متحرك يتم التحكم فيه من خلال الصوت.
الفريق المكون من خمس طالبات من كلية غزة للتدريب التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أطلقن على فكرة مشروعهم اسم "صوتي خطوتي"، والذي يهدف إلى توفير كرسي كهربائي متحرك يتم التحكم به من خلال بصمة الصوت واليد لتسهيل مهمة مستخدميه في التحكم به والتحرك بالاتجاهات بجميع المختلفة.
تقول المهندسات للاقتصادي، "واجهنا الكثير من الصعوبات خلال فترة العمل للوصول إلى الشكل النهائي والتي استغرقت أكثر من أربعة أشهر.. عانينا خلالها من نقص حاد في الاحتياجات اللازمة لصناعة الكرسي الكهربائي بسبب الاغلاق المتكرر للمعابر والإجراءات الأمنية المشددة من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
ودفع الحصار، الغزيات الخمس، إلى شراء الكثير من المواد والقطع الإلكترونية من خارج القطاع وادخالها بصعوبة بالغة بسعر مضاعف عن أسعارها الأساسية، بسبب منع الاحتلال ادخالها إلى قطاع غزة والاستعانة ببعض القطع المحلية.
وتسبب الإغلاق الإسرائيلي، في تأخر الخروج بالتصور النهائي للكرسي على الورق ومجسماً، الذي استغرق أربعة أشهر بعدما كانت الفترة الزمنية المحددة شهرين لإنهاء المشروع.
ويؤكد الفريق: "أن الهدف وراء ابتكار الكرسي هو الدافع الإنساني بشكل أساسي لمساعدة من يعانون من مرضى الشلل أو من فقدوا أطرافهم بعد تعرضهم للإصابات البالغة في الحروب التي شنها الاحتلال على غزة خلال السنوات الثمانية الماضية".
ويوضح الفريق فكرة الكرسي الكهربائي والذي يهدف من خلال استخدامه إلى تحقيق مزيد من الراحة للمعاقين، وتسهيل عملية تنقلهم لكافة الأماكن دون الحاجة للمساعدة، إلى جانب التخفيف من الأعباء الاقتصادية التي يعاني منها المعاقون وعائلاتهم في توفير كراسي متحركة.
ويلفت الفريق في حديثه للاقتصادي إلى أن الكرسي يعتمد بشكل أساسي على بصمة الصوت الخاصة بالمستخدم ويمكنه اعتماد اللغة التي يريدها، ويقوم الفريق على تدريب الشخص المستخدم للكرسي على نبرة صوت معينة وتسجيلها عليه خاصة وأن الكرسي لا ينفذ أي أوامر إلا بعد تطابق بين الصوت القادم إليه والصوت المسجل فيه مسبقاً ولا يمكن لشخص أخر التحكم به.
ويضيف الفريق: "الكرسي صُمم بوظيفة اضافية لتحقيق الراحة للمستخدم وهذا ما يجعله يحصل على الراحة والسهولة في الحركات، حيث يتمكن الكرسي من تحويل الأوامر الصوتية إلى أوامر حركية حسب الاتجاه المراد إليه من خلال تطبيق على الهاتف المحمول إلى الروبوت".
ويتميز النظام الصوتي حسب تأكيد الخريجات من تخصص هندسة الكهروميكانيا باستقبال البصمة سواء باللغة العربية أو الإنجليزية أو حتى في حالة استخدام اللغة المحلية للمستخدم حسب ما يتم ضبطه مسبقاً على التطبيق الخاص بالهاتف.
وواجهت الطالبات عدة صعوبات خلال تجربة الكرسي أبرزها أن عملية استقبال الأوامر الصوتية وسط الضوضاء، إلا أنهم نجحوا في المعالجة بواسطة استخدام تطبيق خاص يساعد في وصول الأوامر الصوتية الخاصة ببصمة الصوت التي يتم حفظها مسبقاً.
وتتوقع الطالبات الخمسة أن لا تزيد تكلفة الكرسي الكهربائي الجديد عن ثلاثة آلاف دولار أمريكي، وهو مناسب جداً مقارنة بالأسعار الباهظة التي تُباع بها الكراسي المتحركة والتي تفتقد للكثير من المزايا المساعدة للمستخدمين.
وحصد المشروع المركز الأول في مسابقة الحاضنة التكنولوجية التابعة للكلية الجامعية للعلوم التطبيقية والتي أقيمت في اليوم الدولي للفتيات بالتعاون مع منظمة أوكسفام وتمويل الوكالة الدنماركية للتنمية الدولية "دانيد"، إلى جانب المشاركة في معرض إكسبوتك 2016 وحظي بإشادة واسعة من الخبراء والزائرين.