رام الله- نابلس- الاقتصادي- اتكأ براء أبو عمر، الذي لم يبلغ سبع سنوات من عمره بعد، متحمسًا على واجهة المطعم الزجاجية، منتظرًا أن يجهّز له صاحب المطعم القريب من بيته، سندويشة الفلافل التي طلبها ليسّد بها جوعه، وراح الطفل الجائع يحدق بأصناف السلطات التي كان سيطلبها.

لكن، عندما أخرج صاحب المطعم رغيف الخبز من الكيس، الذي كتب عليه اسم أحد مخابز مدينة نابلس، انقلب الحماس الذي ارتسم على وجه براء إلى نظرة توحي بخيبة أمل، وسأل: "عم، ألا تبدّل لي الرغيف بواحد أكبر؟ فهذا لن يشبعني".

حاول صاحب المطعم إيجاد رغيف أكبر، لكن للأسف كانت كلّها بالحجم نفسه، أرغفة خبز لا تسمن ولا تغني من جوع... خيبة الأمل التي بدت على ملامح "براء"، يجب أن تدفعنا للتساؤل: "لماذا يغيرون حجم الخبز؟!".

أحجام الرغيف تختلف من مخبز لآخر

للإجابة عن هذا التساؤل، اتجهنا إلى أحد مخابز مدينة رام الله المزدحمة، واستقبلنا هناك صاحب المخبز، أبو عيسى، الذي أخذنا في جولة إلى أقسام المخبز (الفرن)، ثم أجاب ردًا على سؤالنا: "عندما نتحدث عن الخبز "الكماج"، فمن المعروف أن هناك حجمين، الكبير، للاستهلاك المنزلي، والصغير لاستخدام المطاعم، إلا أن هذه الأحجام من المفروض أن تكون معيارية ومعروفة في كل الأفران والمخابز، فمثلاً، عندما نتحدث عن الرغيف الصغير، فإن (16) رغيف يساوي كيلوغرام من الخبز، إلا أن هناك العديد من المخابز والأفران التي تتلاعب في أحجام الأرغفة، فهناك جهات تبيع (18) رغيفًا بالسعر نفسه وبحجم مختلف، للحصول على ربح أكبر، وهذا بالطبع يعود لضمير أصحاب المخابز".

وأضاف: "جهات رسمية، مثل وزارة الاقتصاد، حدّدت معايير متعلقة ببيع الخبز، للمحافظة على ربح التجار ومصلحة المستهلك، مثل سعر الكيلوغرام، أو عدد حجم الخبز، وعدد الأرغفة في الكيلوغرام، إلا أن هناك تباينا بين المحافظات وحتى داخل المدينة الواحدة، في كيفية توزين الخبز، وهذا ما يسبب الإرباك ويسهّل عمليات الغش".

ويتابع: "هناك أكثر من 250 مخبزا في الضفة الغربية وحدها، لذا من الصعب تطبيق هذه المعايير في المخابز كلّها، وبخاصة مع تواجد بعضها في مناطق نائية".

أصحاب المطاعم يناشدون: "يا جماعة اشي ومنه!"

رائد صالح، الذي يمتلك مطعمًا في وسط البلد في مدينة نابلس يقول: "بعض المخابز تبيعنا 4 أرغفة بشيقل، في حين أخرى تبيعنا اثنتين بشيقل، رغم الاختلاف الضئيل في حجمها، فمن يقرر ذلك؟ ولماذا لا يستقرون على سعر محدد؟"، ويتابع: "نتفهم أن الغلاء طال كل القطاعات، لكن على أصحاب الأفران والمخابز أن يدركوا أننا نسعى أيضًا لتحقيق الربح، لذا نطالب بتوضيح آلية تسعير الخبز".

ويقول أحد العاملين في مخبز "الأمين" في رام الله أنه "لا يوجد أي لبس في آلية تسعير الخبز، ولا يوجد هناك مجال للتلاعب في الأسعار أو للغش، فالكيلو يباع بأربعة شواقل، ويعادل (16) رغيفا، وهذا أمر متعارف عليه، وحتى إن اختلف وزن الأرغفة، فإن الحجم يلعب دورًا أيضًا في التسعير".

المستهلك: هل نعّد الأرغفة أم نوزنها؟"

وتشتكي المواطنة أحلام يوسف، من دير بلوط، إحدى القرى القريبة من محافظة سلفيت، من انعدام الالتزام والاخلاقيات لدى الكثير من أصحاب المخابز، وتقول: "بعض الخبازين يحاولون خداع المستهلك، فبعد أن اشتكى المواطنون من الحجم الصغير جدًا للرغيف، صاروا يخبزون أرغفة ذات فتحة واسعة، لذا تكون خفيفة الحجم، فيخدع المواطن بعدد الأرغفة، التي لا تشبع ولا تساوي الكيلوغرام، لذا أحاول دائمًا اللجوء إلى الميزان عندما أشتري الخبز".

وتعقيبًا على ما سبق، يقول محمد شعار: "أعمل في "شركة مخابز الشعار" في طولكرم، وأركز عند بيعي الخبز على الوزن، فأضع بالكيس، الذي يباع بأربعة شواقل، قرابة الـ١٣٣٠غراما، لكن المستهلكين يفضلون الشراء بالعدد، رغم أن الشراء بالوزن أفضل لأن بعض المخابز تخبز الرغيف بسمك السيجارة، وتبيع الـ٢٥ حبة بـ٥ شواقل، وهذا يساوي (١١٢٠) غراما.