يبيعون طفولتهم بـ"دراهم" معدودة!
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.04(3.70%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.27(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.85(3.66%)   ARKAAN: 1.29(0.00%)   AZIZA: 2.84(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.73(0.27%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.53( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.68(4.00%)   NIC: 3.00(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.78(1.27%)   PADICO: 1.00(0.99%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.91(0.00%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.09(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.06(%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.20(0.00%)   TPIC: 1.95(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(0.00%)  
12:00 صباحاً 25 آذار 2015

يبيعون طفولتهم بـ"دراهم" معدودة!

غزة- الاقتصادي- اسلام أبو الهوى- كان عمر(اسم مستعار) يقف بجوار أحد الإشارات الضوئية في مدينة غزة حاملا بين يديه الصغيرتين قطعا من الحلوى والسكاكر يعرضها على هذه الحافلة أو تلك السيارة متوسلا لأصحابها أن يشتروا ما لديه من بضاعة. أخذ يجري من اتجاه إلى آخر غير آبه بحركة السيارات المندفعة لتجاوز الإشارة الضوئية في لحظاته الأخيرة معرضّا نفسه لخطر أن تدوسه عجلات هذه السيارات. كان ينجح أحيانا في إقناع الزبائن بشراء السكاكر وغالبا ما كانوا يشحون وجوهم عنه دون أن تصدر عنه أية إشارة احتجاج أو غضب. وكأنه إعتاد على التصرفات وحين اقتربنا منه تهللت أسارير وجهه معتقدا أننا ننوي الشراء منه لكن قسمات وجهه عادت لطبيعتها الحزينة مع معرفته بغايتنا، قائلا" كثيرا ما سألني الصحفيون أمثالكم ولكنهم لم يغيروا في واقعنا شيئا، يسمعون كلماتي ويلتقطون الصور ويغيبون". وبعد برهة أردف يقول "أحاول أن أجمع شيئا من النقود لإعالة أسرتي وأبي المريض وغالبا ما أعود والحمد لله ببعض الشواقل التي تسد جزءا من احتياجاتنا".
 
ويعيل الطفل عمر أسرة متوسطة العدد مكونة من 7 أفراد جلهم الأطفال الصغار بعد أن كان يعيلهم الأب الذي لم يعد قادرا على العمل ليدفع بابنه الأكبر للبيع والشراء في الشوارع. وقال عمر: أسمع كثيرا من الإهانات والتعليقات الساخرة من شبان مستهترين، لكن كثيرا من الناس يرأفون بحالتي ويشترون مني رغم أنهم لا يكونوا في حاجة لتلك السكاكر والحلويات، وكثيرا أيضا ما أسمع كلمات الدعم والمواساة من النساء كبيرات السن اللواتي يقون بصوت أسمعه "الله يعينك ويصبر أهلك". وأعود إلى بيتي والكلمات ترن في أذني محاولا النسيان لكنني وفي اليوم التالي أعود إلى نفس الموال وإلى نفس الروتين.
 
وتبدو قصة الطفل عمر نموذجا لعشرات بل لمئات الأطفال الذين ينتشرون في مناطق مختلفة من غزة يعملون بأجر زهيد في هذه الورشة أو تلك أو يبيعون اشياء صغيرة على مفترقات الطرق وفي الشوارع. في مشهد يدلل على حجم المأساة التي يعاني منا قطاع كبير من الأطفال الذين يعملون في ظروف قاسية وغير ملائمة. وتبدو قصص هؤلاء الاطفال متكررة ومتشابهة منذ سنوات طويلة رغم الوعود التي طالما أطبقها المسؤولون في الوزارات والمؤسسات المختلفة فباتت عمالة الأطفال تشكل ركنا أسودا من حياة هذه المجتمع. اذًا من هو المسؤول عن استمرار هذه الظاهرة كل هذه السنوات؟ ولماذا فشلت المؤسسات والوزارات المعنية في الحد من هذه الظاهرة ووضع الحلول المناسبة لها. ؟
 
وقبل هذا وذاك ما حجم هذه الظاهرة وكيف يراها المسؤولون وماذا يفعلون لحلها؟ هذه الاسئلة والاستفسارات وضعتها "القدس الاقتصادي" أمام عدد من المسؤولين وصناع القرار في محاولة لتسليط لضوء سعيا لإيجاد حلول مناسبة وعملية له. في هذا السياق قال نضال غبن مدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين إن عمل الأطفال في قطاع غزه من أكثر الظواهر التي تثير القلق والتوجس خاصة في ظل انتشارها المتواصل، رغم ما تتركه من انتهاكات واسعة على حقوق الأطفال، مشيرا إلى التأثير السلبي لتجارب دول عديدة ومدى التأثير السلبي لهذه الظاهرة، على البنية الاجتماعية والسياسية لتلك الدول، وعلى مستقبل الأجيال القادمة فيها، إضافة إلى أنها تشكل انتهاكا لأبسط حقوق الطفل.
 
وأشار إلى أن مركز الديمقراطية وحقوق العاملين يقوم بعمل دراسة في قطاع غزة عن عمالة الأطفال ليتبين إن كان بالإمكان الإطلاق عليها بأنها ظاهرة ولكن وزارة الداخلية في غزة أعاقت هذا الموضوع ما جعل المركز يأخذ عينة عشوائية ويتعامل معها وقد بلغ عدد الأطفال حوالي 680 شخصا. وبين أن هناك العديد من المهن التي لم تكن معروفة مسبقا مثل جمع الحصمة وجمع النفايات الصلبة واستخراج الحديد والحصمة من البيوت المهدمة والأنفاق، لافتا إلى أن اقتصاد الأنفاق لم يسهم في تطوير الاقتصاد في قطاع غزة بل حول قطاع غزة إلى سوق استهلاكية تعمها فوضى الأسعار وخلق شريحة من الأغنياء لا تسهم في بناء مشاريع استثمارية إضافة إلى استخدام الأطفال في عمل الأنفاق خلافا لأحكام القانون، خاصة وأن قانون العمل الفلسطيني حظر كليا عمل الأطفال تحت الأرض.
 
وأضاف إلى وجود العديد من العوامل والظروف، التي تجعل عمل الأطفال بقطاع غزه، ينطوي على مخاطر إضافية، خاصة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما أفرزته من بطالة وفقر، تُسهل على أصحاب العمل وممارسة الاستغلال الفاحش ضد الأطفال. ولفت غبن إلى أن الحصار يعد من أبرز أسباب تفاهم هذه الظاهرة والذي تسبب في إغلاق 95% من المنشآت الاقتصادية، ما يقارب 3700 منشأة من أصل 3990 منشأة، جراء منع استيراد المواد الخام، وتصدير المنتجات الصناعية، فيما عملت المنشآت المتبقية بأدنى طاقة إنتاجية مما أضعف من فرص العمل للكبار مما جعلهم يدفهون بأبنائهم

 للعمل. وونوه أن هناك عوامل مساعدة عملت على انتشار الظاهرة متمثلة بغياب الحماية الاجتماعية لأسر الأطفال من الفقر والبطالة، وغياب سيادة القانون، من حيث التعليم الإلزامي والمجاني، وهشاشة الرقابة على أماكن العمل.
 
وأوضح غبن أن لظاهرة عمل الأطفال آثار سلبية، تنعكس على المجتمع والأطفال لاسيما وأن رغبة أصحاب العمل في تحقيق الأرباح تدفعهم لجلب الأطفال لسوق العمل لسهولة استغلالهم. وأضاف أن لهذا الاستغلال أشكال عديدة من أهمها تشغيل الأطفال دون السن المسوح به قانوناً من ناحية أو تشغيلهم وفقا للسن القانوني في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسيا بشروط عمل قاسية ولا إنسانية من ناحية أخرى. وطالب غبن وزارة التربية والتعليم بضرورة تغيير نظام التعليم من خلال تطوير المقررات وتحسين الأداء التربوي داخل المدارس لأن الأساليب المتبعة وأسلوب التوجيه والرعاية مترديا ساهم في تسرب الأطفال وتوجههم إلى سوق العمل، لافتا إلى ضرورة متابعة تطبيق النصوص القانونية الخاصة بتشغيل الأحداث.
 
كما طالب بتفعيل وتعزيز الدور الرقابي لدائرة التفتيش العمالي بوزارة العمل، من خلال توسيع هذه الدائرة والعمل على تدريب وتمكين مفتشي العمل على التعامل مع الأحداث بما ينسجم وأحكام القانون إلى جانب ضرورة إجراء دراسة مسحية شاملة في قطاع غزة حول عمالة الأحداث. في السياق نفسه، قال حسام أحمد من وزارة العمل في غزة إن القطاع شهد خلال سنوات الحصار بروز ظاهرة عمالة الأطفال وذلك في أماكن عدة منها الأنفاق وتكسير الحصمة وغيرها، لافتا إلى أن هذه الظاهرة لم تدم كثيرا بسبب متابعة الحكومة لها. وأضاف أن اتفاقية حقوق الطفل تعتبر بمثابة الدستور العالمي لحقوق الطفل، وهي أول اتفاقية دولية تحدد مفهوم الطفل " كل إنسان لم يبلغ الثامنة عشر من عمره ".
 
وقد أولت الاتفاقية العناية لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي، حيث أكدت المادة(32) فقرة (1) على اعتراف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي. ولفت أحمد إلى أن الحل للحد من هذه الظاهرة يتمثل في فك الحصار عن قطاع غزه لما يسببه من فقر وبطالة وتدني مستوى دخل الأسرة إلى جانب تعديل أحكام قانون العمل لجهة إدماج الأطفال العاملين مع أسرهم والعاملين في مجال الخدمة المنزلية في إطار الحماية القانونية.
 
وشدد على ضرورة إعادة النظر في العقوبات المتعلقة بانتهاك أحكام الفصل الخاص بتشغيل الأحداث لجهة تشديد العقوبات على أصحاب العمل حال مخالفة أحكامه. وطالب بتطبيق التعليم الإلزامي من قبل وزارة التربية والتعليم وزيادة عدد المرشدين الاجتماعيين وتمكينهم من التعاطي مع الأطفال المتسربين بسبب العمل، والعمل على إرجاع جميع الأطفال المتسربين إلي مقاعد الدراسة.
Loading...