نابلس- الاقتصادي- ميساء بشارات- تحضر الطالبة رحيمة عمر (22) عاما لحفلة تخرجها من كلية التمريض في جامعة النجاح الوطنية بشغف كبير وسعادة غامرة بعد مضي اربع سنوات من الدراسة والجهد والتدريب. وتحلم رحيمة خلال الايام القليلة القادمة حصولها على الشهادة الجامعية من أجل التقدم لاحدى مستشفيات الضفة الغربية للحصول على عمل. تقول رحيمة وهي ترتب بثوب تخرجها الذي سترتديه يوم حفلة التخرج الرسمية في الجامعة: "واخيرا سيكلل تعبي في الجامعة وتدخل الفرحة لبيت العائلة فأنا اول بنت تتخرج فيها". وتضيف: "لكني لا اعلم الى متى ستبقى هذه الفرحة، فأنا اخاف ان اصطدم بسوق العمل ولا اجد وظيفة لي كما حصل مع زميلاتي السابقات".
وتبدي الشابة تخوفها من عدم الحصول على وظيفة وأن يذهب تعبها وفرحتها في مهب الريح. ورحيمة طالبة مجتهدة قد استغلت أغلب وقتها في التدريب بمستشفيات وعيادات خاصة وعامة من أجل تطوير قدرتها لتصبح قادرة على مزاولة المهنة بعد التخرج. خوف على المستقبل الوظيفي ويشاطرها الخوف من المستقبل الوظيفي الشاب عرابي محمد طالب الهندسة في نفس الجامعة. يقول عرابي: "اصبحت على ابواب التخرج ولا اعلم إن كنت ساجد عملا مباشرة ام انني سأجلس لانتظر حظي. ويضيف بحسره: "اغلب من يتخرجون لا يجدون عملا ومنهم من يجد عملا بغير تخصصه او يذهب للعمل في المستوطنات الاسرائيلية او داخل اسرائيل".
ويصف عرابي الواقع الوظيفي بالصعب، يقول الشاب: " هذه ماسأة.. عندما نمضي 23 عاما من عمرنا ونحن نتلقى التعليم، منها خمس سنوات في الجامعة، لنخرج في النهاية ولا نجد عملا مناسبا نتكل عليه لبناء مستقبلنا والاعتماد على انفسنا ومساعدة اهالينا". وحسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فان نسبة المشاركة في القوى العاملة للأفراد الذين يحملون مؤهلا علميا دبلوم متوسط فأعلى خلال الربع الاول من هذا العام وصلت الى 79.2% في فلسطين (الضفة الغربية 78.8%، قطاع غزة 79.8)، بينما بلغ معدل البطالة للذين يحملون مؤهلا علميا دبلوم متوسط فاعلى في فلسطين الى 30% (الضفة الغربية 24.7%، قطاع غزة 37%).
وحظي الطلبة من تخصص علم الحاسوب، بأعلى نسبة مشاركة في القوى العاملة خلال الربع الاول بنسبة 86.8%، يليه طلبة تخصص الهندسة والمهن الهندسية 86.2%، ثم الصحافة والاعلام 86.1%، العلوم المعمارية والبناء 83.2%، العلوم الاجتماعية والسلوكية 82.1%، الصحة 81%، العلوم الطبيعية 80.7%، علوم التربية واعداد المعلمين 78.1%، الاعمال التجارية والادارية 77.9%، الرياضيات والاحصاء 77.8%، القانون 76.9%، علوم انسانية 75.2%، وفي باقي التخصصات الاخرى 72%، وسجل طلبة الخدمات الشخصية اقل نسبة مشاركة في القوى العاملة 61.5%. أعلى معدلات بطالة في صفوف خريجي العلوم التربوية بينما سجلت اعلى معدلات البطالة بين صفوف خريجي العلوم التربوية وإعداد المعلمين حيث بلغت 41.2%، يليها خريجي العلوم الاجتماعية والسلوكية 37%، يليها خريجو الصحافة والاعلام 32.7%، العلوم الطبيعية 32.4%، العلوم الانسانية 32.3%، علم الحاسوب 32.1%، الاعمال التجارية والادارية 26.9%، العلوم المعمارية والبناء 24%، الهندسة والمهن الهندسية 21.9%، الصحة 21.8%، الرياضيات والاحصاء 21.4%، وفي باقي التخصصات سجل 30.1%، وسجل خريجو القانون اقل معدلات بطالة 8.5%.
ويقول منذر صلاحات رئيس قسم قواعد البيانات في وزارة التعليم العالي ان عدد الطلبة الخريجين المتوقع تخرجهم من الجامعات الفلسطينية 37 الف طالب وطالبة. ويضيف صلاحات أن عدد الخريجين خلال عام 2012 فاق 35 الف طالبا وطالبة ممن يحملون الدبلوم فاعلى. ويوضح ان عدد الطلبة الذين تخرجوا السنة الماضية من الجامعات بلغ 21740 خريجا، باستثناء جامعة القدس المفتوحة والتي تخرج منها حوالي 7 آلاف طالب وطالبة، ومن الكليات الجامعية 3791 ، ومن الكليات المتوسطة 2940طالبا وطالبة. المطلوب 40 ألف وظيفة سنويا من جانبه، يوضح مدير عام التشغيل في وزارة العمل في رام الله سامر سلامة أن قدرة القطاع العام والخاص والاهلي على تجنيد الشباب الخريجين وغير الخريجين وتشغيلهم لا تتجاوز 15 الف فرصة عمل سنويا، بينما عدد الوافدين لسوق العمل تجاوز 40 الفا، مستثنيا من يعملون لدى اهاليهم وبنظام المياومة. وأشار إلى أن هذا الرقم يتغير من سنة لأخرى، وأن القطاع الحكومي بعيدا عن التربية والتعليم لم يوظف الا اعدادا قليلة خلال السنتين الاخيرتين، وان القطاع الخاص يعتبر المشغل الاول والرئيسي في فلسطين.
ويقول سلامة ان السوق يتغير بتغير الاستثمارات الجديدة، وبفتح المنشآت والتوسع الافقي والعمودي بالمنشآت القديمة، التي من شأنها خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الانتاج. ويشير سلامة إلى أن المطلوب هو تنظيم السوق من اجل اختفاء او تقليل نسبة البطالة في فلسطين، إضافة الى زيادة الاستثمارات وزيادة الانتاج والتي تتطلب شروطا وظروفا معينة تساعد على تشجيع الاستثمار من اجل تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل اكبر، إضافة الى المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق. عدم المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق ويمضي سلامة قائلا انه لا يوجد سياسات مواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، بحيث تفرض على الجامعة فتح تخصصات تناسب السوق او اغلاق تخصصات موجودة والسوق ليس بحاجة لها
. ويرجع سلامة اسباب عدم وجود مثل هذه السياسات الى ان التخصصات الجامعية تعتبر احد مصادر الدخل للجامعات ولذلك هي غير قادرة على اغلاق التخصصات لانها تغطي احتياجاتها وجزء من مصاريفها. ويضيف سلامة ان هناك مشكلة أخرى تتمثل في نوع التعليم وخاصة التعليم المهني والتقني الذي لا يجد اقبالا كبيرا عليه بسبب النظرة المجتمعية الدونية لهذا الاتجاه من التعليم، على الرغم من ان مخرجاته تحظى بفرص العمل بطريقة اسرع من غيرها. ويستطرد سلامة ان هناك خريجين يفتقروا الى المهارات التي تؤهلهم الى الدخول لسوق العمل بشكل افضل واسرع متل مهارات الكتابة والاتصال والتواصل واستخدام الحاسوب. وبلغت نسبة العاطلين عن العمل خلال عام 2012 من حملة المؤهلات العلمية دبلوم متوسط فاعلى 28.9% بزيادة ملحوظة عن النسبة في العام السابق (25.1%) ، وحظي خريجو القانون بادنى نسبة بطالة خلال عام 2012، اذ بلغت نسبة العاطلين عن العمل منهم 13.8% أي انه من بين 100 خريج كان هناك حوالي 14 عاطل عن العمل، فيما سجل خريجو العلوم التربوية واعداد المعلمين اعلى نسبة بطالة عن العمل من بين كافة التخصصات، اذ بلغت حوالي 41.5% خلال عام 2012، كما كانت نسبة العاطلين من خريجي الصحافة والاعلام مرتفعة 38% تقريبا. وقد بلغ معدل البطالة في عام 2012 في الاراضي الفلسطينية 23% (19% في الضفة الغربية، و31% في قطاع غزة)، ويزيد هذا المعدل بمقدار 2.1% مقارنة بعام 2011، وقد جاء ذلك على خلفية ارتفاع معدل البطالة في قطاع غزة خلال عام 2012 بحوالي 2.3% مقارنة مع عام 2011، وارتفاع معدل البطالة في الضفة الغربية بمقدار 1.7 خلال نفس الفترة. وذلك حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني. وكان من اهم مواصفات البطالة في الأراضي الفلسطينية في عام 2012 ارتفاعها في أوساط الشباب حيث بلغ معدل البطالة بينهم من الفئة العمرية 15-24 سمة 38.8%، (62.2% للاناث، 34.5 للذكور).