رام الله - الاقتصادي - (الأناضول) - يتوجه التاجر الفلسطيني محمود فرحات، يومياً، إلى أحد فروع البنوك العاملة في فلسطين، لصرف شيكات بنكية استحق موعد صرفها، قدمها له زبائنه الذين يفضلون تداولها في تنفيذ معاملاتهم المالية.
التاجر "فرحات"، الذي دفع ثمن منزله الذي يعيش فيه عبر نظام الشيكات البنكية أيضاً، يقول إن تداول النقود "الكاش" بين التجار أصبح نادراً مؤخراً وحلت مكانه الشيكات.
وقبل عدة سنوات، أعادت سلطة النقد الفلسطينية (المؤسسة القائمة بأعمال البنك المركزي)، القيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيك البنكي، بإطلاق نظام تصنيفات يفرض ضوابط وعقوبات على متداولي الشيكات البنكية بدون رصيد.
ويفرض النظام، عقوبات تصل إلى وقف إصدار أية شيكات للمتداولين الذين لا تصرف شيكاتهم نتيجة لعدم توفر الرصيد، وتعزيز النظام القضائي بحق المخالفين.
تقرير حصلت عليه الأناضول من سلطة النقد الفلسطينية، أظهر أن العام الماضي شهد تسجيل أعلى قيمة تداول شيكات بنكية للتقاص (الصرف)، بقيمة إجمالية بلغت 13.523 مليار دولار.
وصعدت قيمة الشيكات البنكية العام الماضي، بنسبة 14.6% مقارنة مع أرقام 2015، ارتفاعاً من 11.801 مليار دولار، و 11.7 مليار دولار في 2014، و 11.2 مليار دولار في 2013، و 10.3 مليار دولار في 2012.
ووفق التقرير، بلغ عدد أوراق الشيكات البنكية المقدمة للتقاص خلال العام الماضي، 6.253 مليون ورقة شيك بنكي، بارتفاع قدره 10.11% مقارنة مع العام السابق عليه.
استعادة الثقة بورقة الشيك البنكي في السوق الفلسطينية، دفعت العديد من شركات العقار العاملة في السوق المحلية، إلى تقديم عروض بيع الشقق السكنية أو العقارات التجارية، عبر نظام الشيكات بعيداً عن القروض البنكية.
يقول خالد الفارس، المدير العام لشركة النبالي والفارس للعقارات، ومقرها رام الله وسط الضفة الغربية، إن الشركة تقدم عديد العروض لبيع العقارات باستخدام أوراق الشيكات البنكية.
وأضاف في حديث مع الأناضول، إن "الضوابط والعقوبات الهادفة إلى حفظ حقوق المستفيد من الشيك البنكي، واعتباره أداة سداد مضمونة كانت من أسباب اعتمادنا مبدأ الشيك في معاملاتنا التجارية".
وزاد: "هذا إلى جانب شح السيولة النقدية بين أيدي المواطنين الراغبين في منازل لهم أو عقارات لأغراض التجارة، وعدم قدرتهم على الاقتراض من البنوك لأسباب مختلفة منها عجزهم عن الإيفاء بمتطلبات الحصول على قرض".
إلا أن الفارس، لم يخف وجود نسبة من الشيكات الراجعة (المعادة) لأسباب أهمها عدم كفاية الرصيد (عجز صاحب الشيك عن توفير قيمته في البنك)، "طبعاً هناك نسبة من الشيكات المعادة.. لكنها لا تزيد عن 6% من إجمالي الشيكات المقدمة للتقاص شهرياً".
وقال إن نسبة مبيعات الشركة عبر نظام الشيكات تبلغ نحو 60%، من إجمالي مبيعات العقار لدينا في السوق المحلية.
ومن إجمالي قيمة الشيكات المقدمة للتقاص، بلغت قيمة الشيكات المعادة (الراجعة) خلال العام الماضي 2016، نحو 831 مليون دولار، بعدد 608.6 ألف ورقة شيك.
وارتفعت نسبة قيمة الشيكات المعادة بـ 24% مقارنة مع عدد الشيكات المعادة للعام السابق عليه، صعوداً من 670.4 مليون دولار أمريكي، وبنسبة 6.55% من إجمالي قيمة الشيكات البنكية المقدمة للتقاص للعام الماضي.
وأرجع محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، ارتفاع تداول الشيكات، نتيجة لإعادة الاعتبار للقيمة النقدية للورقة خلال السنوات الماضية.
وأضاف "الشوا" في تصريح للأناضول: "نظام الشيكات والضوابط الناظمة له، والذي يفرض عقوبات على المخالفين، أعاد القيمة الاعتبارية لورقة الشيك.. وهناك أسباب أخرى مرتبطة بالتباطؤ الاقتصادي للبلاد مؤخراً".
وزاد: "مؤخراً واجهنا أجواء سياسية واقتصادية، ولّدت الخوف لدى المواطن الفلسطيني.. ومع ذلك كان هناك إقبال على الشيكات لأن المواطن يشعر بالمحاولات الرسمية لاستعادة الاقتصاد لقوته وانسيابيته".
وشهدت الشهور الأربعة الأخيرة من العام الماضي، ارتفاعاً في وتيرة الشيكات الراجعة لدى البنوك العاملة في فلسطين، بنسبة 13% مقارنة مع الفترة المناظرة من العام الماضي.
ويرى مصرفيون أن حالة الشك وعدم اليقين السياسي ولدت تخوفات في السوق المحلية، التي شهدت ارتفاعاً في نسبة البطالة حتى الربع الثالث من العام الماضي من 27.1% إلى 28.4%، وفق الإحصاء الفلسطيني (حكومي).