مقاربة سياساتية لمعالجة مشكلة البطالة في فلسطين
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.18(1.72%)   AIG: 0.18(5.26%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.29(%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.33(0.75%)   AZIZA: 2.48(3.33%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.50(0.00%)   BPC: 3.80(1.81%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.19(0.00%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.70(2.86%)   JPH: 3.63( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.71(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.65( %)   NIC: 2.95( %)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.76(0.00%)   PADICO: 1.03(0.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.15(0.00%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.07( %)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.93( %)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.14( %)   RSR: 4.50( %)   SAFABANK: 0.80( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.23(0.00%)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 3.00( %)   UCI: 0.43( %)   VOIC: 7.12( %)   WASSEL: 1.07( %)  
10:56 صباحاً 07 كانون الثاني 2017

مقاربة سياساتية لمعالجة مشكلة البطالة في فلسطين

بقلم: سامر سلامة - الوكيل المساعد - وزارة العمل

رام الله - الاقتصادي - اعتمدت الحكومة الفلسطينية وبشكل نهائي أجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022 ليبدأ العمل وفقا لها مع بداية العام الجديد 2017. وبهذا فإن العيون ستبقى شاخصة نحو هذه الأجندة وقدرة الحكومة بكافة أجهزتها من وزارات ومؤسسات عامة وأهلية وخاصة، على تطبيق ما جاء فيها نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية المحددة خلال السنوات القادمة. وأطرح هنا عددا من المقترحات التي من شأنها الخروج من عنق الزجاجة نحو الفضاءات الواسعة من العمل الجاد والمشترك نحو تنفيذ ما جاء في أجندة السياسات الوطنية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الموضوعة.

في البداية علينا أن نعي بأن البطالة هي نتيجة وليست سببا، فهي نتاج طبيعي لعدة أسباب ولكل سبب جذور وتفرعات وتستمر عملية اعادة انتاج تفرع الاسباب الى ان نصل واياها الى الجذور المركزية والتي تقسم الى أسباب داخلية يمكن السيطرة عليها أو خارجية قدرتنا على السيطرة عليها محدودة أو معدومة في بعض الأحيان، يلي ذلك رسم خارطة طريق للمضي قدما في معالجة أسباب البطالة.

فالبداية تبدأ من جذر المشكلة والصعود بالحلول حتى نصل إلى الأغصان. فالمعالجات الاعتيادية السطحية للمشكلة دون التعمق بالحلول لتصل إلى الجذور يفاقم حالة الالتهاب والاحتقان فيها، كمن يعمل على مداواة السرطان بحبة من الأسبرين. وهنا يجدر الإشارة إلى أن كافة التدخلات أو معظمها حتى الآن مصممة لمعالجة قشور المشكلة (على المستوى الجزئي) ولم تصل إلى الجذور (على المستوى الكلي). ومثال ذلك أن الكثير من التدخلات قد صممت لمساعدة الخريجين على إيجاد وظيفة في حين أنه لا يوجد وظائف كافية في السوق. فالأولوية يجب أن تكون لخلق فرص عمل وليس لإيجاد فرص عمل.

وللقيام بعملية تتبع جذور أو مسببات مشكلة البطالة، فإنني أرى أنه من الضروري لا بل لزاما علينا تشكيل فريق عمل من الخبراء (للتفكير الاقتصادي الاستراتيجي) على أن يضم خبراء من كافة الوزارات ذات العلاقة والشركاء الاجتماعيين للبدء الفوري في تتبع أسباب البطالة ومن ثم رسم خارطة طريق للعمل على إيجاد حلول خلاقة للمشكلة. وهذا الفريق من الخبراء يجب أن تكون له صلاحيات واسعة على المستوى الفني وأن يعمل دون أي إعاقة وتوفير كامل الدعم له ليتمكن من إنجاز مهمته بكل مهنية. وإن اقتراحاته يجب أن تكون ملزمة لكافة الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة لكي تقوم بواجبها وفقا للخطة الموضوعة. فالاجتهاد والعفوية هي سيدة الموقف بالنسبة لمقترحات معالجة البطالة ودون الرجوع إلى دراسات أو أبحاث مستفيضة للتأكد من مدى فاعلية هذه السياسات. ومن جانب آخر فإن تداخل الأعمال وتقاطعها وتضاربها بين الوزارات ذات العلاقة ودون تنسيق واضح ومسؤول بعيدا عن المجاملات ما يكون حاضرا، الأمر الذي يجعل من تنفيذ السياسات العامة شيئا من المستحيلات. وعليه فإن الارتقاء بالعمل من مستوى الاجتهاد الشخصي إلى العمل المنظم المدروس هو الطريق الأقصر للبدء في معالجة جذور مشكلة البطالة في البلاد. كما أن توحيد مرجعيات التواصل مع المانحين الذين في كثير من الأحيان يلعبون على التناقضات بين الوزارات سيضبط المانحين ضمن أجندة واحدة موحدة كما سينقل العمل من الاجتهاد الشخصي أو وفقا لأجندات المانحين إلى العمل المنظم وفقا لأجندة وطنية واضحة متفق عليها. فتنظيم العمل وتقسيم وتوزيع الأدوار بين المتدخلين وتأمين مصادر التمويل الكافية لجميع التدخلات سيؤدي حتما إلى تعظيم أثر التمويل الخاص بمحاربة البطالة.

إن سوق العمل مثله مثل أي سوق آخر تتحكم به ما يسميه الاقتصاديون باليد الخفية والمقصود بها ميكانيكية العرض والطلب في السوق. ويحاول الاقتصاديون دائما مساعدة الحكومات على إيجاد السياسات الفعالة لإحداث التوازن بين العرض والطلب في السوق للوصول إلى ما يسمى بنقطة التوازن. وسوق العمل في فلسطين مثله مثل باقي الأسواق تتحكم به هذه اليد الخفية ولكن هل السياسات الحكومية المعمول بها حتى الآن قادرة على إحداث التوازن بين العرض والطلب؟ الجواب لا بالتأكيد لأن موضوع العرض مرتبط أساسا بالمنظومة التعليمية في البلاد والتي عجزت حتى اللحظة عن موائمة مخرجاتها واحتياجات السوق الأمر الذي يتطلب مزيدا من الجهود لمعالجة هذا الموضوع الاستراتيجي الهام. فأجندة السياسات الوطنية قد ركزت بشكل واضح وكبير على هذا الموضوع من خلال إصلاح منظومة التعليم وزيادة الاستثمار بالتعليم والتدريب المهني والتقني. فتطبيق ما جاء بأجندة السياسات الوطنية خلال الست سنوات القادمة سيزيد من موائمة مخرجات التعليم واحتياجات السوق. والحال أيضا مشابه فيما يتعلق بالطلب على الوظائف لا بل موضوع الطلب أكثر تعقيدا والتحديات التي تواجه الطلب على الوظائف كبيرة. فموضوع الطلب مرتبط بقدرة الاقتصاد الفلسطيني على النمو الكافي الذي يتوازى والزيادة الطبيعية للسكان وبالتالي توفير فرص العمل اللائقة للقادمين الجدد لسوق العمل ومن ناحية أخرى فإن الطلب على الوظائف مرتبط أيضا بتوسع الاستثمارات والأعمال وتطورها بالشكل الذي يتواكب والتطور التكنولوجي ليتسنى لتلك الأعمال استيعاب حملة الشهادات والمهن غير التقليدية. وفيما يتعلق بالطلب فإن الاقتصاد الفلسطيني لا زال يعاني الكثير من التحديات التي تحول دون تطوره وتوسعه والسبب يعود إلى كون الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد محاصر وتابع للاقتصاد الإسرائيلي. كما أن سياسات تشجيع الاستثمار وخاصة تشجيع ودعم الريادة في الأعمال وخاصة للرياديين الشباب والأعمال الناشئة لا تزال أقل من المأمول. فأجندة السياسات الوطنية قد ركزت على البعد الاقتصادي بشكل كبير وحددت أهم معالم التدخلات السياساتية التي من شأنها النهوض بالاقتصاد الفلسطيني وتمكينه من التوسع وبالتالي خلق فرص عمل جديدة للشباب الفلسطيني.

إن الوصول إلى نقطة التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل لا يأتي من ذاته وإنما من زيادة التواصل والتنسيق والانفتاح وتبادل المعلومات بين القائمين على جهة العرض في السوق وأقصد هنا المؤسسة التعليمية وبين القائمين على جهة الطلب وأقصد بها مؤسسات الأعمال. لذلك إن إيجاد المنظومة التي تزيد تواصل مؤسسات العرض والطلب فيما بينها يعتبر أولوية كما أن الاستثمار في نظام معلومات سوق العمل وتطويره وتحديثه يجب أن يأتي على سلم الأولويات.

وفي الختام أستطيع القول أنه لا مجال للاستمرار في العفوية أو التفرد أو التشتت في معالجة مشكلة البطالة في البلاد. فأجندة السياسات الوطنية حددت إطار العمل وما على المؤسسات ذات العلاقة سوى البدء في التنفيذ وفقا لهذا الإطار الوطني والبدء في توحيد الجهود وتحديد المرجعيات والاتفاق على سلم الأولويات وتوزيع الأدوار للعمل الجاد نحو معالجة مشكلة البطالة المتفاقمة في البلاد.

Loading...