وكالات - الاقتصادي - الكوكب الأحمر، قال عنه العلماء الأمريكيون إنه كوكب جنين لم يكمل نموه. أثار هذا الكوكب فضول الكثيرين، بل إن البعض أقر بأن رحلة إلى المريخ هي في أولوية قائمة أمنياته، رغم جهلهم بما قد يحدث في هذا المكان الغامض والمليء بالأسرار. "إيلون ماسك" المدير التنفيذي لشركة "سبيس إكس"، وهي مؤسسة أمريكية لتكنولوجيا الفضاء، شجع على السفر إلى هذا الكوكب، لكنه اعترف أنه ليس شجاعا بما فيه الكفاية ليكون من أوائل الذاهبين إلى هناك، لكون الرحلة محفوفة بالمخاطر، وبسبب ارتفاع احتمالية الوفاة هناك. وأشار "كريس مكاي" من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا إلى أبرز المخاطر التي قد تواجه هذه الرحلات:
يخطط "ماسك" لرحلة إلى كوكب المريخ في أكبر صاروخ بناه البشر على الإطلاق، ولأن جميع الصواريخ تتطلب حدوث انفجار طويل، يرفع ذلك من احتمالية خروج الانفجار عن السيطرة، بغض النظر عن إجراء عدد من اختبارات السلامة المسبقة. في برنامج مكوك الفضاء التابع لناسا في الفترة بين عامي 1981 و2011 حمل الصاروخ 833 راكبا، وتوفي 14 شخصا منهم نتيجة انفجارين (شالنجر، وكولومبيا)، أي نسبة 1.6%، وهو معدل مرتفع إلى حد كبير، مما يجعله أكثر خطورة من القيادة أو تسلق جبل إيفرست. بلغت نسبة الوفيات في برنامج أبولو الفضائي إلى القمر نحو 0.9%، ولذلك ستستخدم شركة "سبيس إكس" بالتأكيد صواريخ جديدة أكثر تطورا، ولكنها غير مجربة بعد في الوصول إلى كوكب المريخ. كما يعمل المهندسون والعلماء على تحسين الصواريخ بشكل مستمر، ومن المستحيل تخفيض نسبة الخطر إلى الصفر، حيث انفجر صاروخان "فالكون 9" تابعان لـ "سبيس إكس" أحدهما عند الانطلاق والآخر في منتصف الرحلة.
يواجه رواد الفضاء خلال رحلتهم إلى كوكب المريخ وعودتهم منه التعرض للإشعاع بشكل أكبر مما يتعرضون له على الأرض. علاوة على ذلك، فإن الفضاء الخارجي ليس مكانا فارغا، بل إن الفضاء يعج بجسيمات ذات طاقة عالية انفجرت من الشمس ومن النجوم الأخرى، والتي يجبرها المجال المغناطيسي على الانحراف بعيدا عن الأرض. وكشفت ناسا من خلال عربة "كيوريوسيتي روفر" التي أرسلتها إلى هناك أن الانسان سيتعرض خلال الرحلة في اتجاه واحد إلى 0.3 سيفرت من الإشعاع، أي ما يعادل 24 إشاعة مقطعية، وهو 15 ضعفا من الإشعاع الذي يتعرض له العاملون في محطات الطاقة النووية سنويا، ولكنه ليس قاتلا. ما يثير القلق فعلا هو احتماليه انفجار شمسي، والذي سينتج توهجات شمسية تدفع المركبة الفضائية في منتصف الرحلة، فيتعرض رواد الفضاء إلى كميات قاتلة من الإشعاع. ومن أولويات أي رحلة فضائية التفكير في كيفية حماية رواد الفضاء أثناء نقلهم، وكذلك تخزين المياه والوقود. لأن المريخ لا يملك طبقة أوزون، ومجاله المغناطيسي ضعيف، يتعرض الإنسان على سطحه إلى مزيد من الأشعة الكونية والأشعة فوق البنفسجية الناتجة عن الشمس. إذ أثبتت مهمة "كيوريوسيتي" التعرض إلى 0.3 سيفرت أخرى من الإشعاع خلال الرحلة التي دامت 500 يوم.
بعد الإقلاع الناجح والسفر لستة أشهر عبر الفضاء، والاقتراب من الكوكب الأحمر، تأتي أكثر اللحظات المرعبة في الرحلة، وهي لحظة الهبوط على الكوكب. ووفقا لخطة "ماسك" يمكن الوصول إلى الكوكب بسرعة 62 ألف ميل في الساعة، وستستخدم المركبة خاصية" الدفع الرجعي الأسرع من الصوت"، وذلك عند دخولها للغلاف الجوي للمريخ، ويعني ذلك إطلاق عدد من الصواريخ الصغيرة في وقت واحد للهبوط على سطح المريخ. لحظة الهبوط هذه محفوفة بالمخاطر، لأن الغلاف الجوي هناك أرق بكثير من غلاف الأرض، مما يقلل من الاحتكاك الذي يساعد في تباطؤ المركبة، ولكن تساعد درجة الحرارة في تسخين المركبة إلى 1700 درجة مئوية. حتى الآن فشلت ناسا في هبوط حتى لأجهزة الروبوت الصغيرة.
تتعرض العظام والعضلات إلى ضمور شديد عند انعدام الجاذبية، وهو السبب الرئيس في ممارسة رواد الفضاء للرياضة في محطة الفضاء الدولية لمدة ساعتين يوميا، من أجل المحافظة على العضلات. المعضلة أنه لا يمكن وقف فقدان الكالسيوم مع مرور الوقت، ولن يتعاف الواد حتى يعودوا إلى الأرض، وما لا نعرفه هو كيف سيبلي جسم الإنسان في مكان تكون قوة جاذبيته فقط 0.38 من قوة الأرض. افترض كثيرون أنه يمكن للبشر البقاء على قيد الحياة مع القليل من القفز، إلا أن انخفاض الجاذبية له آثار سيئة على صحة الإنسان حتى مع ممارسة الرواد للرياضة. ووجدت ناسا أن انعدام الجاذبية يتدهور معه البصر في ظروف غامضة، حيث تضرر نظر رائد الفضاء "جون فيليبس" من درجة الكمال 20/20 إلى 20/100، وذلك بعد ستة أشهر في محطة الفضاء الدولية بسبب صعوبة النوم في انعدام الجاذبية.
يتوجب على أي شخص يعتزم القيام برحلة إلى كوكب المريخ الاستعداد لحقيقة عدم توفر مواد جاهزة من الغذاء، والماء، والأكسجين. هذه العقبات يمكن تخطيها بأخذ ما يكفي من الغذاء والماء، وابتكار آلة تحطم غاز ثاني أكسيد الكربون على سطح كوكب المريخ لإنتاج الأكسجين، إنما يكمن الخطر الحقيقي في تمزق بزة الفضاء وفقدان الهواء، كما أن هواء المريخ مليء بالغبار والأوساخ التي من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة.
لا تعد الرياح بسرعة 60 ميلا في الساعة مشكلة على كوكب المريخ، كما هو الحال على الأرض بسبب ضعف الغلاف الجوي. لكن الرمال والأوساخ هي بالتأكيد مشكلة، لأن تلك الجسيمات الصغيرة المتطايرة ربما تلحق ضررا ببزة الفضاء، أو تسبب عطلا في الآلات أو تغطية الألواح الشمسية. تحتوي تربة المريخ على تركيزات عالية جدا من الكلور والأملاح، والتي تلحق أضرارا خطيرة للغدة الدرقية. مع ذلك لا بأس من لمسها باليد مباشرة. على الرغم من عدم وجود أي حياة على المريخ، وعدم وجود أي كائنات دقيقة غريبة في التربة، إلا أنه لا يمكن الجزم بذلك بعد.
تهتم ناسا كثيرا بمواجهة أحد أكبر التحديات خلال تمهيدها لمهمة المريخ، وهي أن يكون جميع أفراد الطاقم على وفاق، وعدم وجود أي ضغينة فيما بينهم، كونهم سيعملون معا بعيدا عن كوكبهم بشكل معزول لفترة طويلة جدا. ويجب على أفراد الطاقم التعاون فيما بينهم للحفاظ على عواطفهم مستقرة ومتوازنة، ولتجنب تكرار ما حدث في عام 1994، حين انقسم الطاقم المكون من سبعة أشخاص قبل انتهاء المهمة. حول سبيس إكس: هي مؤسسة أمريكية لتكنولوجيا الفضاء، تأسست في مارس 2002، وتعد الشركة الأهلية الوحيدة في العالم التي ترسل مركبات فضائية إلى مدار حول الأرض وإعادتها إلى الأرض بسلام.