غزة- الاقتصادي- يعيش العالم ثورة تكنولوجية هائلة بسبب انتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة بشتى أنواعها والتي أصبحت جزءا ضروريا لا غنى عنه على المستويين الفردي والجماعي، إلا أن هذه التكنولوجيا يُساء استخدامها ما أدى إلى إشاعة الجريمة الالكترونية وهي التي تختلف عن الجريمة التقليدية.
وتُعرف الجريمة الإلكترونية على أنها أي مخالفة ترتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع إجرامي ونية الإساءة لسمعة الضحية أو لجسدها أو عقليتها، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، و أن يتم ذلك باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة والمختلفة .
يقول الحقوقي صلاح عبد العاطي إن العالم أصبح يعيش في عالم المعلومات والإنترنت بدرجة أساسية بسبب استعمالاته المختلفة ، معتبرا أن الشبكة العنكبوتية ذات فائدة كبيرة للمجتمعات وبمقدورها تقديم الخدمات المختلفة لدرجة أن الحكومات أصبحت تقدم خدماتها عبر الشبكة العنكبوتية.
استخدام سيئ للتكنولوجيا
وأوضح عبد العاطي أن هناك مشاكل ومخاطر تتمثل في استغلال التكنولوجيا بشكل سيئ بغرض القذف والاضرار بسمعة الناس والتجسس او استغلال ارقام البطاقات الائتمانية، والترويج للمواد الاباحية خاصة الأطفال والتعرض للأديان السماوية، بالتالي لابد من وجود قوانين لمحاسبة من يرتكب تلك الجرائم.
وأضاف أن غياب القانون يسمح للمجرمين بالاستخدام السيئ للتكنولوجيا ما دفع إلى ضرورة وضع قوانين، فهناك دول كالإمارات ودول في العالم أصدرت قانونا لتنظم العمل في هذا الموضوع، منوها إلى أهمية وجود ضابط بسبب تزايد مخاطر ارتكاب الجرائم عبر الإنترنت. ووفقا لبيانات الاتحاد الأوروبي، هناك اكثر من مليون شخص على مستوى العالم يقعون يوميا ضحايا لجرائم ترتكب عبر الإنترنت وهو أيضا ما دفع العديد من المنظمات والهيئات إلى إطلاق الدعوات والتحذيرات من خطورة هذه الظاهرة التي تهدد كل مستخدمي الإنترنت حيث أصبحت أسهل الوسائل أمام مرتكبي الجريمة .
وأشار عبد العاطي إلى فئات كثيرة تتضرر إلا أن الكتاب والشعراء الأكثر تضررا بتعرضهم للابتزاز والسرقات الأدبية وهي من جرائم الانترنت المطلوب التفكير بها وإعداد أنظمة قضائية مؤهلة للتعامل بشأنها .
فراغ تشريعي
وطالب بضرورة سد الفراغ التشريعي في مكافحة الجريمة الإلكتروني، على أن يكون شاملا للقواعد الموضوعية والإجرائية بشرط ألا يتعارض مع الحريات والقوانين وأن لا يُجرم شخصا يعبر عن رأيه كذلك تكريس التطور الحاصل في نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان والمكان، وتطوير نظام تقادم الجريمة الإلكترونية كما ناشد بمنح سلطات الضبط والتحقيق الحق في إجراء تفتيش وضبط أي تقنية خاصة بالجريمة الإلكترونية تفيد في إثباتها .
ولفت إلي ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني والمؤسسات للقيام بدوره التوعوي والوقائي من الوقوع في شباك الجرائم الإلكترونية .
الإنترنت..ساحة قتال
بدوره، قال المحامي عبد اللطيف ظاهر إن الانترنت يعتبر جزءا من ثورة الاتصالات ويعرفه البعض بشبكة الشبكات حيث يتكون الانترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب المترابطة والمتناثرة في أنحاء العالم ويحكم تلك الأجهزة بروتوكول موحد ويسمى تراسل الانترنت.
ونوه إلى أن الدخول إلى شبكة الإنترنت أصبح له مخاطرة كبيرة ليتحول الانترنت من وسيلة إعلامية إلى ساحة قتال، قائلا" اختلفت الأسلحة والنتيجة واحدة, فنحن ليس بصدد جان يحمل مسدساً ليسطو على بيت, ولكن هذا الجاني يجلس في بيته ولا يجد العناء فبمجرد ضغطة زر يدخل إلى شبكة الانترنت ليتحين صيد ضحاياه"، مشيرا إلى تعدد صور تلك الجرائم وتختلف فلم تقتصر على اقتحام الشبكات وتريبها أو سرقة معلومات بل امتدت لتشمل جوانب أخلاقية, ومع التوسع الهائل في استخدام الإنترنت ومن الذين يرتادونه أصبح من السهل ارتكاب جرائم بحقهم سواء كانوا من الأفراد أو المؤسسات أو المجتمعات المحافظة.
وأضاف أن جرائم الإنترنت كثيرة ومتنوعة ويصعب حصرها ولكنها بصفة عامة تشمل الجرائم الجنسية كإنشاء المواقع الجنسية وجرائم الدعارة أو الدعاية للشواذ أو تجارة الأطفال جنسيا، وجرائم ترويج المخدرات أو زراعتها، وتعليم الإجرام أو إرهاب كصنع المتفجرات، إضافة إلى جرائم الفيروسات واقتحام المواقع.
وذكر ظاهر أن السويد أول دولة تسن تشريعات خاصة بجرائم الحاسب الآلي حيث صدر قانون البيانات عام (1973 ) وحذت الولايات المتحدة الأمريكية حذوها حيث شرعت قانوناً خاصاً بحماية أنظمة الحاسب الاآلي ( 1976م – 1985م ) , وكانت فرنسا من الدول التي طورت قوانينها الجنائية للتوافق مع المستجدات الاجرامية حيث صدر قانون عام 1988 الذي أضاف لقانون العقوبات الجنائي جرائم الحاسب الآلي, وعلى مستوى الدول العربية لم تقم أي دولة عربية بسن قوانين خاصة بهذه الجرائم , ويستثنى من هذه القاعدة سلطنة عمان التي أصدرت المرسوم السلطاني رقم 72/2001 الذي تضمن جرائم الحاسب الآلي.
القانون لا ينص على الجريمة الالكترونية بشكل مباشر
وأشار ظاهر لى أنه في فلسطين لا يوجد تشريع خاص يتعلق بجرائم الكمبيوتر والإنترنت إلا أنه يمكن ملاحقة هذه الجرائم عن طريق التلين في فهم نصوص قانون العقوبات الفلسطيني بحيث ينطوي تحته بعض الجرائم المتعلقة بالكمبيوتر كنصوص جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة والإتلاف وغيرها. وما زال هناك مجموعة من التشريعات الجنائية المهمة تحت الإجراء في المجلس التشريعي من بينها مشروع قانون العقوبات والذي تعرض وبشكل مباشر في المواد(393-397) من الفصل السادس منه لجرائم الحاسب الآلي وهناك مشروع قانون الإنترنت والمعلوماتية، والذي مازال تحت الإعداد في ديوان الفتوى والتشريع بوزارة العدل والذي تضمن العديد من القواعد والأحكام والجرائم والعقوبات المستحدثة فيما يتعلق بالإنترنت , ومن الجرائم التي نستطيع تكيفها بما يتناسب مع قانون العقوبات لسنة 1936 هي جريمة السب والقذف عبر الإنترنت وجرائم الجنس عبر الإنترنت وجريمة التجسس عبر الإنترنت.
وبين أن قانون العقوبات لا ينص بشكل مباشر على هذه الجرائم المتعلقة بالحاسوب ولكن نقيس عليها ونعطي مرونة لفهمنا للقانون انتظارا لصدور القانون الجديد, منهوا إلى أن قانون العقوبات الحالي لم يتضمن أية إشارة إلى جرائم الكمبيوتر والإنترنت باعتبارها جرائم مستحدثة، وإنما جاءت نصوص قانون العقوبات لتعالج الجرائم بشكل تقليدي .
من جهة أخرى، قال أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة في غزة إن هناك محاولات حثيثة تقوم بها الشرطة للقضاء على الجرائم عبر الانترنت ضمن الصلاحيات المخولة لها باعتقال ومحاسبة كل من يقوم بالابتزاز والتهديد عبر الانترنت.
وأضاف قائلا " لدينا كادر متخصص ومتمكن يقوم بالفحص والمتابعة واستدراج هؤلاء المحتالين واصحاب المواقع المشبوهة ويتم القبض عليهم والتحقيق معهم والتعامل معهم وفق ما هو مطلوب" .
وكشف البطنيجي النقاب عن قضية لشاب كان يعمل على اسقاط الفتيات في حبه ومن ثم تصويرهن عبر الانترنت وابتزازهن مقابل دفع مبالغ مالية حيث توجهت احدى الفتيات بالشكوى حين ضاق بها الحال وتمت المتابعة إلى أن تم القبض عليه"، مشيرا إلى أن عقوبة هذه الجرائم تصل إلى عشر سنوات .
من جانبه، قال الإعلامي توفيق أبو شومر إن عدم وجود قانون لمحاسبة الجريمة عبر الانترنت أمر خطير حيث أن أبرز عيوب الشبكة العنكبوتية امكانية الوقوع بالخطأ دون معرفة المصدر ويحتاج معرفته إلى جهود جبارة وفي بعض الأحيان تكون بلا جدوى عكس الصحافة المكتوبة التي يسهل الوصول إلى مصادرها بتوجيه المسؤولية إلى صاحب التقرير والمحرر.
ونوه إلى خطورة عدم وجود نص قانوني صريح والذي يعني بوجود خلل كبير يؤدي إلى الكثير من المخاطر في المجتمعات أبرزها ترويج الاشاعات التي تستهدف تحطيم النفسية والسمعة، لافتا إلى أن المرأة هي أكثر القطاعات المتضررة حيث نشر أي شيء يخصها في مجتمع ذكوري يدفع الناس إلى اتهامها والتفكير السلبي بحقها.
وتحدث أبو شومر عن أهمية التفكير في الحلول العلاجية حيث الحلول كثيرة في المجتمعات التي فيها حفظ الملكيات الخاصة وأن هناك كثير من دول العالم أصبحت تضع شبه قوانين(مواثيق شرف صحافية أخلاقية ).