غزة - خاص الاقتصادي - إسلام أبو الهوى - بيت بسيط حوله صاحبه إلى مزار أثري جميل، تنطق كل زاوية به بتاريخ حقبة زمنية تُظهر عبق التاريخ الفلسطيني وماضيه الفريد، ليتحول هذا البيت مع مرور الوقت قبلة الوافدين الباحثين عن الحضارة الفلسطينية القديمة.

تتجول في ارجائه بصمت وذهول وعشرات الأسئلة تدور في ذهنك عن جحم الجهد الذي بذله في اقتناء هذه المعالم التاريخية، التي يعود تاريخها إلى أهم وأعرق الحضارات لتكتشف مع الوقت جمال هذه المساحة الصغيرة العميقة بكل ما تحتويه من قطع أثرية نادرة وغالية.

"الاقتصادي" تجول في المتحف وكاميرته التقطت أقدم وأثمن القطع الأثرية التي تعود لخمس حضارات، أقدمها الكنعانية وأحدثها العثمانية.

اثيرت غيرة الباحث والمؤرخ وليد العقاد 65 عاما من مدينة خانيونس بعد رحلة لجمهورية مصر العربية عام 1960 للمناطق الأثرية ودار الأثار، ليعود إلى مدينته باحثا عن كل شيء قديم يتعلق بالحضارة الفلسطينية، وكان يزداد شغفه واصراره على البحث كلما اقتنى شيئا جديدا.

يقول العقاد في حديثه لـ" الاقتصادي" كنت غيورا على تاريخي خاصة عندما سمعت ان وزير الحرب الصهيوني موشي ديان، يقوم بنفسه بصحبة طاقم خاص في البحث عن الاثار الفلسطينية وسرقتها.

العقاد أكد أن "الدافع وراء بحثي أصبح وطنيا ولإنقاذ ما يمكن انقاذه من الارث الفلسطيني الضائع، مما زادني اصرارا للبحث عن كل الادلة والشواهد التي ترسخ وجودنا".

"تعرضت للكثير من المخاطر منها اطلاق النيران من قبل الاحتلال، لأن أكثر المناطق خصوبة للبحث عن الاثار هي المناطق الشرقية الحدودية فهي مركز الحضارات القديمة ولاحتوائها على الكثير من القطع والشواهد الأثرية.

وزاد: "كنت انتهز أي فرصة لتجريفهم للأراضي لأقوم بالبحث دون خوف بالإضافة إلى شرائي للعديد من القطع من الناس مهما كلفني الثمن ففي كثير من الاحيان كنت اقطع هذه الأموال من قوت ابنائي ومصروف البيت".

ويحتوي المتحف على العديد من الاقسام، منها قسم التراث ويضم بيت شعر للإنسان العربي القديم، وقسم المكتبة التاريخية ويحتوي على اول اصدار لصحيفة الاهرام المصرية، كما يضم المتحف قسم المعدات الحربية التي تعود لعصور من 700 عام.

ويتضمن المتحف سلاحاً للثوار الفلسطينيين خلال قتالهم مع الانتداب البريطاني عام 1931، لافتا إلى انه استطاع على مدار 42 عاما ان يجمع أكثر من 2800 قطعة اثرية من اجل الحفاظ على التاريخ الفلسطيني.

لم يقتني العقاد كل هذه القطع ليغلق عليها الأبواب ويحرم الأجيال القادمة من رؤيتهم لملامح تاريخهم العريق بل شرع الأبواب على مصراعيها أمام الجميع، لزيارة هذه المتحف دون مقابل.

فجاءت لزيارته الوفود الفرنسية والسويسرية والهولندية إلى جانب تعاون مع وزارة السياحة والاثار في المشاركة بالمعارض، منوهاً إلى انه على الدوام يقظ وحريص كل الحرص على هذا الكنز ففي حالة الحروب يقوم بنق كل القطع إلى بدروم قام بتأسيسه حفاظا على هذه المقتنيات التي لا تقدر بثمن.

وأضاف العقاد :"حصلت على ترخيص من وزارة السياحة والاثار لكني اطمح ان يخرج هذا المتحف إلى النور ليصبح أكبر صرح وطني يضم التاريخ بكل حضاراته.

وختم العقاد حديثه: "من ليس له ماضي ليس له حاضر وهذه القطع الاثرية هي الهوية الفلسطينية التي سأبقى متمسكا بالبحث عنها، حتى آخر يوم في حياتي"، داعيا الجهات المسؤولة أن تقوم بإدراج بعض المعلومات عن الآثار في المناهج الدراسية لتوعيتهم بأهمية الحفاظ على التاريخ الفلسطيني.