غزة - الاقتصادي - إسلام أبو الهوى - "كان لي غرفة خاصة مليئة بالألعاب والهدايا والذكريات المضحكة الجميلة مع بنات خالتي، واليوم أعيش في كرفان صغير جعلني أعد الأيام يوما بيوم لتكتب لنا حياة جديدة بعيدا عن هذا الكابوس".
بين معاناة العيش في الكرفانات، والذكريات الموجعة التي مرت بها في العدوان على غزة منذ عامين، تتحدث الطفلة عزة 11 عاما من بيت حانون.
عزة تقول: "حياتنا تغيرت تماما عن السابق، من يوم أن عشنا في هذا الكرفان الذي لا يصلح للعيش، لكننا مجبرون على السكن فيه، حتى يتم تسليمنا منزلا بدلا الذي قصف في الحرب".
وتكمل وهي تجهش بالبكاء: "كنا كل نهاية أسبوع نتجمع عند احدى خالاتي لنسهر ونحتفل بأعياد الميلاد والمناسبات، بأجواء عامرة بالفرح والطمأنينة.. لكني اليوم أفتقد كل هذه التفاصيل وأتمنى أن يجهز منزلنا في أسرع وقت لنستعيد حياتنا بكافة تفاصيلها وذكرياتها السعيدة".
وهدم منزل عزة خلال العدوان الأخير بالكامل، وانتقلت للعيش في المساكن المتنقلة (الكرفانات)، التي لا تقيها حر الصيف ولا برد الشتاد.
في بلدة الزنة شرق خان يونس، يجذبك داخل كرفان المواطن خيري ابو جامع، مشهد الأم وهي تهم بتعليم صغارها رغم ما تعيشه من وضع مأساوي، في كرفان يفتقد لأبسط مقومات الحياة الكريمة.
لا ماء ولا كهرباء وغياب تام للأجواء الصحية، إلا انها حريصة على تعليم أبنائها لعلهم يكونوا طوق النجاة مما وصلت إليه، بسبب تفاقم الأزمات في قطاع غزة، جراء الحروب المستمرة والحصار المطبق والفقر والبطالة.
المواطنة عرفات أبو جامع (30 عاما)، أم لخمسة اطفال تتحدث وعلامات الحزن في محياها واضحة لا تحتاج إلى تفسير، جراء معاناتها في العيش في الكرفان الخشبي الذي يفتقد للإنارة، والحشرات التي تكثر في فصل الصيف".
تقول أبو جامع: "هذا الكرفان لا يصلح للعيش الآدمي في أي حال من الأحوال، ففي الشتاء يكون أشبه بثلاجات الموتى القاتلة، حتى أنني اخشى على اطفالي من النوم داخل الكرفان فطيلة الليلة اتفقدهم خوفا على حياتهم، يكفيهم أنهم فقدوا معالم طفولتهم ودفنوا في هذا الكرفان.
وتتابع: "الكرفانات ليست حلا لمعاناتنا، ولو انهم استبدلوا هذا الكرفان الذي تصل تكلفته الى 5000 الاف دولار الى مبلغ بسيط كي نتمكن من البناء والعيش في مكان نمارس فيه حياتنا الأسرية البسيطة بكافل تفاصيلها لينعكس ذلك بشكل صحي على نفسية أطفالنا".
وتسبب العدوان الأخير على قطاع غزة، بتدمير قرابة 150 ألف منزل، منها 11 ألف منزل دمرت بشكل كامل، ونحو 15 ألفاً لا تصلح للعيش ولا الترميم، وفق وزارة الأشغال العامة والإسكان.
وتكمل بوجع جلي في صوتها: "لقد دمروا كل شيء وفقدت منزلي.. الكثير من الذكريات والحياة الآمنة المستقرة سرقت منا، لا التلفاز ولا الثلاجة ولا حياتنا كما كانت كل شيء تغير، من سيعيد لي ولعائلتي حياتي الهانئة وهل حقا ستعود؟".
وفي خانيونس صرخت المواطنة ريم أبو جامع وهي أم لخمسة أطفال غاضبة وهي تتحدث عما خلفته الحرب بتفاصيل بدقيقة وموجعة بعد ان سوت قوات الاحتلال منزلها بالأرض.
وقالت: "الأونروا قدمت لنا مبلغا ماليا لاستئجار بيت إلا أننا لم نستطع استئجار بيت جديد واضطررنا إلى السكن في بيت العائلة وبدأنا في استصلاح جزء منه حتى لا نعيش حياة صعبة في مساكن الإيجار".
أما الحاجة ام سميح (70 عاما)، التي تجلس أمام الكرفان هربا من الحر، على الرغم من دخول فصل الخريف، وتحسن الاحوال الجوية، إلا ان الكرفانات تحت أشعة الشمس تلتهب فتحرق من بداخلها .
وتقول: "أعيش مع ابني وعائلته في هذا الكرفان، بعد أن هدمت قوات الاحتلال بيتي الكبير متمنية ان لا ينتهي عمرها وهي على حافة الانتظار لإعمار بيتها".
من الجدير ذكره أن عدد الوحدات السكنية التي تم تأمين مبالغ مالية لإعادة إعمارها من فئة المنازل المدمرة كليا حتى تشرين أول الحالي وصل إلى 6,892 وحدة سكنية وتبقى 4,018 وحدة سكنية تحتاج لتمويل.