لطالما شكلت إيرادات قطاع الاتصالات مورداً أساسياً لاقتصاديات الدول العربية، ولكن ظهور خدمة الاتصالات المجانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي (فايبر، تانغو، واتساب، سكايب...)، دفع المستهلك للاستغناء بشكل كبير عن المكالمات الهاتفية المكلفة. وهذا ما شكَّل نقطة تحوّل في عالم الاتصالات المحلية والدولية.
هذه الخدمات المجانية أعادت إلى الضوء كلفة المكالمة الهاتفية التي تختلف بين دولة وأخرى، واختلاف طريقة احتساب سعر الدقيقة.
هيئة تنظيم الاتصالات في البحرين (TRA) أصدرت أخيراً التحديث على أرقام عام 2015 حول دراسة "قياس أسعار خدمات الاتصالات" في الدول العربية، والتي أجراها قسم "Teligen " للتحليلات الاستراتيجية.
ويقدم التقرير، الذي اطلعت عليه "العربية.نت"، تحليلا متعمقاً لتكاليف خدمات الاتصالات لأنواع مختلفة من المستخدمين، بما فيها تكلفة الخطوط الثابتة والمتحركة، والثابتة والمتنقلة ذات النطاق العريض (fixed and mobile broadband ) عبر ما يصل إلى 22 دولة عربية، فضلا عن توفير مقارنة مع متوسط التكلفة، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD).
يذكر هنا أن هذه المنظمة هي منظمة دولية مكونة من 34 عضواً من البلدان المتقدمة مثل (فرنسا، الدنمارك، الولايات المتحدة الأميركية، أستراليا، المكسيك، اليابان، البرتغال....).
وتكشف الدراسة أن أسعار خدمات الاتصالات في الدول العربية لا تزال على نطاق واسع أكثر تكلفة من متوسط أسعار OECD، في جميع خدمات الاتصالات.
وبحسب الدراسة، فإن متوسط تكلفة إجراء 420 مكالمة عبر الخطوط الأرضية الثابتة ( fixed voice residential) في الدول العربية تصل إلى 126 دولاراً أميركيا، مقارنة بـ 76 دولاراً وفق متوسط أسعار الدول الأجنبية، أيّ يدفع المستهلك العربي 65% أكثر من دول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أمّا المكالمات المخصصة للاستعمال المهني عبر الخطوط الأرضية الثابتة (fixed voice business)، فإن باقة إجراء 200 مكالمة تصل إلى 109 دولارات كمتوسط تكلفة في الدول العربية، مقارنة بـ 77 دولاراً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بفارق 42%.
لا ينطبق الأمر عينه في ما يتعلق بتكلفة الاتصالات عبر الخطوط المتنقلة (Mobile voice costs)، إذ إن متوسط تكلفة هذه الخدمة من الاتصالات هي أقل في الدول العربية مقارنة مع دول OECD في الباقات الأقل استخداماً، باستثناء بيانات الهاتف ( (Mobile voice only without data، غير أنها ترتفع بشكل ملحوظ في الباقات الأكبر والتشكيلات التي تشمل البيانات.
فعلى سبيل المثال، متوسط تكلفة سلة (30 مكالمة) عبر الهاتف المتنقل في الدول العربية تبلغ 11 دولاراً، أي أقل تكلفة من تلك التي تدفعها دول منظمة OECD البالغة 13 دولاراً، ولكن يصبح فارق التكلفة أعلى بكثير في سلة الاستخدامات الأكبر (900 مكالمة) حيث تصل إلى 136 دولارا في الدول العربية مقابل 38 دولاراً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أيّ يدفع المستهلك العربي زيادة بـ 261% عما يدفعه المستهلك الغربي.
غير أن الفارق بين الدول العربية والدول الأجنبية المندرجة تحت مظلة OECD يصبح "جنونياً" عندما تضاف خدمة بيانات الهاتف ( Mobile voice and data ) ليتخطى 499%، إذ إن المواطن العربي يدفع للحصول على باقة (900 مكالمة + 2 غيغابايت) كمعدل وسطي نحو 265 دولاراً مقابل 44 دولاراً متوسط التكلفة التي يدفعها المستهلك في الدول الأجنبية.
سرعة الإنترنت مع خدمة 4G
تظهر الدراسة أن متوسط سرعة التحميل بمختلف الدول العربية، قد ارتفعت إلى 63 ميغابايت/ثانية، مقارنة بـ 34 ميغا بايت/ثانية في عام 2013.
وهذه الزيادة في السرعة نتيجة الانتشار المستمر لخدمات الجيل الرابع 4G في العديد من البلدان العربية.
من حيث التعرفة، هناك عدم تكافؤ بين متوسط التكلفة في الدول العربية مقارنة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وعلى الأخص للخدمات فائقة السرعة، إذ إن باقة ( 200 غيغابايت، بسرعة عالية 30-100 ميغابايت/ثانية) يتراوح متوسط التعرفة في الدول العربية لتلك الخدمة 142 دولاراً مقابل 38 دولاراً متوسط التكلفة في دول أعضاء منظمة OECD.
أمّا في ما يتعلق بتكلفة خدمات الهاتف ذات النطاق العريض للكمبيوتر المحمول والأجهزة اللوحية ( (Mobile Broadband for Laptops and Tablets، فإن تكلفة هذه الخدمة بباقة (6 غيغابايت، 30 يوماً) ترتفع لتصل إلى 57 دولاراً في الدول العربية مقارنة بـ25 دولاراً في منظمة OECD.
ولكن ما هي الدولة العربية الأكثر تكلفة؟
أشار استطلاع عن سوق الاتصالات الخليوية في العالم العربي، الصادر عن شركة Arab Advisors Group، إلى أن لبنان سجّل أعلى رسم اشتراك في الشبكة الخليوية المدفوعة ما بعد الاستخدام (Postpaid Cellular Connection Fees ) بين 15 دولة عربية.
وبلغ معدل رسوم الاشتراك في الشبكة الخليوية المدفوعة ما بعد الاستخدام في لبنان 55 دولاراً، أي أقل من معدل الرسوم في السعودية (60,15 دولار) والكويت (67,56 دولار)، في حين أنه أعلى بكثير من معدل الدول العربية البالغ 26,74 دولار ومن المتوسّط العربي البالغ 15,3 دولار.
شمل المسح 39 شركة للاتصالات الخليوية ومعدل أسعار خدماتها في عدد من الدول العربية، وحُددت مراتب الدول على أساس الأسعار السائدة للخدمات الخليوية، بما في ذلك الضرائب المطبّقة، ويشمل ذلك رسوم الاشتراك لمرة واحدة وأسعار مجموعة الخدمات الخليوية في كل بلد.
ووفق نتائج المسح، بلغ سعر رزمة الخدمات الخليوية وخدمات الإنترنت المدفوعة ما بعد الاستخدام في لبنان118,1 دولار، وهو السعر الأعلى في العالم العربي، وجاء أعلى بكثير من المعدل العربي البالغ 56,6 دولار ومتوسط الأسعار في العالم العربي البالغ 58,5 دولار. وحل لبنان في فئة "الكلفة المرتفعة"، إلى جانب ليبيا والأردن وعمان. وتشمل رزمة الخدمات الخليوية عدد دقائق الاتصالات الصوتية واستخدام شبكة الإنترنت عبر الهاتف الخليوي.
المصدر: العربية نت