غزة - الاقتصادي - (رويترز) - عندما تعرض الصياد الفلسطيني أبو محمد للضغوط ليصبح مخبرا للمخابرات الإسرائيلية ، اتخذ الرجل البالغ من العمر 45 عاما قرارا متطرفا.. ترك الصيد وامتهن البناء.
ويقول أبو محمد وهو أب لخمسة ، إن العمل قبالة ساحل غزة حيث تفرض إسرائيل قيودا تمنع قوارب الصيد من الإبحار لأكثر من ستة أميال بحرية صعب بما يكفي من دون أن تحاول أجهزة الأمن الإسرائيلية تجنيده.
ووفقا لجمعية الميزان الفلسطينية المعنية بحقوق الإنسان فقد احتجزت إسرائيل 113 صيادا هذا العام مقارنة بواحد وأربعين في الفترة ذاتها من عام 2015. ويقول من احتجزوا إن هناك ضغوطا متزايدة عليهم - تتضمن التهديد بخسارة قواربهم - لتقديم معلومات قد تساعد أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وأكد القائد البحري الإسرائيلي الذي يشرف على ساحل غزة أن نحو 70 صيادا احتجزوا هذا العام. وأضاف أنه جرى تسليمهم إلى أجهزة أخرى بينها جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) لاستجوابهم قبل إعادتهم إلى غزة.
وقال القائد الذي قال إن اسمه كابتن جاي :"مهمتنا هي رصد العدو والتعامل مع الصيادين هو أمر يصرف انتباه القوات .. نريدهم أن يكسبوا عيشهم ونريد حماية مصالحنا الحيوية."
وبالنسبة لأبو محمد وآخرين ، فإن التجربة تركت ندوبا لا تمحى.
وقال "أبو محمد" وهو يصف أحداثا وقعت في وقت سابق هذا العام رافضا ذكر اسمه بالكامل خوفا من الانتقام منه :" كنت على القارب أنا ومجموعة صيادين من أقاربي وأصدقاء عندما بدأ قارب للجيش الإسرائيلي بالاقتراب منا وهم يطلقون النار."
وتابع قوله :" استمروا في إطلاق النار وطلقة رصاص أصابت المركب ومن ثم توقفنا واعتقلونا.. قيدوا أيدينا وعصبوا أعيننا ومن ثم أخذونا على موقع للجيش في المجدل."
وهناك طلب منه ضابط أمني إسرائيلي معلومات عن نشطاء في الحي الذي يسكن به وقال إنه سيمنحه فرصة للتفكير. وتابع أن الضابط قال له "سأتصل عليك بعد ثلاث أيام وأتمنى أنك تتعاون ."
ويقول "أبو محمد" الذي انتابته الحيرة والذعر ، إنه عندما عاد الى غزة كسر شريحة هاتفه المحمول وسلم نفسه إلى جهاز أمني محلي وظل عاطلا عن العمل لعدة أشهر قبل أن ينضم لأصدقاء له في قطاع البناء.
وقال "فضلت أن أموت من الجوع ولا أن أكون جاسوسا."
صيد مفرط
رغم أنه يوجد نحو أربعة آلاف صياد في غزة - مما يجعله واحدا من أكبر قطاعات التوظيف في القطاع الذي يسكنه 1.9 مليون نسمة - فإن ما بين 500 و 700 صياد فقط هم الذين يصطادون بشكل منتظم إما لأن العمل صعب للغاية أو لأنهم يخشون من الاحتجاز.
وبموجب اتفاق سلام مؤقت فمن المفترض أن يسمح لصيادي غزة بالإبحار لنحو 20 ميلا بحريا من الساحل. لكن بعد أن سيطرت "حماس" على القطاع في 2007 في أعقاب حرب أهلية وجيزة مع حركة فتح فرضت إسرائيل حدا يتراوح بين ثلاثة وستة أميال بحرية.
وجرى تخفيف هذه القيود خلال فترات منذ ذلك الحين لكنها ظلت مفروضة معظم السنوات العشر المنصرمة الأمر الذي يعني أن الحياة السمكية في تلك المياه استنفدت نتيجة الصيد المفرط.
ويستورد القطاع الآن بيض السمك من إسرائيل ومزارع السمك.
وقال إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة والتي تسيطر عليها حركة "حماس" : " الاحتلال الاسرائيلي يهدف من هذه العمليات إلى ابتزاز الصيادين الفلسطينيين لكي يكونوا أذرع استخبارية له في المجتمع الفلسطيني وبالتالي يقوم بكل هذه الممارسات للتضييق عليهم.. نحن نقوم بتوعية الصيادين في كيفية التصرف مع مثل هذه الإجراءات وعدم التعاطي مع ضباط المخابرات الاسرائيليين."
وأضاف :" نجح الاحتلال في إسقاط بعض الصيادين.. ولكنها تبقى في إطار ضيق والأجهزة الأمنية هنا تقوم بالمعالجة والمتابعة السريعة.. نحن نؤكد أنه لم يعد من السهل أن يقوم الاحتلال بإسقاط المواطنين الفلسطينيين".