رام الله- الاقتصادي- ميساء بشارات- يعمل سعيد دراغمة (35 عاما) من بلدة طوباس، والمعيل لأسرة مكونة من ستة أفراد، منذ ما يزيد عن عشر سنوات داخل أراضي الـ48 كعامل بأجر يومي.
ودراغمة الذي أنهى دراسة الجغرافيا في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس، وبعد أن سدت في وجهه فرص العمل في الضفة الغربية اتجه للبحث عن عمل يوفر له دخلا جيدا داخل إسرائيل.
ويقول دراغمة: "بعد تخرجي بحثت عن عمل في الضفة الغربية، وقدمت لوزارة التربية والتعليم لكن للأسف لم أحظ بفرصة للتدريس ومزاولة مهنتي في التعليم، لذلك اتجهت للعمل في الزراعة ببلدتي طوباس، لكن الأجر كان قليلا، مقابل ساعات عمل طويلة، ما دفعني للبحث عن عمل آخر داخل أراضي الـ48".
ويضيف: "قدمت طلب تصريح للعمل في إسرائيل، وبعد ذلك عملت بعدة مجالات في الداخل بأجر يومي يفوق أضعاف ما أحصل عليه داخل الأراضي الفلسطينية، ويؤمن لي دخلا جيدا".
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ بلغ عدد العاملين في فلسطين مع نهاية العام الماضي 804 آلاف عامل، وبلغ معدل الأجور للعاملين في الأراضي الفلسطينية نحو 14.7 مليار شيقل، أي نحو 3.6 مليار دولار، فيما أن عدد العاملين في إسرائيل والمستوطنات 105,200 عامل يتقاضون أجورا بلغت قيمتها نحو 6.8 مليار شيقل، أي نحو 1.7 مليار دولار، ما يعني أن نحو 47% من أجور العاملين في فلسطين تأتي من العمال في إسرائيل والمستوطنات.
بالمقابل بلغ متوسط الأجر اليومي للعاملين في إسرائيل والمستوطنات 194.2 شيقل وذلك خلال الربع الرابع 2014، وبلغ معدل ساعات العمل للعاملين في إسرائيل والمستوطنات 41.9 ساعة أسبوعيا من ذات الفترة، وبلغ معدل أيام العمل الشهرية 19.8 يوم عمل شهريا.
بينما بلغ معدل الأجر اليومي للعمال في الضفة الغربية 91.4 شيقل، مقابل 66.1 شيقل في قطاع غزة. وبلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية بأجر في الضفة الغربية 43.4 ساعة أسبوعيا خلال الربع الرابع لعام 2014، كما بلغ معدل أيام العمل الشهرية 22.6 يوم عمل، وفي قطاع غزة بلغت ساعات العمل الأسبوعية 37.2 خلال نفس الفترة، وبلغ معدل أيام العمل الشهرية 24.0 يوم عمل.
ويقول المحلل الاقتصادي نائل موسى معلقا على الأرقام، إن هذا العدد الكبير من العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل والضفة الغربية يستطيعون جلب دخل ممتاز إلى فلسطين، كما يعتبر مصدرا مهما للسيولة في الاقتصاد الفلسطيني ويساهم في حل مشكلة البطالة، وهذه تعتبر ايجابية.
ويضيف موسى: "لكن هذا العدد من العمال العاملين في إسرائيل والمستوطنات يشكلون نوعا من الضغط السياسي على السلطة الفلسطينية، وعلى الاقتصاد الفلسطيني في حال منعت إسرائيل أو ألغت تصاريح العمال الفلسطينيين.
ويتابع إن مجرد أي انقطاع عن العمل في إسرائيل سيحدث هزة في الاقتصاد الفلسطيني، وسيزيد البطالة في صفوف القوى العاملة الفلسطينية.
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن الدخل الذي يأتي به العاملون في إسرائيل والمستوطنات سنويا ينفق على المصاريف الشخصية داخل الاقتصاد الفلسطيني، وبالتالي يحرك العامل الفلسطيني في إسرائيل الدورة الاقتصادية في فلسطين، وعليه يكون من الصعب التخلي عن فرص العمل الموجودة في إسرائيل.
ويشير عبد الكريم إلى أن الاقتصاد الفلسطيني غير قادر على خلق فرص عمل لكل الفلسطينيين الراغبين بالعمل، وبالتالي هم يضطرون للبحث عن أماكن أخرى يعملون بها، وهذا يعكس ضعفا بنيويا في الاقتصاد الفلسطيني لأن الاستثمارات الخاصة ما زالت دون التوقعات.
كما أن هذه الأرقام تعكس مستوى الأجور داخل إسرائيل والمستوطنات، أضعاف مستوى متوسط الأجور الموجودة في مناطق السلطة الفلسطينية، وهذا يشكل حافزا قويا وعامل جذب لدى العمال المهرة وغيرهم في البحث عن فرص عمل في إسرائيل.
مقابل ذلك، فإن متوسط الأجور في فلسطين متدن جدا، مقارنة بإسرائيل، فمن يجد فرصة عمل في إسرائيل لن يرفضها مقابل العمل في الضفة أو غزة بأجر منخفض.
ويذكر عبد الكريم أنه يقع على القطاع الخاص مسؤولية إعادة النظر في سياسات الأجور، ومحاولة إنصاف العمال من اجل الحد من تسربهم إلى إسرائيل.
وتشير الإحصاءات إلى أن %34.5 من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص، يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر (1,450 شيقلا) في فلسطين.
وفي ذات السياق، يقول رئيس غرفة تجارة بيت لحم سمير حزبون: "نتيجة عدم توفر عمل مناسب بأجور تناسب الغلاء المعيشي في فلسطين، يتجه العامل الفلسطيني للعمل داخل إسرائيل والمستوطنات.
وأكد أنه في حال توفر فرص عمل للعمال الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية فإنهم سيتركون إسرائيل ومستوطناتها، موضحا أن العمل في إسرائيل والمستوطنات يدر علينا مداخيل إضافية تساهم في الناتج القومي الفلسطيني، وتوفر سيولة للاقتصاد.