الخليل- الاقتصادي – سلمى ياسر الوريدات - لطالما التفت على أعناق الثوار، وتشبعت بدماء الكثير من الشهداء، وتغنى بها الشعراء، هي ليست هوية فلسطينية وجغرافية وشعبية فحسب، بل هي هوية عربية وعالمية ونضالية، ارتبطت ارتباطا وثيقا بالرئيس الراحل ياسر عرفات "أبو عمار".. إنها باختصار الكوفية الفلسطينية التي ما زال مصنع في الخليل يعمل على تصنيعها متحديا غزو السلع الصينية للسوق الفلسطينية.
في الخليل، أكبر المدن الفلسطينية والمشهورة بالصناعات المختلفة، لمع نجم مصنع الكوفية منذ 60 عاماً، أعوام ترجمت بخطوط رسمت على أخاديد الحاج ياسر الحرباوي، والذي عمل على تدشين هذا المصنع منذ العام 1961، مؤسساً بذلك المصنع الأول بماكينتي نسيج لصناعة الكوفية في فلسطين والتي تعد شكلاً من أشكال التضامن مع القضية الفلسطينية.
أصبح هذا المصنع بمعداته البسيطة يعمل على إنتاج رمز قيم بحياة الشعب الفلسطيني إلى أن جاءت القشة التي قسمت إنتاج هذا المصنع ألا وهي غزو المنتجات الصينية للأسواق الفلسطينية ما اضطرهم لإغلاق المصنع لمدة خمس سنوات مع الاستمرار بدفع رواتب موظفيهم.
الأبناء جودة وعبد العظيم وعزات الحرباوي وبرفقة والدهم وتوجهاته عملوا على انتهاج أساليب جديدة ومنها تحسين جودة الإنتاج والمواد المستخدمة ووضع خطط مستدامة تهدف إلى التمييز .
يقول جودة :" طورنا المصنع بحيث أصبحنا نمتلك 15 ماكينة و13 عاملاً، نعمل دون كلل أو ملل منتجين 300 حطة يومياً، بالإضافة إلى التصدير للأسواق العالمية بشكل شهري ما جعل المصنع يستعيد عافيته من جديد، حيث يقدر نسبة استهلاك السوق المحلي ما نسبته 15 % .
يضيف جودة أن إدخال نقوش جديدة على الكوفية الفلسطينية ساهم بتسويقها بشكل أكبر، وخاصة بين الفتيات في ظل التسارع المتزايد بمجال الموضة، ويشير إلى أن غياب الكوفية عن الزي الفلسطيني أضعف استخدامها ، مع التأكيد على أن نسبة كبيرة من الشباب تستخدمها بمناسبات وطنية مختلفة.
ويبين جودة أن تدفق المنتجات الصينية الرخيصة بشكل مستمر ومنافستها للمنتجات المحلية، يقتل الكثير من الصناعات، في ظل عدم وجود إجراءات قانونية من قبل الحكومة بفرض الضرائب أو غيرها ، بالإضافة إلى أن الأزمات العالمية تؤثر بدورها على القطاع السياحي وبالتالي التأثير على معدل الاستهلاك.
وأشاد جودة بدور الإعلام ومساعدته في إظهار مكانة المصنع ، بالإضافة إلى دور المجموعات السياحية التي تزور المعرض الذي اتخذ من المصنع زاوية له لعرض منتجاته ومساهمتها في فتح أسواق خارجية لهم ومساعدتهم في بيعيها عالمياً.
ودعا جودة الحرباوي المستهلكين لزيارة المصنع وإلى ضرورة دعم المنتج الوطني، حيث أكد انه بإمكان المهتمين بزيارة الموقع الالكتروني للمصنع (Hirbawi Textiles ) .
وفي نهاية حديثة أكد جودة على أهمية الكوفية الفلسطينية باعتبارها رمزاً وطنياً فلسطينياً، وبأنهم سيستمرون في صناعة الكوفية والمحافظة على مهنة أبيهم.
من جانبه قال عبد العزيز الكركي أحد العاملين بالمصنع منذ 45 عاماً بصوت ملؤه الاعتزاز والافتخار، بأن الكوفية رمز وطني عظيم منذ استخدامها في العام 1936 إبان الانتداب البريطاني.
وأضاف الكركي أن عملة في المصنع ساعده اقتصاديا في توفير احتياجات عائلته، ووجه كلمة للشباب بضرورة محافظتهم على رمزهم الوطني والنضالي .
من جهتها، أكدت سارة عمرو إحدى العاملات في المصنع متزوجة ولها أبناء بأن عملها بالمصنع ساعدها اقتصادياً بتوفير احتياجات عائلتها اليومية، إضافة إلى اعتزازها بهذا العمل وعدم قدرتها الاستغناء عنه.
بدوره، أكد ماهر القيسي مدير مديرية الاقتصاد الوطني في الخليل، بأنهم يعملون على دعم المنتج الوطني بأي طريقة وضمن الإمكانيات المتاحة لوزارة الاقتصاد من خلال الدعم الفني ومنح التراخيص وإقامة المعارض التي تروج لهذه المنتجات، وإعفاء بعض المنشآت من الضرائب من خلال الهيئة العامة لدعم المنشآت الصناعية.
وأضاف القيسي أن نسبة الضرائب المفروضة على استيراد البضائع يبلغ 14-17 %.
ودعا القيسي الشباب إلى ضرورة الاهتمام بالكوفية كونها رمزاً وطنياً ، ومنتجاً وطنياً يجب الحفاظ علية بكل الأوقات.
يشار إلى أن الكوفية وبنقشتها كـ(شبك و أسلاك شائكة) باللون الأسود والأبيض للتذكر بالفلاحين و الاضطهاد الطبقي من (الأفندية) ثم بالاضطهاد القومي من الإمبريالية والصهيونية.
إذا الكوفية الفلسطينية بكل ما فيها من جمال تزخر بمعان وطنية كثيرة ، أثبتت حضورها بكافة المحافل الدولية لتكون رمزا للعدالة الفلسطينية بكل مكان.