غزة - الاقتصادي - إسلام أبو الهوى - ما بين المينيو "قائمة الطعام"، وتذاكر الدخول، والأماكن العامة في قطاع غزة، تتعدد الخيارات أمامك من مطاعم وفنادق ومدن ألعاب تشبه ما يتم الاعلان عنه على شاشات التلفاز.
تقف متسائلا، هل حقا غزة تعاني من ويلات الحروب المستمرة وتداعيات حصار مستمر منذ تسع سنوات، لكن كم معك من المال هو من يحدد جهتك لتذهب وحدك او مع عائلتك تقضي عطلتك او أوقات فراغك؟
وفي غزة، حيث الحصار المستمر منذ أكثر من تسع سنوات، والحروب الثلاثة منذ 2008 التي تقضي على كل معالم الحياة، رغم ذلك يواصل المواطنون الحياة متناسين ما مروا به من موت وفقد وبطالة.
على امتداد شارع رشيد "الكورنيش" كما أطلق عليه بعد تعبيده وتجهيزه، ليكون المتنفس الأوسع شهرة لكل الطبقات في قطاع غزة، تكاد لا تجد لنفسك مقعدا فارغا.
حتى منتصف الليل، تجلس الحاجة ام ابراهيم وتقول: "كلما أحسست بالملل جئت مع زوجة ابني وأحفادي إلى الكورنيش مصطحبين ما تيسر لنا من المأكولات والمشروبات من داخل المنزل.
وتتابع الحديث مع "الاقتصادي": "كما تعلمين، الأوضاع الاقتصادية سيئة على الجميع، وخلال العطلة الصيفية للأولاد لا نجد متنفسا لنا إلا الكورنيش حيث لا تذكرة دخول مكلفة ولا قائمة طعام بأسماء عجيبة غريبة".
وأضافت: "في شهر رمضان الكريم، كان الكورنيش هو ملجأنا للهروب من انقطاع التيار الكهربائي والحر الشديد، فكنا نأتي الى الكورنيش يوما بعد يوما لتناول الافطار في الهواء الطلق بعيدا عن عتمة البيوت.
ولا يختلف الحال مع رب الأسرة أبو محمود 45 عاما حيث يقول: "يوم الخميس هو اليوم المخصص لاصطحاب عائلتي المكونة من 7 أفراد إلى ميناء غزة البحري".
وأضاف: "يوجد العديد من المنتجعات السياحية والمطاعم في غزة لكني دخلي المتواضع لا يمكنني من زيارتها، فزيارة واحدة لمنتجع كفيلة ان تجعلني استدين طيلة الشهر".
وزاد: "ينتشر الباعة في الميناء.. أحاول جاهدا ان ادخل الفرحة إلى أبنائي ببعض الحاجيات البسيطة التي تتناسب مع ميزانية تلك الرحلة المخطط اليها كل خميس"، مؤكدا انه لا يشعر بالسخط لعدم تمكنه من ارتياد المنتجعات الاخرى.
بدورها تحتار تهاني حسن في اختيار المكان المناسب لها ولعائلتها، بعد أن ترك لها زوجها مهمة اختيار المكان لقضاء عطلة نهاية الاسبوع بعد عودة المدارس وقبل أثناء العطلة المدرسية.
وتقول لـ "الاقتصادي": "احاول الابتعاد عن المطاعم المغلقة، فأنا ابحث عن مكان ينطلق به ابنائي بحرية وفي الوقت نفسه يشعرون بالاستجمام والسعادة.
وترى حسن أن غالبية أسعار الاماكن الترفيهية غير مناسبة لمتوسط دخل المواطن الغزي خاصة في الظروف السيئة التي يعاني منها موظفي قطاع غزة لذا يرغب الكثير في ارتياد شاطئ بحر غزة وميناء غزة ومنتزه البلدية العمومي لأسعاره الرمزية التي تتناسب مع محدودي الدخل.
وتضيف: "تتكرر زيارتي لمنتجع الشاليهات ومدينة kids land، ومدينة شارم بارك للألعاب ومدينة النور الترفيهية، وجميعهم يتناسب ما نوفره من اجل تلك الخروجات"، لافتة إلى انها تحرص على جلب ما يحتاجونه من طعام ومسليات من البيت حتى لا يزيد العبء المالي عليها.
هناك .. في مقهى الكروان يجتمع الشباب لقضاء أوقات فراغهم بعيدا عن ضجيج الاستراحات وازدحامها.
يقول الشاب عبد الرحمن: "كلما وجدت نفسي ضجرا من البيت او الدراسة اهرب إلى المقهى حيث اجد الراحة بمشاركة رواد المقهى بقصصهم ونكاتهم وحتى مشاكلهم الحياتية".
ويضيف: "نسجت علاقات كثيرة ومفيدة مع الكثير فأصبح الكروان هو عالمي الذي يضفي علي السعادة بمقابل مادي قليل".
وقدرت إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، خسائر القطاع السياحي في غزة، خلال العام الجاري بنحو 6 ملايين دولار حيث كان النصيب الأكبر لهذه الخسائر من نصيب القطاع الفندقي، الذي تلقى ضربة موجعة بفعل إغلاق المعابر والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ تسع سنوات، فيما توزعت باقي الخسائر على باقي القطاعات السياحية كالمطاعم والمشاريع الترفيهية.
يقول رزق الحلو مدير عام السياحة في وزارة السياحة لـ الاقتصادي: "قطاع غزة يعاني من حصار واغلاق اسرائيلي خانق، أثر بشكل سلبي على قطاع السياحة إلى جانب الاستهداف المباشر لكثير من المنتجعات السياحية خاصة في الحرب الاخيرة 2014 على قطاع غزة".
واردف:" بعد أن بات اغلاق المعابر ومنع حركة التنقل في قطاع غزة قدرا لا مهرب منه، اتجه الكثير من المستثمرين إلى تلبية حاجة المواطنين من خلال اقامة الفنادق والمنتجعات المختلفة لتشجيع السياحة الداخلية ونشر ثقافة الرفاهية بالإضافة لما تساهم به السياحة الداخلية في تطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات بالإضافة إلى تنشيط الاستثمارات وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
وأضاف:" كلما زادت المشاريع السياحية نقصت نسبة البطالة بتشغيل شريحة واسعة من الايدي العاملة من الخريجين والعاطلين عن العمل، مؤكدا أن أصحاب هذه الاستثمارات يعانون بسبب عدم استقرار الاوضاع الاقتصادية ونقص الموارد التشغيلية اللازمة لاستمرار عمل المنتجعات والمطاعم".
ويرى الحلو أن اتجاه غالبية المواطنين إلى قضاء عطلتهم إلى شاطئ البحر والميناء بسبب رمزية أسعارها، والتي تتناسب مع متوسط دخلهم منوها إلى ان عمل المطاعم والفنادق ليس مقتصرا على ارتياد الزبائن اليه بل يعتمد دخلهم بشكل كبير حركة الوفود الاجنبية خاصة في اوقات الحروب، إضافة إلى انها الاماكن الاكثر استخداما في تنظيم ورش العمل والمؤتمرات والمهرجات للمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.