غزة-الاقتصادي- عبد الرحمن محمد- بخطى أثقلتها البطالة والحصار الإسرائيلي، يخرج الشاب أحمد الطيبي (25 عاما) صباح كل يوم من منزله في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، قاصداً العمل على سيارة أجرة صغيرة، على أمل توفير مصدر رزق له ولعائلته المكونة من خمسة أفراد التي يعيلها بعد وفاة والده.
ويعد أحمد نموذجا للمئات من شباب غزة الذين اصطدموا بشبح البطالة وشح فرص العمل بل انعدامها، بعدما تخرجوا من الجامعات والمعاهد التعليمية المختلفة، الأمر الذي دفعهم للبحث عن أي مجال للعمل بغض النظر عن الدرجة العلمية التي يحملوها، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية لسكان غزة.
وقال الطيبي لـ"الاقتصادي": "كنت آمل في الحصول على وظيفة في أحد القطاعات الحكومية، بعدما تخرجت من قسم اللغة العربية منتصف عام 2011 بمعدل جيد جداً، ولكن جميع محاولاتي لم يكتب لها النجاح بسبب سوء الظروف الاقتصادية والمعيشية وحالة الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية والقطاع".
وعمل أحمد في أنفاق التهريب على حدود مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية رغم خطورة العمل تحت الأرض مقابل أجر يومي لا يتجاوز الـ50 شيقلا، ولكن سرعان ما أغلقت الأنفاق، وحينها لم يجد أمامه إلا العمل على سيارة أجرة التي يملكها أحد أقاربه مقابل ثلث الحصاد اليومي.
ويعاني سكان القطاع المحاصر إسرائيليا منذ صيف عام 2007، من عدة أزمات خطيرة أثرت على كافة مناحي الحياة، كانقطاع التيار الكهربائي، وتأخر عملية الإعمار والبناء، نتيجة إغلاق الاحتلال للمعابر الحدودية، الأمر الذي تسبب في زيادة معدلات البطالة ورفع من مستوى الفقر بين كافة شرائح المجتمع.
ولا يختلف حال الشاب الطيبي عن الخريج من كلية التجارة في جامعة الأزهر بغزة، خليل أبو هاشم (30 عاما)، الذي تمكن من شراء سيارة، بعدما باع نصف الذهب الذي تملكه زوجته رغم أنه لم يمض على زواجه إلا بضعة أشهر.
وأوضح هشام أنه كان يعمل في إحدى المنشآت الاقتصادية محاسبا ماليا، قبل أن يدمرها الاحتلال الإسرائيلي في حربه على القطاع عام 2012، لكن صاحب المنشأة لم يتمكن حتى الآن من إعادة ترميمها بسبب عدم توفر مواد البناء والإعمار داخل القطاع، الأمر الذي أعاد هشام مجددا لطابور البطالة.
وقال هاشم: "بعدما جلست في البيت لنحو عامين دون أي عمل، قررت شراء سيارة أجرة اعتمد عليها لتلبية احتياجات الأسرة التي بدأت تتكون، ولكني لم أجد المبلغ المالي الكافي فعرضت زوجتي بيع كمية من الذهب لاستكمال الثمن المطلوب مع استدانة بعض الأموال من أخي".
وأشار هاشم إلى أن ما يحصله بعد نحو عشر ساعات من العمل على فترات متقطعة داخل حدود مدينة غزة وخارجها، لا يكاد يتساوى مع حجم الجهد المبذول، بجانب النفقات المالية التي تحتاجها السيارة لصيانة الأعطال التي تطرأ بين الحين والآخر، خصوصا في ظل ارتفاع ثمن قطع الغيار.