رام الله- الاقتصادي- ميساء بشارات- السائق محمد إبراهيم حمودي (40 عاما) والعامل على خط رنتيس رام الله، يخشى من تذبذب أسعار السولار التي قال إنها تؤثر كثيرا على السائقين وبخاصة "العمومي"، موضحا أنه يقوم بتعبئة خزان السولار الخاص بسيارته يوميا بحوالي 250- 300 شيقل.
ويؤكد أنه في حال تم استيراد المحروقات من غير إسرائيل، فإن هذا سيؤدي إلى انخفاض أسعار المحروقات، ما يزيد من دخله، ويحسن مستواه المعيشي نوعا ما.
ويشكو السائقون والمواطنون من أن أسعار المحروقات في فلسطين أعلى من أمريكا وأوروبا لا سيما إذا قورنت بمستوى الأجور والدخل الفردي مستهجنين انخفاضها محليا بنسبة لا تزيد عن 15% في وقت انخفض فيه سعر برميل النفط عالميا إلى نحو 50% في عدة أشهر.
وبحسب اتفاقية باريس الاقتصادية التي وقعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1994، يحق للسلطة شراء المحروقات من الدول الأخرى، بشرط أن تكون ضمن المواصفات الإسرائيلية المطلوبة.
ويعتبر سعر لتر البنزين في اسرائيل مرتفعا لسبب رئيسي هو فرض ضريبة خاصة ووحيدة من نوعها على مستوى العالم تسمى "ضريبة البلو"، وهي إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة تصل إلى أكثر 100% من السعر الأصلي للتر البنزين حيث تشكل هذه الضرائب على أنواعها 54% من سعر الوقود والتي تتحول مباشرة إلى خزينة المالية الإسرائيلية.
ويؤكد مسؤول وحدة الشكاوى والبحوث في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني د. محمد شاهين، أن اتفاقية باريس تسمح للفلسطينيين استيراد البنزين من الدول المجاورة شرط ألا يقل سعره عن 15% من سعر البيع في السوق الإسرائيلي، إضافة إلى اشتراط تغيير لونه حتى لا يتم تهريبه إلى السوق الإسرائيلي. بينما لا تفرض الاتفاقية أية شروط على استيراد السولار والكاز والغاز.
وينوه شاهين إلى أن الاستغناء عن المحروقات الإسرائيلية هو حل وارد والاستيراد مسموح قانونيا وإجرائيا، إلا أنه يعتقد بوجود قصور لدى الجانب الفلسطيني في تبني بدائل.
وتعتبر المحروقات إحدى السلع الاستراتيجية الأساسية التي ترتبط بباقي السلع والخدمات الأخرى، وتعتمد عليها الدول في تطورها الاقتصادي.
ويشير شاهين إلى أنه لا بد من توفير بديل عن المحروقات الإسرائيلية حتى لا يبقى السوق الفلسطيني تحت رحمة الاحتلال.
وأكد أنه في حال تم توفير بديل عن المحروقات الإسرائيلية، من خلال استيرادها من الدول المجاورة فإن ذلك سينعكس على أسعار المحروقات، ويعود الفرق إلى المواطن الفلسطيني ولصالح ميزانية الحكومة.
وأوضح أنه يمكن تطبيق هذا البديل بتسهيلات من بعض الدول العربية، أو تجهيز محطات تكرير للمحروقات في حال تم استيراد النفط خام، مبينا وجود منفذ فلسطيني مع الأردن يمكن استغلاله في هذه القضية.
ويشير شاهين إلى أن قطاع غزة نجح في استيراد المحروقات المصرية مستغنيا عن المحروقات الإسرائيلية، ما انعكس بشكل ايجابي على سعر المحروقات في القطاع.
ويؤكد المحلل الاقتصادي محمد قرش أن الفلسطينيين قادرون على الاستغناء عن المحروقات الإسرائيلية في حال وافقت إسرائيل على ذلك وهو أمر يرى أنه لن يتم دون طرح الموضوع على الصعيد الدولي.
ويقول قرش إن ايجاد بديل عن المحروقات الإسرائيلية سيخفض أسعارها بنسبة كبيرة في فلسطين، ما يؤدي إلى تنشيط عجلة الاقتصاد وتقليل تكلفة الإنتاج.
وتأخذ محطات الوقود نسبة ثابتة على الكمية التي تبيعها في محطاتها بغض النظر عن سعر المحروقات، وتحدد نسبة الربح هيئة البترول وتلتزم بها جميع المحطات.
"في حال انخفضت أسعار المحروقات سيتجه المواطنون للإنفاق أكثر على المحروقات، ويصبحون أكثر سخاء بسبب الأسعار المنخفضة"، يقول الموظف في محطة محروقات برقة توفيق حمد.
ويضيف حمد: "نربح أكثر عندما تكون الأسعار رخيصة، لأن المال المستثمر أقل والاستهلاك أعلى"، ويشرح: كلما كان سعر المحروقات منخفضا، يكون الإقبال على الشراء أكثر، وبالتالي يزيد الربح في المحطات.
ويقول المحلل الاقتصادي نافذ أبو بكر: "لا يوجد شيء مستحيل وكل شي قابل للتطبيق وهناك دراسات تبين أننا قادرون عن الاستغناء عن المحروقات الإسرائيلية".
ويستورد الفلسطينيون سنويا أكثر من مليار دولار من المحروقات يدفع نصف المبلغ تقريبا على شكل ضرائب وجمارك.
ويشير أبو بكر إلى أنه في حال الاستغناء عن اسرائيل في مجال المحروقات سيكون بإمكان الحكومة تخفيض السعر على المواطن والمستهلك والقطاع الصناعي والمواصلات والخدمات والزراعة، مع إمكانية العمل على تخزين المحروقات وتكريرها.
من جانبه، يقول مدير عام هيئة البترول فؤاد الشوبكي: "إن السلطة في المرحلة الحالية لا تستطيع الاستغناء عن المحروقات الإسرائيلية، لكن يمكنها فعل ذلك في المستقبل بالاستيراد مباشرة من الدول المنتجة، مضيفا أن السلطة الفلسطينية ما زالت في انتظار موافقة الجانب الإسرائيلي للسماح للفلسطينيين باستيراد المحروقات.