باسم برهوم
قليلون منا يعرفون أن رقم هاتفهم النقال هو ملك للحكومة وليس للشركات الخاصة. أنا شخصياً عَرفت هذه المعلومة مؤخراً وبالصدفة، عندما كنت في زيارة لإحدى الدول الاوروبية، عندما أخبرني صديق خبير بذلك وقال إنه بإمكاني الاحتفاظ بالرقم الخاص بي نفسه وبكل مكوناته. حتى وإن قمت بتغيير اشتراكي من شركة لأخرى. لوهلة استغربت الموضوع وقلت إن هذا الأمر لا يحصُل عندنا في فلسطين.
سألت صديقي كيف يتم ذلك، فقال ببساطة: "الأمر يتم بالقانون"، الكثير من دول العالم وضعت قوانين وأنظمة تكفل للمواطن أو المُشترك الحق بالاحتفاظ برقمه النقال باعتباره مُلكية حكومية يتمتع بها المواطن وهي حق له بإمكانه التنقل بهذا الرقم من شركة لأخرى دون أن يطرأ عليه أي تغيير، وأعطاني العديد من الأمثلة في دول العالم التي سنت القوانين والأنظمة التي تَكفل هذا الحق.
وسألت لماذا لا يوجد مثل هذا الحق للمواطن الفلسطيني، هل الاحتلال الاسرائيلي هو السبب؟ فقال لي الصديق الخبير إنه في هذه المسألة بالتحديد ليس للاحتلال علاقة بذلك، فالرقم النقال هو ملك الحكومة الفلسطينية، وهي مسألة تنظيمية داخلية بحتة، هي مسألة إقرار قانون خاص يُنظم هذا الموضوع.
نحن نعلم أهمية قطاع الاتصالات للاقتصاد الوطني الفلسطيني، وكم هو أهم لأي عملية تنموية اقتصادية، وعملية تنموية شاملة. ونَعلم أيضاً أنه وفي عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن أي عملية تنمية أصبحت تعتمد اعتماداً كاملاً على هذا القطاع الحيوي جداً والذي بات أحد أهم عناصر الاقتصاد العالمي، لذلك فإن من المهم جداً أن يتم تنظيم هذا القطاع الحيوي، فتنظيمه بقوانين وأنظمة من شأنه أن يعمل على إزالة كافة المُعيقات، التي تقف أمام تطور ونمو هذا القطاع (قطاع الاتصالات) وفي الوقت نفسه يضمن حق المواطن من خلال إزالة التنافس بين الشركات، التي غالبا ما تجري على حساب المواطن.
والسؤال، من المسؤول في البت بهذه القضية المُلحة، وهي قضية وطنية بامتياز باعتبار ما فيها من خدمة للمواطن وباعتبار ما لقطاع الاتصالات من أهمية في الاقتصاد الوطني وتنميته؟
من دون شك أن وزارة الاتصالات والمعلومات، هي صاحبة هذا الاختصاص، وهي الطرف المسؤول عن اقتراح القوانين والأنظمة الخاصة بهذا القطاع الحيوي. صحيح أن المجلس التشريعي (البرلمان) مُعطل بسبب الانقسام، إلا أن القانون الاساسي يُعطي رئيس الدولة الحق في اقرار القوانين بمرسوم في حال غياب المجلس التشريعي، لما فيه المصلحة العامة. ومن هُنا فإنه ليس لدى الوزارة أي عُذر أو مُبرر ألا تقترح القوانين والانظمة التي تُنظم قطاع الاتصالات، وتضمن للمواطن حقوقه، وحقه في الاحتفاظ برقمه النقال، بغض النظر عن اشتراكه مع أي شركة اتصالات كانت، ويجب الاشارة هُنا وبهدف الإنصاف الى أن الوزارة قامت خلال السنوات الماضية بأعمال مهمة تُشكر عليها من دون شك، ولكن عليها الآن ان تُكمل مُهمتها لإزالة العقبات أمام نمو هذا القطاع.
المصدر: الحياة الجديدة