رام الله- الاقتصادي- أسيل ر.سعيد- قوبل طلب حمزة عبد الكريم صاحب مصنع لتصنيع الثلاجات بالحصول على قرض بنكي بالرفض ما أدى إلى تعطيل العمل في المصنع لفترة طويلة.
ويسرد عبد الكريم قصة فشله في الحصول على قرض بنكي لتطوير مشروعه القائم في منطقة (ج) التابعة أمنيا للجانب الاسرائيلي بالقول" تقدمت بطلب للحصول على قرض من البنك بمبلغ 70 الف دولار اميركي لشراء معدات للمصنع الذي تأسس علم 2000، لكن البنك رفض منحي القرض بعد أن طلب ضمانات صعبة التحقيق"، مشيرا إلى أن البنك اشترط تقديم ضمانات تغطي 100 % من قيمة القرض بالإضافة إلى تقديم رهن لأملاك واقعة في المنطقة (أ) بالرغم من أن المصنع يقع في المنطقة "ج" وكذلك اشتراط البنك أن يكون الكفلاء من عملائه.
وأوضح انه بعد رفض البنك طلبه تقدم بطلب للحصول على قرض من المؤسسة الفلسطينية للاقراض والتنمية (فاتن) التي درست طلبه ومنحته القرض بشروط وكفالات واجراءات أسهل لا تحتاج إلى إثبات مديونية.
وأكد عبد الكريم أن المصنع تطور وزادت إنتاجيته بعد شراء المعدات، مشيرا إلى أن معظم المشاريع الصناعية في فلسطين تواجه صعوبات بشأن الحصول على التمويل من البنوك.
وتعاني الكثير من القطاعات الاقتصادية في فلسطين من مشكلة الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع تنموية بسبب سياسات إقراض متحفظة تبديها البنوك تجاه هذه القطاعات بدعوى ارتفاع المخاطرة فيها.
وفي ظل هذا الوضع القائم، تتعالى الأصوات المطالبة بإنشاء بنوك تنموية متخصصة توفر التمويل لقطاعات حيوية من شأنها أن تسهم في تطوير الاقتصاد الفلسطيني.
ويتكون القطاع المصرفي الفلسطيني من 16 مصرفاً. ويوجد في فلسطين 9 مؤسسات عاملة في مجال الإقراض الصغير، يرغب بعضها في التحول إلى بنوك تنموية، لكنها تفتقر إلى المسوغات القانونية في ظل عدم اتمام سلطة النقد لجملة من القوانين اللازمة لاطلاق بنوك تعمل في هذا المجال.
وتعتبر المؤسسة الفلسطينية للاقراض والتنمية (فاتن) من أكبر المؤسسات العاملة في مجال الإقراض الصغير إذ تمتلك محفظة نشيطة بلغت مع نهاية العام 2014 حوالي 60 مليون دولار وموجودات بحوالي مبلغ 66 مليون دولار وعملاء نشطين حوالي 30 ألف مقترضة ومقترض.
ويبين أنور الجيوسي مدير عام المؤسسة أن الاقتصاد الفلسطيني في أمسّ الحاجة إلى مثل هذه البنوك لأنها ستعمل على تنمية قطاعات معينة مثل الزراعة والصناعة التي لا تجد كامل حاجتها التمويلية من البنوك العاملة في فلسطين، مؤكدا أنه في حالة تحول "فاتن" إلى بنك تنموي متخصص سينعكس ذلك بشكل ايجابي على القطاعات الاقتصادية المختلفة كون أن البنك المتخصص سيمنح أسعار فائدة أقل لأن التكلفة التشغيلية ستنخفض حتما.
وأشار إلى جهوزية "فاتن" للتحول إلى بنك تنموي متخصص لتمويل المشاريع الصغيرة، مؤكدا أن المؤسسة تتمتع بمحفظة نشيطة يمكنها من اتخاذ هذه الخطوة .
وأوضح أنه في حالة اتمام سلطة النقد للنواحي القانونية الخاصة بذلك فإن "فاتن" ستتحول مباشرة إلى بنك تنموي متخصص".
يذكر أنه يوجد في فلسطين نحو 145 ألف مشروع صغير ومتوسط غالبيتها توظيف ذاتي بمعدل لا يزيد عن خمسة عمال في المنشأة الواحدة تعاني معظمها من مشكلة الحصول على تمويل من المصارف العاملة في فلسطين.
بدوره، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية نائل موسى أن إنشاء بنوك تخصصية بات حاجة ماسة للعديد من القطاعات التي تعاني من مشكلة التمويل.
وقال" وجود بنوك متخصصة للاقراض الزراعي أو التجاري والتنمية الصناعية باتت ضرورة للنهوض بالقطاعات المختلفة والفاعلة في فلسطين".
وأضاف أن إنشاء بنوك تخصصية يتطلب وجود نظام اقتصادي قادر على توفير عوامل الضمان للمستثمر خاصة وأن البنوك التجارية في فلسطين لم تنشأ كنظام يتسم بخطة تنموية وغالبية القروض الممنوحة تعتبر قروضا استهلاكية".
وأشار إلى أن أهم اشكاليات إنشاء بنوك تخصصية تمنح قروضا تنموية في مجالات مختلفة ترجع إلى عامل المخاطرة، وذلك لاعتبار فلسطين من الدول التي تعاني من ارتفاع حجم المخاطر، بالإضافة إلى صغر حجم السوق الفلسطيني واجراءات الاحتلال الاسرائيلي التي تقوض النهوض بالاقتصاد الفلسطيني ولا توفر عوامل الأمان فيه.
ولفت إلى أهمية دور مؤسسات الاقراض العاملة في فلسطين والتي تحاول تقديم قروض تنموية كبديل عن البنوك المتخصصة إلا أنه اعتبر القروض التي تمنحها مؤسسات الاقراض بسيطة تتناسب مع المشاريع الصغيرة وغير قادرة على القيام بدور بنوك تخصصية يمكنها تمويل مشاريع كبيرة من شأنها احداث تأثيرات كبيرة في الاقتصاد الفلسطيني.
وعن امكانية انشاء بنوك متخصصة، قال رئيس قسم الترخيص في سلطة النقد عنان السامري" إن سلطة النقد تقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية من تنفيذ بنوك تخصصية لتطوير المشاريع الاقتصادية ".
وأضاف "في إطار قانون المصارف رقم 9 الصادر في عام 2010 والذي أعطت احكامه صلاحيات لسلطة النقد لترخيص البنوك التخصصية، تقوم سلطة النقد بالتعاون مع مؤسسات دولية بدراسة أهمية إنشاء البنوك التخصصية ومدى فائدتها للاقتصاد الفلسطيني".
وتابع" سلطة النقد تدرس واقع السوق وحاجة القطاعات الحالية للخدمات من حيث مبالغ الاقراض وفترات السداد، خاصة وأن غالبية البنوك المتوفرة تمنح قروضا قصيرة الأجل، في حين تقدم البنوك التخصصية في دول العالم قروضا طويلة الأجل"، مشيرا إلى أن قطاعات الزراعة والصناعة والبنية التحتية من أكثر القطاعات التي تحتاج لقروض طويلة الأجل لتطوير عملها.
وأكد أنه لم تتقدم أي جهة إلى سلطة النقد بطلبات لترخيص بنوك متخصصة.