منذ تسعة عشرة يوماً تخضع محافظة الخليل لحصار وطوق عسكري اسرائيلي، ما يرفع من درجة المعاناة والضغوطات على المواطنين، لا سيّما أثناء تنقلاتهم ما بين المدينة وقراها، أو حتى بين البلدات وخربها، خاصة بما يتعلق بالأمور الخدماتية والمعيشية الى جانب الخطر المحدث بالمرضى والأطفال وكبار السن.

بلدة سعير شمال الخليل والتي يبلغ تعداد سكانها قرابة 20 ألف نسمة، ومنذ تنفيذ العملية الأخيرة التي أصيب بها مستوطنين ولاذ المنفذ بالفرار قرب البلدة قبل حوالي 10 أيام، تخضع لطوق أمني مشدد، عمل على تعطيل حياة كثير المواطنين خاصة الطلبة الذين يضطرون التوجه للمدينة أو خارج المحافظة الى جانب الموظفين والعمال وغيرهم من فئات المجتمع.

على عكازه كان يتكأ الحاج عماد جرادات وفي ذات الوقت تتكأ عكازه على السواتر الترابية على مدخل البلدة، والعرق يشرح حجم الجهد والتعب الذي يكابده في اجتياز تلك الحواجز قال وهو يتنهد: "الله يلعن الاحتلال، قطّعنا، ولم نعد نستطيع الوصول الى أقاربنا إلا ببهدلة ومشقة كبيرتين، وأنا أقطع هذه السواتر أشعر بالذل، لم يعد لنا كرامة".

المعاناة التي تعيشها بلدة سعير لا تختلف عما يعايشه سكان بلدة بني نعيم شرق المحافظة والتي تعداد سكانها يقارب 20 ألف نسمة، فالبلدة تخضع منذ حوالي شهر لتضييق أكبر من باقي البلدات.

المواطن محمود مناصرة يقول "منذ ثلاثة أسابيع وأكثر بني نعيم مغلقة، حتى الطرق الفرعية تم اغلاقها، نضطر قطع البوابات والسواتر الترابية مشيا على الأقدام، وهي معاناة كبيرة ونحن نحمل احتياجات المنزل على أكتافنا، والمعاناة الأكبر عندما نضطر لنقل مريض أو كبير سن عن السدات والحواجز، حينها نشعر بالذل".

في يطا الأمر لا يختلف كثيراً عما تعانيه البلدات الشمالية والشرقية لمحافظة الخليل، غير أن معاناتها تتضاعف على عدة مستويات لا سيّما المستوى المالي، فبالوضع الطبيعي المواصلات من يطا للخليل سبعة شواقل، وبسبب الاغلاقات تضطر المركبات انتهاج طرق بديلة وفرعية ما يستغرق وقتا أطول، ومالاً أكثر.

يقول المواطن جمال عبد ربه أنه وبسبب الاغلاقات يدفع يومياً ما بين 6 شوال لعشرة اضافية بسبب الطرق البديلة والطويلة مبينا "ندفع أجرة اضافية وهي بالكاد تقابل السولار للمركبات، السائقين يخسرون ونحن كذلك، والسائق تتضرر مركبته كثيراً خاصة اذا سلك طرقاً غير معبدة، لكن لا يوجد بديل، فالناس تريد أن تعيش".

وفي بلدة السموع جنوب الخليل يعيش المواطنين منذ أحد عشر يوماً على التوالي حصارا مشدداً خاصة بعد مقتل مستوطن في عملية اطلاق نار قرب مستوطنة "عتنائيل".

المواطنة الخمسينية نوال بدارين التي تتوجع من الحال الذي وصلت إليه وسكان بلدة السموع تقول: "كل يوم نموت في تنقلاتنا، كل المداخل مغلقة، وكلما أردنا الذهاب للخليل نتعرض للبهدلة خاصة اذا كان معي أكياس، فلا أقوى حملها لأني انسانة مريضة، حسبي الله ونعم الوكيل على الاحتلال".

ما زالت الخليل تعاني من الحصار المفروض ومن سياسة العقاب الجماعي، حيث أن هناك ما يزيد عن 200 بوابة وطريق مغلقة حسب الاعلام الاسرائيلي، والمواطن يدفع ضريبة هذا الحصار يوما بيوم دون أن يعي الى متى سيبقى هذا الحال على ما هو عليه ...!!

راية نيوز