رام الله- الاقتصادي – محمد علوان –ستة شهور مضت على عارف العبد متنقلا بمركبته التي أضاع ابنه مفتاحها، فضياع المفتاح وتلف البرمجة بعد المحاولات العديدة بمفاتيح أخرى أتلف برمجة المركبة، ولا ينفك بشتائمه التي لا تقف:" من كراج لكراج، ولا واحد عارف يشغلها، رحنا على التوكيل على الفاضي"، ولم يطل عطل المركبة بعد ان قرر أن يتوجه بها لأحد المهنيين المتخصص بالمركبات الجديدة، نزلت المركبة عن الشاحنة التي حملتها، نظر اليها الميكانيكي وأشار لولده:" العطل بسيط اعطيني نص ساعة واسمع صوت محرك السيارة".
وهذا ما حدث فعلا بعد نصف ساعة أو يزيد قليلا انحلت قضية المركبة التي تجولت في فلسطين محمولة على اكتاف الشاحنات على يد ميكانيكي بسيط، وهذا ما يواجهه العديد من الفلسطينيين الذين لا يؤمنون حتى الآن بمراكز الصيانة التابعة للوكالات.
عدد الوكالات في فلسطين
وشهدت الأعوام الأخيرة تطورا كبيرا في قطاع المركبات، حيث وصل عدد الوكالات 35 وكالة في الضفة الغربية ووكالة واحدة لشركة مرسيديس في قطاع غزة، وتشترط وزارة المواصلات قبل الموافقة على دخول أي وكالة جديدة على فلسطين أن يتوفر مركزا للصيانة وان تتوفر قطع الغيار في المخازن، بالإضافة إلى مجموعة من الشروط الأخرى كوجود مركز للتسويق.
خلاف بين أصحاب الكراجات وأصحاب مراكز الصيانة
"بدأت العمل في هذه المهنة منذ العام 1976 اختلف قطاع السيارات بشكل كبير، نحن الآن في جيل مختلف عما كان بالسابق، إلا أن المهنيين العاملين في الصيانة لهم خبرة طويلة جدا، ومعظمهم مهندسون عملوا لفترة في مراكز الصيانة، إلا انهم تركوها وفتحوا مشاريعهم الخاصة بهم"، يقول رئيس نقابة أصحاب المهن الميكانيكية نزار يوسف.
وتعتبر نقابة هؤلاء العاملين نقابة فاعلة، ولها دور فاعل في الحفاظ على العلاقة بين المهنيين والمواطن، وتعمل على متابعة القضايا التي قد تنشب بينهم من وقت لآخر فأي مواطن بإمكانه أن يتقدم بشكوى ضد أي من هؤلاء الفنيين لدى هذه النقابة؟.
ويؤكد يوسف أن دخول مثل هذه الوكالات وثقافة مراكز الصيانة جديدة على المواطن الفلسطيني، ومعظم الفلسطينيين لديهم الميكانيكي الذي يفضلونه على غيره، وإن كانت مراكز الصيانة تحت اسم "مركز الوكالة"، وأكد ضرورة وجود علاقة بين العاملين منذ زمن قبل الوكالات ومراكز الصيانة، وأشار إلى ان هذه المراكز تحاول السيطرة على السوق بفرض قانون يرفع الصيانة المجانية أو الكفالة عن المركبة في حال قام صاحبها بإصلاح أي خلل فيها خارج مركز الصيانة.
السيطرة على السوق
"35 وكالة أصبحت تمثل الشركات المنتجة، وبعد أن أصبحت السيارات مجموعات أي أن شركة واحدة منتجة لعدة أسماء أصبح الأمر غاية في التعقيد، إلا ان ما يساعدنا هو غلاء القطع في هذه المراكز عما نستطيع ان نقدمه من أسعار فيلجأ المواطن لنا بعد انتهاء فترة الكفالة"، يقول نزار يوسف.
وطالب يوسف ألا يٌحتكر السوق بهذا الشكل، مؤكدا أن الصيانة على المركبات في حال تنقلها من دولة إلى أخرى غير مضمون صيانتها في الدولة الأخرى، وطالب الشركات التي تأخذ أسماء لسيارات جديدة أن تحاول دمج الفنيين الذين مضى على عملهم في هذا القطاع مدة طويلة من خلال تعريف مراكزهم بصيانة المركبات الجديدة ومحاولة الاختلاط مع العالمين فيه من خلال اعتماده لبعض الكراجات، وألا تكون مقتصرة على مركز الصيانة الذي أسسوه قبل أعوام معدودة.
وأضاف:" نحن نطالب بعدالة في تقسيم المنفعة، ونحاول الحفاظ ألا تتعدى مطالبنا على أحقية صاحب الوكالة في الربح، ولكننا نطالب على الأقل أن نتعرف على صيانة الجيل القديم، ليس ضروريا أن نتعرف على آخر جيل".
ارتفاع تكلفة مراكز الصيانة
وتتراوح تكلفة مراكز خدمات ما بعد البيع إلى 500 ألف دولار، فيما تصل تكلفة الكراج او مركز الصيانة ما بين 3-2 مليون دولا أمريكي حتى يكون ضمن المواصفات المطلوبة من الشركات الأم.
من جهته أوضح خبير السيارات ماهر نمر ان الصيانة التي تقدمها مراكز الصيانة مكلفة لعدة أسباب أهمها ان ما توفره مراكز الصيانة من خدمة مدروسة مكلفة، وان ما يضطرهم إلى زيادة السعر هو تقديمهم لحل يحوي كل المشاكل التي قد تتعارض ميكانيكيا او هندسيا مع نظام المركبة.
وأضاف ان زيادة التكلفة تعود إلى زيادة عدد العاملين في مراكز الصيانة والأدوات المتوفرة تختلف عما هي متوفرة في الكراجات الخارجية، الأمر الذي يزيد من التكلفة عن غيرها.
ميزات صيانة الوكالة
ويضيف نمر:" صيانة المركبات شيء مدروس ضمن مواصفات هندسية وميكانيكية معينة، فاذا حاولت أن تسعر اصلاح الكومبيوتر في ركبتك على سبيل المثال ونظرا لسير فلسطين تحت نطاق السوق المفتوح قد تجد ان هنالك قطعة في السوق بما يساوي نصف التكلفة في مراكز الصيانة إلا أن التوافق بين القطع هو السر الكبير الذي يعطيك تكامل بين كافة القطع دون أي تقصير بسبب القطع الجديدة".
ويبقى الجدل قائما ما بين مراكز الصيانة والكراجات في توسع بسبب إضافي وهو استيراد السيارات المستخدمة والتي تزيد من فوهة العلاقة بين المواطن والشركة التي يحاول الفلسطينيون اللجوء اليها كتوكيل للصيانة إلا ان الرفض هو الرد بسبب عدم معرفة تاريخ سير المركبة من مصدرها بالإضافة إلى عدم وجود ما يثبت دخولها إلى فلسطين وخضوعها للصيانة المتكاملة بحسب رأي الخبراء.