رام الله- الاقتصادي- محمد علوان- داخل أروقة وساحات المسجد الأٌقصى تنتشر البسطات التي تعرض كافة الاحتياجات للمصلين القادمين للاعتكاف داخل المسجد الأقصى، ويأتي المصلون إما عن طريق الحواجز والذين مروا بسهولة فتمكنوا من حمل احتياجاتهم اللازمة للمبيت، أو بالقفز من فوق الجدار، أو بأية طريقة أخرى وهؤلاء هم المعظم، فتشكل هذه البسطات الملاذ الوحيد للحصول على الطعام والشراب وحتى الاحتياجات الشخصية كالمناديل الورقية، فالداخل إلى المسجد الأقصى تهريبا لا يستطيع ان يخرج خارج حدود سور المسجد حتى لا يتعرض له جنود الاحتلال فيعيدونه إلى أقرب حاجز ويخسر بذلك القيام والصلاة.
ويعيش الأقصى طوال العام خاليا من الزوار والسياح، إلا أنه مليء بالعائلات المقدسية التي رابطت وتمسكت بمنزل لا تزيد مساحته عن بضعة أمتار، والذين اعتمدوا بالغالب على السياحة لكسب الرزق، إلا أن تردي الأوضاع السياسية والاقتحامات المستمرة من قبل المستوطنين غيرت طابع حياتهم تماما، ولم يعد بالإمكان سوى إيجاد بديل عن الدخل الذي اعتادوا عليه من السياحة طوال العام لتصبح "كاسة" الشاي والقهوة والتي تباع بـ 3 شواقل مصدرا للدخل يكفيهم لفترة تتراوح بين 4-3 شهور.
ليلة القدر مصدر رزق كبير
الأربعينية جواهر أبو نجمة تنتظر قدوم الشهر الفضيل بفارغ الصبر، أبريق الشاي و "غلاية " القهوة على أهبة الاستعداد، تدخل سور البلدة القديمة من باب العامود او الاسباط فلا بد أن تمر على منزلها، وهنا رب ضارة نافعة ، فهي تعيش على المدخل الذي يؤدي إلى المطهرة، فشئت أم أبيت ستكون ضيفا حتميا لعتبات منزلها حتى وان لم تشتري من عندها.
تبدأ أم نجم بالاستعداد للشهر الفضيل لانعاش أحوالها الاقتصادية، فهي ام لخمسة أبناء تعيلهم بعد مرضِ ألم بزوجها الذي يعاونها في هذا العمل البسيط قدر المستطاع، مناديل ورقية وكأس من الشاي او القهوة وفي بعض الأوقات قارورة ماء مثلجة تروي عطش المصلين في المسجد الأقصى هي قائمة المبيعات/ لا تطول إلا إن توفر المال لشراء بضاعة أخرى.
"الوضع الاقتصادي لأهل القدس صعب جدا، في شهر رمضان ربنا بيفرجها علينا في بيع وفي مشترى من الزوار القادمين من الخارج، من هذا الشهر أتمكن من الصرف على عائلتي من 3-4 شهور، الأقصى طوال العام خال من الزوار تمام، المنزل ضيق جدا، أفرد بسطتي يومي الجمعة والسبت للزوار طوال العام ولكن شهر رمضان مختلف تماما".
وتضيف:" نحن مرابطين داخل منازلنا، ونحن مكلفون أن نرابط وواجب علينا حماية الأقصى ولكننا نعيش وضعا ماديا صعبا جدا".
مشاريع بسيطة
ويعيش الفلسطينيون رغم كل الممارسات الاحتلالية داخل المسجد الأقصى دون أن ينقصهم شيء، فبسطة أخرى من هذه البسطات تقدم العصائر الطبيعية، وخاصة في ليلة القدر، فتجد من يبيع الحليب ومن يبع الشاي ومن يبيع المناديل، وكافة أنواع الحلويات تجدها ساخنة وشهية.
أبوسيف شاب افتتح مشروعا يدر الكثير من المال داخل المسجد الأقصى إلا ان مشروعه لا يتعدى كونه عصارة للبرتقال، وبرميلين من عصير الليمون وبعض النكهات الأخرى، وبمجرد الوقوف على بسطته تشعر بكمية الدخل الذي يحققه من هذه البسطة، فالدور لا ينتهي والعاملين مقله على البسطات الأخرى ليسوا واحد او اثنين، فالطلب عليه كبير جدا.
"ليلة القدر بالنسبة النا موسم كثير كويس، طوال العام نحن ننتظر هذه الليلة، فتشكل هذه الليلة مصدراَ أولاً للرزق، نحن كنا نعتمد على السياحة بشكل كبير، إسرائيل أخذت الأحداث التي تدور بالأقصى حجة لمنع السياح من لقدوم إلى المسجد الأقصى والشراء من الفلسطينيين"، يقول أبو سيف.
مناشدة
وأشار اقتصاديون ومراقبون لأحوال التجار من الوضع الكارثي الذي يعيشه تجار القدس، موضحين بان الحركة التجارية في الأوقات العادية من كل عام تكاد أن تصل الصفر، وأن ليالي رمضان وليلة القدر بالذات تنعش الحالة الاقتصادية للسكان بما لا يقل عن 50% عن الأيام الاعتيادية.
وأثناء اجراء المقابلات امتنع الكثير من التجار عن الحديث، فالكثير منهم يعتبر هذا الوقت الأثمن خلال العام، فلا يضيعونه في أي شيء، إلا ان الكثير منهم طلب من العالم العربي والاسلامي الالتفات إلى السكان الذين يرابطون داخل أسوار المسجد الأقصى ويتحملون معيشة اقتصادية صعبة، في سبيل الرباط والاستمرار في التواجد رغم انف المحتل الإسرائيلي.