رام الله -الاقتصادي- اسيل سعيد- تبلغ ديون السلطة الفلسطينية للبنوك والقطاع الخاص نحو 1.5 مليار دولار اميركي، ما يترك الباب مشرعا أمام عدة مقترحات حول آلية تقليص الأعباء والتخفيف على خزينة الدولة المثقلة بالالتزامات المالية تجاه القطاع الخاص نظير تقديمه الخدمات وتنفيذ مشاريع للقطاع العام.
أحد الطروحات التي تطفو على السطح هو إمكانية أن تعمد الحكومة الفلسطينية إلى تدوير أموال القطاع العام داخل مؤسساتها ومن خلال شركات تابعة لها، فهل السلطة الفلسطينية قادرة أصلا على اتخاذ خطوة كهذه؟
يقول القائم بأعمال مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن "إن تنفيذ المشاريع وإمكانية التدوير داخل مؤسسات تابعة للقطاع العام، لن يكون أمرا سهلا نظرا لأنه يحتاج إلى توظيف كوادر بشرية كبيرة وخبراء وإعداد آليات ومعدات لن تتحملها موازنة السلطة خاصة وهي تمر بأزمة مالية منذ سنوات".
ويضيف "القانون الأساسي الفلسطيني يتعارض في مادته رقم 21 مع فكرة تدوير أموال القطاع العام، لترسيخه مبدأ السوق الحر". (أي ترك إدارة المشاريع الاقتصادية للقطاع الخاص).
وتنص المادة رقم 21 من القانون الأساسي على "يقوم النظام الاقتصادي في فلسطين على أساس مبادئ الاقتصاد الحر، ويجوز للسلطة التنفيذية إنشاء شركات عامة تنظم بقانون. حرية النشاط الاقتصادي مكفولة٬ وينظم القانون قواعد الإشراف عليها وحدودها. الملكية الخاصة مصونة".
ولفت عبد الرحمن إلى أن توجهات الحكومة الفلسطينية هو دعم مؤسسات القطاع الخاص باعتبارها محور التنمية في جميع الدول.
تجربة ريادية في مجال تدوير العائدات المالية كانت لوزارة الاشغال العامة والتي نجحت في إنشاء إسكانات جديدة من خلال تدوير الأقساط الشهرية للشقق السكنية من المشاريع السابقة. يقول القائم بأعمال مدير عام الاسكان في الوزارة بسام شعلان" تم تنفيذ ما يزيد على 90 شقة سكنية في محافظتي نابلس وقلقيلية من خلال تدوير أموال المشاريع السابقة والاستفادة منها في بناء مشاريع جديدة تخدم أكبر عدد من المواطنين".
واكد عبد الرحمن أن الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة الفلسطينية هي التي تعطل مشاريع بناء إسكانات حكومية، مستبعدا فكرة أن ينفذ القطاع العام المشاريع لأنه لا يمتلك الكوادر البشرية والمعدات القادرة على القيام بدور القطاع الخاص.
من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية نائل موسى " فلسطين دولة قائمة على المساعدات والمنح الخارجية التي يتواصل ضخها تبعا لتقارير المؤسسات الدولية، وفي حال قررت السلطة تغيير توجهها في إدارة المشاريع داخل مؤسسات تابعة لها سيتعارض ذلك مع دور السلطة في دعم الاستثمار والقطاع الخاص".
ولفت إلى أن اتخاذ السلطة توجها لتنفيذ المشاريع داخل مؤسسات تابعة لها سيعتبر إشكالية لدى عدد من الدول المانحة باعتباره يقوض تطوير اقتصاد فلسطيني حر، مشيرا إلى أن إدارة السلطة للمشاريع من شأنه أن يحدّ أيضا من قدرة السلطة على تقديم الخدمات للمواطنين بشكل أفضل وسيزيد من الأعباء الاقتصادية وسيثقل على خزينة الدولة.
بدوره، يرى رجل أعمال فضل عدم ذكر اسمه "أن طرح فكرة تدوير أموال السلطة داخل مؤسساتها يعد من المستحيلات، وذلك لأن الحكومة غير قادرة على دفع التزاماتها المالية لموظفيها وللقطاع الخاص".
وأضاف "أن يقوم القطاع العام بتنفيذ مشاريع كبديل عن القطاع الخاص يحتاج إلى معدات وكوادر بشرية وإمكانيات مادية كبيرة وخبرة في تنفيذ المشاريع لا يمتلكها القطاع العام".
وكانت مديرة العلاقات العامة في سلطة النقد ايرين سعادة اكدت أن فكرة تدوير أموال السلطة لم تطرح رسميا ولم يتم بحثها او دراستها.
ويرى مدير البحوث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني-ماس سمير عبد الله "أن فكرة تدوير أموال السلطة داخل مؤسساتها تحتاج لدراسة عميقة خاصة وأنها ستؤثر سلبا على القطاع الخاص وستضرب الثقة بين القطاعين العام والخاص، خاصة أن تنفيذها يحتاج لخبرات ومعرفة بمجالات العمل المختلفة"، مشيرا إلى أن تدوير أموال السلطة داخل مؤسساتها من شأنه أن يؤدي إلى خفض عائدات الضرائب التي تجبيها الحكومة من القطاع الخاص.