رام الله- الاقتصادي- أسيل ر.سعيد- يخشى محمد اشتيوي (33) عاما الموظف في احدى وزارات السلطة الوطنية من أن تطول فترة الأزمة المالية التي تمر بها السلطة بسبب احتجاز اسرائيل لأموال المقاصة.
وخشية اشتيوي لا تتأتى فقط من انقطاع راتبه لأكثر من شهرين أسوة ببقية موظفي القطاع العام بل هو شاب مقبل على الزواج ويخطط للحصول على قرض من البنك لتمكينه من تأثيث بيته واتمام مراسم الزفاف.
يقول اشتوي" إذا طالت الأزمة المالية الحالية أخشى أن تتوقف البنوك عن منح موظفي القطاع العام قروضا ما سيؤدي إلى تأخير موعد زفافي".
وتعصف بالسلطة الفلسطينية أزمة مالية خانقة حالت دون صرف رواتب الموظفين العموميين بسبب رفض اسرائيل تحويل أموال المقاصة كرد على توقيع الرئيس محمود عباس اتفاقية للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تعجز فيها الحكومة عن دفع رواتب موظفيها، ما أدى إلى حالة من الخمول التجاري وترك آثارا سلبية على الاقتصاد الفلسطيني.
ويعاني معظم موظفي القطاع العام الحاصلون على قروض من البنوك الأمرّين في ظل الأزمة الحالية، فلجوء الحكومة إلى صرف نسب معينة من الراتب فاقم معاناتهم وجعلهم عاجزين عن تسديد التزاماتهم المالية.
يقول عادل العمري (45) عاما إن حياته تحولت إلى جحيم في ظل الأزمة المالية الحالية، فما يتبقى من راتبه في الوضع الطبيعي لا يكفي لتسديد التزاماته فحو حاصل على قرض اسكان يبلغ قسطه الشهري 700 دولار، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية فاقمت معضلته فالبنوك ستضطر لخصم جزء مما تصرفه الحكومة لتسديد القسط الشهري الأمر الذي يعني تخفيض قيمة المبلغ المتبقي.
ويعتقد القائم بأعمال مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن أن البنوك يمكنها الاستمرار في منح الموظفين العموميين قروضا كونها تتعامل مع المقترضين حسب توفر عوامل الأمان التي تحددها من خلال الضمان على أراض او أملاك ترهن للبنك حتى تسديد القرض أو بضمان راتب الموظف الذي يحول تلقائيا للبنوك.
يذكر أن نحو 52 ألف موظف في القطاع العام حاصلون على قروض من البنوك العاملة في فلسطين تبلغ قيمتها نحو 670 مليون دولار.
ويبدو أن قيمة هذه القروض لن تهز القطاع المصرفي ولن تدفعه إلى وقف اقراض موظفي القطاع العام لعدة أسباب: الأول هو الاعتقاد بأن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية مؤقتة، وثانيا لأن البنوك تقدم القروض المرتفعة مثل الاسكان مقابل ضمانات عالية مثل اراض او عقارات، وثالثا لأن إجمالي القروض التي حصل عليها موظفو القطاع العام لا تشكل سوى 14% من مجمل التسهيلات التي منحتها البنوك في فلسطين والتي تصل إلى نحو 5 مليارات دولار.
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية نائل موسى إن الموظفين والعاملين في القطاع العام هم من يتأثرون بمنع تحويل اسرائيل لأموال المقاصة بينما البنوك استفادت من خلال إعطاء آلاف الموظفين لقروض بضمان الراتب الشهري او املاك تستطيع البنوك تأمين قيمة القسط الشهري بمجرد تحويل السلطة الأموال للبنوك.
ويؤكد مدير علاقات الجمهور وانضباط السوق في سلطة النقد علي فرعون أن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية والتي تسببت في تأخر دفع رواتب الموظفين لن يؤثر على آلية منح البنوك لقروض للموظفين العموميين، مشيرا إلى أن عدد الموظفين العموميين الحاصلون على قروض من المصارف يصل إلى 52 ألف موظف.
وقال "إن القرار الائتماني الذي تتبعه البنوك يستند إلى الدراسة الائتمانية والملاءمة المالية للعميل"، مشيرا إلى أن عملية الاقراض ستبقى مستمرة لكافة القطاعات بما فيها موظفو القطاع العام.
وأكد أن أثر الأزمة سيكون محدوداً على القطاع العام ويزول الأثر بعد انتظام دفع الرواتب.
ونوه فرعون إلى أن سلطة النقد تتولى عملية التنسيق مع البنوك واصدار تعليماتها لتنظيم عملية الخصم في حال تأخر صرف الرواتب، مشيرا إلى أن تعليمات سلطة النقد للبنوك تكون متناسقة مع نسبة الدفعة المحولة من وزارة المالية بحيث توازي بين مصالح الطرفين "الموظفين والبنوك".