الاقتصادي- ناقش الخبير البيئي ومدير وحدة الدراسات في مركز العمل التنموي/ معا جورج كرزم جانبا صحياً هاماً في غذائنا في ظل حالة من الضياع حول الغذاء النظيف والآمن وبخاصة أن كثيرا من الناس يستهلكون وجبات مصنعة خفيفة أو سريعة، دون أن يتناولوا ما تحتاجه أجسامهم فعليا من مغذيات وبالقدر الكافي؛ مثل الخضروات.
و طرح كرزم عبر هذا التقرير قائمة واضحة ومباشرة من المكونات الممرضة والسموم التي قد تكون كامنة في طعامنا أو في مكملاتنا الغذائية. ومن المفيد دراسة القائمة، وبالتالي تفادي السموم التي تتضمنها؛ وهي تحديدا تسع مكونات كيميائية صناعية يجب الامتناع كليا عن إدخالها إلى أفواهنا.
وأشار كرزم إلى أنه وعلى سبيل المثال، يعاني غالبية الناس (دون إدراكهم) من نقص في مركب "أوميغا 3"؛ ما يؤدي إلى اضطرابات في المزاج والتهابات وإرهاق. كما أن الكثيرين يعانون من نقص في المستوى المطلوب لفيتامين د الذي يساعد الجسم في امتصاص الكالسيوم الموجود في بعض الأطعمة التي نتناولها؛ وهذا النقص تحديدا يتسبب في كثير من المشاكل الصحية، ابتداء من أمراض القلب والأوعية الدموية، وصولا إلى الربو.
ولا يغير من واقع الحال أن خبراء التغذية قد ازداد عددهم كثيرا خلال السنوات الأخيرة، وازدادت بالتالي نصائحهم وإرشاداتهم؛ علما أن معلومات كثيرة تقدم لنا في هذا المجال ليست عظيمة، بل إن العديد من الدراسات الخاصة بالحقل الصحي يتم تغطيتها إعلاميا بشكل غير صحيح أو خاطئ، وبطريقة قد تكون مضللة. فمرة يقال لنا بأن الحليب مفيد وضروري، ومرة أخرى يقال لنا بأنه ضار ("وهم الحضارة المعاصرة")، وعلينا التركيز على الحليب النباتي (حليب الصويا، أو اللوز وما شابه...).
المكونات الممرضة
بنزوات الصوديوم
بنزوات الصوديوم عبارة عن مادة مضافة تستخدم كمادة حافظة في بعض عصائر الفاكهة والمشروبات الغازية والمخللات. وتكمن خطورة هذا المركب الكيميائي في أن وجوده في المشروبات التي تحوي أيضا حامض الأسكوربيك (الذي يعرف أيضا بفيتامين C)، ينتج خليطا كيميائيا قد تتكون نتيجته كميات قليلة من مادة البِنْزِن التي تعتبر مسرطنة. كما أثبتت بعض الدراسات بأن بنزوات الصوديوم قد يزيد من النشاط المفرط لدى الأولاد.
برومات البوتاسيوم
غالبا ما يستخدم مركب برومات البوتاسيوم (المعروف أيضا باسمه الشعبي: شيفارو) كمضاف غذائي في عملية صنع الخبز والكعك ومشتقاته. وهو يعتبر مادة مسرطنة منع استعمالها في العديد من دول العالم. وقد سبق لوزارة الاقتصاد الفلسطينية أن أغلقت (مؤقتا) عام 2011 بعض المخابز في الضفة الغربية بسبب استعمالها برومات البوتاسيوم. وقد يستخدم هذا المركب في الخبز الأبيض والمقرمشات وغيرها من الوجبات الخفيفة. ولتلافي المخاطرة بصحتنا، يجب أن ندقق جيدا بالمكونات المدونة على السلع الغذائية التي نرغب بشرائها، للتأكد من خلوها من هذه المادة السامة.
المحليات والمنكهات الاصطناعية
تعتبر جميع المحليات التجارية مثل السَكْرَلوز والسَكَارين والأسبرتيم و"أسيسولفيم K" وغيرها محليات صناعية قيمتها الغذائية صفر. وتتسبب جميعها في اختلالات سلوكية، وإفراط مرضي في النشاط، وأعراض الحساسية، فضلا عن احتمال تسببها بأمراض سرطانية. وبشكل عام، يسبب السكر والمحليات الصناعية السمنة، تسوس الأسنان، السكري نقص السكر في الدم، وارتفاع نسبة الدهون في الدم. فلنبتعد إذن عن السكريات الوهمية. كما يفضل تجنب تناول الأغذية التي تحوي منكهات اصطناعية وهمية بكافة أشكالها؛ وبخاصة المنكهات بطعم الزبدة (الاصطناعية) المتواجدة في العديد من أصناف "البوب كورن"، السمن النباتي والوجبات الخفيفة. وأكدت الأبحاث الطبية أن مركب ثنائي الأسيتيل الموجود في المنكهات بطعم الزبدة قد يتسبب في مرض الزهايمر.
سوربات البوتاسيوم (E202)
يستخدم سوربات البوتاسيوم، بالعادة، في الأجبان والبوظة ومشروبات الفاكهة والسلع الغذائية المخبوزة، بهدف إطالة مدة الصلاحية. وتعتبر هذه المادة ذات مفعول سام بشكل تراكمي، وهي من أكثر المواد الحافظة استعمالا في الصناعات الغذائية.
ويضاف سوربات البوتاسيوم في بعض الدول الأوروبية على سطح الأجبان لمنع تعفنها. أما بعض منتجي الألبان المحليين فيستخدمون سوربات البوتاسيوم في ألبانهم بهدف حفظها فترة طويلة دون تلف، علما أن الألبان البلدية التي تتكون من خلال عملية تخمير طبيعية وسليمة للحليب، لا تحتاج إلى أية مادة حافظة، نظرا لاحتوائها بشكل طبيعي على حامض اللاكتيك (lactic acid) الذي يعتبر مادة حافظة طبيعية. أي أن استخدام سوربات البوتاسيوم يعني بأن هناك خللا في عملية التصنيع يراد التغطية عليه باستخدام مادة حافظة.
أكريل أميد
مركب أكريل أميد عبارة عن مادة كيميائية صناعية قد تتواجد في الكربوهيدرات مثل الحبوب والبسكويت والمقرمشات والخبز ومنتجات البطاطا. واستنادا إلى دراسات عديدة، أكدت إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) الأميركية بأن هذه المادة قد تتسبب بالسرطان. وهذا سبب كاف للامتناع عن تناول الأغذية التي تحوي هذا المركب الخطر؛ وبخاصة رقائق البطاطا والبطاطا المقلية لأنها تحوي أعلى مستويات هذا المركب.
الزيوت النباتية المبرمنة (BVO)
تعتبر مادة BVO من المضافات الغذائية التي تحافظ على منكهات الطعم الحامضي من التفكك، وبخاصة في المشروبات الغازية والرياضية؛ وهي تحوي على عنصر البروم المتواجد في مثبطات الاحتراق ويتسبب في خلل بالجهاز العصبي. ورغم حظر هذه المادة في دول الاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا، فلا يزال يسمح باستخدامها في الولايات المتحدة الأميركية.
وفي وقت سابق هذا العام، أعلنت شركات "فانتا"، "ماونتن ديو" و"جاتوريد" الأميركية بأنها ستلغي مادة BVO من منتجاتها. إلا أن بعض المشروبات الغازية لا تزال تحوي هذا المركب. وإجمالا، يحبذ التوقف عن احتساء المشروبات الصناعية الخفيفة والتمتع بشرب المشروبات الطبيعية أو المياه العذبة.
نترات الصوديوم (أو نترات أخرى)
يعتبر مركب نترات الصوديوم مادة حافظة تستخدم في اللحوم المصنعة لحفظها ولتثبيت لونها الأحمر الوردي. وتكمن خطورة نترات الصوديوم في سرعة تحوله إلى نتريت الصوديوم الذي يتحد (في الجسم) مع مركبات الأمينات الثانوية ليتكون نيتروزوأمين الذي يعتبر من أشد المركبات الكيميائية المسرطنة (وخاصة سرطان المعدة). ويعتبر قلي اللحوم (التي تحتوي على نترات الصوديوم) محفزا للتفاعل الذي يحول النترات إلى نتريت. وبالإضافة، يتحد النترات مع هيموجلوبين الدم وبالتالي يمنع الدم من نقل الأكسجين.
وبما أن اللحوم المصنعة تحوي أصلا مستوى مرتفع من الصوديوم والدهون، فإن إضافة نترات الصوديوم قد يزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكري.
وإذا كان لا بد من تناول اللحوم، فلتكن اللحوم الخالية من الدهون، اللحوم الطازجة، الدواجن وبكميات قليلة؛ إضافة إلى الابتعاد عن اللحوم المصنعة.
BHA وBHT
غالبا ما يضاف المركبان الكيماويان المتشابهان BHA (Butylated hydroxyanisole) و BHT(Butylated hydroxytoluene) إلى الأطعمة التي تحوي زيوتا وإلى بعض السكاكر والعلكة والعديد من الحبوب، وذلك لحفظ الدهون ولمنع التأكسد، وبالتالي تأخير فساد السلعة الغذائية.
تعتبر "الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)التابعة لمنظمة الصحة العالمية، هاتين المادتين مسرطنتين، بالإضافة لكون مادة أل BHT سامة للجهاز العصبي والكبد. ويستخدم مركب BHA (E320) الذي يعتبر مسرطنا، كمضاد للأكسدة في الوجبات الخفيفة المقلية، المشروبات الخفيفة، زيوت الطعام، المرجرين والعلكة. ويتسبب هذا المركب أيضا في الإفراط المَرَضِي بالنشاط، الربو، بعض أمراض الحساسية وزيادة مستويات الكولسترول.
MSG (غلوتمات الصوديوم)
MSG (غلوتمات الصوديوم) / Monosodium Glutamate عبارة عن حامض أميني، يستخدم كمنكه في بعض أنواع اللحوم، النقانق المعلبة، لحم البقر، الأجبان، المشروبات، مشروبات الحمية، الشوربات المعلبة والجاهزة، الوجبات السريعة،، صلصة السلطة وبعض الأطعمة النباتية المعلبة. وقد ثبت بأن هذا المركب يؤدي إلى الإخلال بالعمليات الكيميائية في الدماغ وتلف خلاياه العصبية، إضافة إلى الصداع، ألم في الصدر، والتخدر، وخفقان القلب.
ورغم أن العديد من الناس يعرفون مضار المركب الكيماوي MSG (E621) ويتجنبون تناول الأغذية التي تحتويه، إلا أن المشكلة تكمن في أنه يصعب أحيانا كثيرة معرفته والكشف عنه. فمشكلة التعرف على مادة MSG تكمن في أنها تظهر في السوق بأسماء تجارية تمويهية مختلفة، منها: "غلوتمات الصوديوم"، "مالطو ديكسترين"، "كازينات الصوديوم"، "خلاصة الخميرة"، "حامض الستريك" وغيرها من الأسماء. وقد نجد في البقالات أكثر من أربعين شكلا من هذا المضاف الصناعي. وحاليا لا تفرض معايير التوسيم ذكر هذا المركب في قائمة المكونات لآلاف أنواع الأطعمة.
وختم كرزم ناصحاً التقليل من تناول الأطعمة المصنعة والمعلبة والمغلفة، وأن نتجنب السلع الغذائية المصنعة التي تحوي مكونات كيميائية كثيرة، وأن ننتبه أيضا إلى السلع الغذائية التي نشتريها وأن نميز فيما بينها؛ وبالنتيجة أن نتناول كمية أقل من الطعام ونوعية أفضل. كما لابد من الإكثار من تناول الخضار البلدية الموسمية الطازجة، بالإضافة لتناول الطعام الطبيعي الطازج أو العضوي، واستهلاك الحبوب والحنطة الكاملة والتقليل من الأطعمة المحتوية على الكولسترول، من خلال تقليل استهلاك اللحم الأحمر، فضلات الذبائح، منتجات الألبان والبيض، فضلا عن تفادي قلي المأكولات.