نابلس -الاقتصادي-وفاء الحج علي- "في أول أيام رمضان تتزّين شوارع مدينة نابلس بأشهى الأكلات والمشروبات، وتزدحم الطرقات منذ ساعات العصر حتى قبيل المغرب بقليل، ورغم أن مدفع رمضان لم يعد يسمع في نابلس، إلا أن المدينة ما زالت تحتفظ بالكثير من عاداتها الرمضانية التي تميّزها"، يقول الحاج أبو محمود كلبونة (65 عامًا)، واصفًا بداية الشهر الفضيل في دمشق الصغرى، التي ولد وعاش فيها.
السوق يتلوّن لاستقبال الضيف المنتظر
"إذا أردت أن تشعر بالنكهة الرمضانية الأصيلة، فعليك زيارة خان التجار خلال ساعات الصيام"، يقترح مراد حلاوة الذي بدأ يجهز محله، الذي يحوي المخللات والزبيب والزعتر والبهارات وغيرها، استقبالاً للشهر الفضيل.
ويقول: "أول ما يتغير مع بداية رمضان هي السوق، حيث اعتدنا تزيين بضاعتنا في كل عام مع بداية الصيام، عبر عرض أشهى ما يباع في المحال التجارية، مثل المخللات والحلويات والمشروبات الرمضانية التي تعيننا على تخفيف عطشنا خلال الصيام، ونحرص على أن تكون البضاعة معروضة بشكل ملون وجذاب".
الفوانيس والأضواء في كل شارع
سامي المصري (13 عامًا) يبين أنه اعتاد وإخوانه تزيين مدخل البيت كل عام لاستقبال رمضان، بالفوانيس والهلالات المضيئة التي باتت من المشاهد التي نراها كل عام في شهر الصيام.
ويقول: "بدأت أضع بعضًا من مصروفي قبل انتهاء موسم المدرسة بأسبوعين كي أشتري بعض الحبال المضيئة لتزيين البيت، كما كان أبي وجدي يفعلان".
الأبيض والأخضر للفأل الحسن
لكن لا تقتصر العادات الرمضانية المعاصرة على السوق والتجارة. تشير لينا أبو صالحة أن النابلسيون اعتادوا افتتاح الشهر الفضيل بأكل إما أبيض أو أخضر، مبينةً أن السبب وراء ذلك هو أن هذا يجلب فالاً جيدًان فالأبيض دلالة على عام أبيض، والأخضر على عام أخضر، والأمران جيّدان، حسب قولها.
وتضيف: "نحرص على تحضير الحلويات النابلسية التي تمدّنا بالطاقة، مثل الفطير بالجبن أو القشطة، والحلاوة بزلابية، والكنافة بالطبع، بالإضافة إلى المخللات والعصائر الرمضانية مثل قمر الدين والتمر الهندي والخروب".
عادات اجتماعية ووصل للأرحام
واعتاد النابلسيون أيضًا ممارسة "الفقدة" في رمضان، وهي عادة اجتماعية تهدف إلى وصل الأرحام، وتبيّن الحاجة أم ماجد أنه في الفقدة يشتري أهل نابلس الحاجيات والأكلات ثم يزورون أرحامهم (بناتهم، أو أخواتهم، أو عماتهم أو خالاتهم...)، ويقدمونها لها.
وتحكي أم ماجد أن أهل المدينة اعتادوا ممارسة فقدة العروس التي تلي رمضان، ففي أول عيد لها في بيت الزوجية، يزور الأهل بناتهم المتزوجات حديثًا ويقدمون لها الهدايا وصدر من الكنافة مزين بشيء أخضر كفال لحياة هنيئة وخضراء.
توحيشات رمضان
وتقول أم ماجد: "في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل، تصدح مكبرات المآذن في مساجد بالمدينة بالأذكار الدينية، ثم تتلى عبارات "يا حنان يا منان"، و"لا أوحش الله منك يا رمضان"، والتي تسمع في كل أرجاء المدينة قبيل الفجر بقليل. وهكذا يبدأ أهل المدينة بتوديع الشهر الذي ننتظره طوال 11 شهرًا".