رام الله- الاقتصادي- حسناء الرنتيسي- كرسي الحلاقة يجلس عليه الفقراء والأثرياء على حد سواء، فالحلاقة مهنة يفترض أنها ساوت بين الناس على اختلاف ثقافاتهم وأجناسهم وبيئاتهم ومستوى دخولهم. ورغم أن الكرسي واحد، والمهمة واحدة، إلا أن ما سيدفعه الزبون في ذلك الصالون سيختلف حتما عما سيدفعه في صالون آخر قد يبعد عنه بضعة أمتار!
تلك المهنة التي يتساوى فيها الزبائن جميعهم وهم يسلّمون رؤوسهم للحلاقين، لا تتساوى فيها أجور ذات الغرض، فمن يحدد الأسعار ومن يراقب وضع الصالونات الصحي، ومن ومن؟
أبو أحمد لديه ثلاثة أطفال ذكور، وهو الرابع يضطر للحلاقة كل أسبوع، يقول "أدفع شهريا 120 شيقلا تقريبا عن نفسي وأبنائي الثلاثة، الصغير يقص شعره مرة بالشهر، والأوسط والكبير مرتين في الشهر، اي اقتطع من أجرتي أكثر من 200 شيقل شهريا للحلاقة والجل وغيره، علما بأني اعمل مراسلا في شركة، وراتبي 1700 شيقل".
واعتبر أبو أحمد أن اقتطاع مبلغ مقداره 200 شيقل لشخص يبلغ راتبه 1700 شيقل كثيرا، قائلا" أحيانا الحلاق يتعاطف معي ويأخذ مني سعرا أقل، واولادي كبروا الآن، وأصبحوا يقلدون أصحابهم في قصات شعر غريبة، يشترون الجل بنوعيات معينة ويهتمون ببشرتهم وشعرهم، وهذا يضيف تكاليف أخرى يعجز موظف مثلي على مجاراتها".
مشكلة في تطبيق الأسعار
خالد شومان- حلاق ومن العلاقات العامة في نقابة الحلاقين، يقر بوجود مشكلة في تطبيق الأسعار التي وضعتها نقابة الحلاقين، فكل حلاق يضع لنفسه الأسعار التي تناسب زبائنه وموقعه، فهناك حلاق يقبل بـ25 شيقلا مقابل حلاقة الرأس، وحلاق آخر على بعد أمتار من الأول يضع 50 شيقلا مثلا مقابل حلاقة الرأس"، منوها إلى أن التسعيرة تعتمد على صاحب الصالون الذي يضع الأسعار، فان كان زبائنه من الطبقة الثرية وجيدة الدخل يضع أسعارا مرتفعة، وإن كان زبائنه من متوسطي الدخل يضع سعرا مختلفا وهكذا.
للوهلة الأولى نعتقد أن المساواة تطبق على كرسي الحلاقة، لكن الواقع مغاير لذلك، فما يدفعه الغني يختلف عما يدفعه الفقير، يقول شومان إن تصنيف الصالونات هو A و B و C، فصالون A هو لـ "HIGH CLASS " كما اسماها، وb هي لمتوسطي الدخل، و c لمحدودي الدخل، رغم أن عملية الحلاقة هي ذاتها.
وأوضح شومان أن النقابة حرصت على إلزام الحلاقين بحد أدنى للأسعار، منوها إلى أن غياب الحد الأدنى يقود المهنة الى مستوى متدن، وذلك حين تشتعل المضاربة بين أصحاب المهنة، وكل يضع سعرا منافسا لكسب مزيد من الزبائن، وبالتالي تحدث فوضى تسيء للمهنة.
اما الحد الأعلى للسعر فيقول شومان إنه متروك للصالون وصاحب المهنة، فله ما يريد في ذلك، بالاعتماد على تكاليف الحلاقة، من أجرة الصالون ورواتب الحلاقين ونوع المواد التي يستخدمها.
يوافقه الرأي الحلاق ومدرب الحلاقة فادي حمدان- صالون ياسر للحلاقة- الذي يرى أن الفروق في الأسعار تعتمد على خبرة الحلاق ونوع الزبائن ومستواهم الاجتماعي.
صالونات غير مرخصة
حمدان مدرب حلاقة ومطلع على وضع المهنة في المدينة، يؤكد وجود عدد من الصالونات غير المرخصة، ويقول شومان إن هناك 220 عضوا رسميا في مدينة رام الله مثلا، وهم أصحاب صالونات، وفي المدينة يوجد 400-500 صالون، أي أن هناك عددا كبيرا من الصالونات غير مرخصة، رغم أن كل من يسجل صالونه في الغرفة التجارية عليه أن يحصل على مزاولة المهنة من النقابة، وبالتالي يلزم كل صالون مسجل في الغرفة التجارية بالتسجيل في النقابة للحصول على مزاولة المهنة، ما يعني أن صاحب المهنة يلتزم بقوانين النقابة، وهذا يوفر نوعا من الحماية للزبائن.
ويرجع شومان سبب انتشار الصالونات غير المرخصة إلى عاملين، الأول هو انتهاء تراخيص بعض الصالونات التي تنتظر بداية السنة لتجديد الترخيص، والثاني هو ارتباط أصحاب صالونات بعلاقات شخصية مع البلدية او الغرفة التجارية، وبالتالي يرخصون دون التسجيل في النقابة، رغم أن رخصة مزاولة المهنة تصدر عن النقابة!
بهذا الشأن، يقول صلاح عودة، مدير عام غرفة تجارة وصناعة رام الله، ان هناك 10% فقط من الحلاقين يسجلون في الغرفة، وهم 7 صالونات فقط، مع أنه يفترض أن يتم التسجيل في الغرفة التجارية كشرط قانوني، لكن هناك إشكالية بخصوص تراخيص هذه المهنة وتنظيمها، وقبل الترخيص يجب الحصول على مزاولة المهنة، وهذا يعني التسجيل في النقابة والبلدية.
اما رئيس قسم الحرف والصناعات في بلدية رام الله، جريس فواضلة، فقال إن التسجيل في البلدية اجباري لكل صالون يفتتح في رام الله، ويرى أن 90% من الصالونات مسجلة في البلدية، وغير المسجلة تكون غالبا صالونات جديدة، او قد لا تكون قد وصلتها البلدية.
وعن اشتراط مزاولة المهنة، قال فواضلة "هناك شرطان للتسجيل في البلدية، وهما عقد الايجار وصورة الهوية، مع موافقة الدفاع المدني وصحة البيئة، اما التسجيل في النقابة فهذا يهم صاحب المهنة".
وأكد فواضلة أن الصالون غير المرخص يحصل على مخالفة، وقد يتعرض للمحاكمة إذا لم يسجل خلال الفترة القانونية للتسجيل.
الرقابة على الصالونات
ومن حيث وجود رقابة على الصالونات من قبل وزارة الصحة؛ يقول إن طواقم الرقابة والتفتيش في الوزارة تزور صالونه مرتين في السنة.
بينما يقول حمدان إن صالونه لم يزره أي مفتش من وزارة الصحة، ويعتبر أن الرقابة غائبة تماما عن صالونات الحلاقة.
تكلفة إنشاء صالون
تعتمد تكلفة إنشاء صالون حسب شومان على عوامل عدة، أهمها موقع الصالون، أي قيمة الايجار المتوقعة، وجودة الأجهزة المستخدمة في الحلاقة وتصفيف الشعر، وجودة كريمات الحلاقة والبشرة التي تقتنيها الصالونات، يقول شومان انه يمكن فتح صالون في مدينة رام الله بمبلغ 15 الف شيقل، لكن هذا الصالون سيفتقر للاجهزة ذات الجودة العالية، كما سيفتقر للكريمات ومواد التجميل، وستكون مكونات الصالون هي مجرد كرسي حلاقة وبعض المعدات الرئيسية فقط.
بينما يعتقد حمدان أن الصالون الجيد لا يمكن فتحه بأقل من 50 ألف شيقل، وذلك لحاجة الصالون إلى أدوات جيدة وبجودة عالية، وكذلك يحتاج لمواد تجميل جيدة، وحلاق ماهر.
اما رواتب الحلاقين فيقول شومان إنه لا يوجد رواتب للحلاقين، منوها إلى أن السائد هو نظام الأجور بالنسب، وهذا ما أشار له حمدان، اي أن الحلاق يحصل على نسبة من عمله في الصالون، وتكون هذه النسبة عادة 50% - او حول ذلك- من عمل الحلاق في ذاك اليوم، وكل يوم يكون فيه إنتاج مختلف، فهذا يعتمد على وضع البلد والمناسبات فيها، بعكس صالونات الستاتي، التي تتقاضى فيها مصففة الشعر من 1000-2000 شيقل.
أسعار الحلاقة
يؤكد شومان وجود تباين في الأسعار بين صالون وآخر رغم وجود أسعار من النقابة، مشيرا إلى أن أحدا لا يلتزم بتسعيرة النقابة.
يظهر في الجدول التالي أسعار الحلاقة في صالونات تقع في مدينة رام الله.
وحول قائمة الأسعار التي وضعتها النقابة، يقول النقيب أشرف السوداني إن الأسعار تم وضعها حسب تقسيم مناطقي للضفة، أي هناك أسعار للقرى والمخيمات، وأخرى للمدينة، والأخيرة تتباين فيها الأسعار فهناك سعر للصالونات في المناطق الراقية، وهناك سعر مختلف للمناطق الشعبية مثل بيتونيا وأم الشرايط.
وأضاف السوداني أن هذه الأسعار تم وضعها بمعايير تعتمد على طبيعة المنطقة والايجار فيها وطبيعة الراتب لصاحب المهنة.
اما الأسعار في القرى المحيطة بالمدينة فهي أقل من ذلك، كون التكاليف لممارسة المهنة أقل، فغالبا هي محال ملك لأصحابها، وهي بسيطة في معداتها ومواد التجميل فيها، ومن هذه القرى ما يكون سعر حلاقة الرأس فيها (10-15) شيقلا للرجال، والصغار من (5-10) شواقل غالبا.
وفي هذه القائمة نتحدث عن الأسعار في المعدل، أي الأسعار الأقل، وليس عن الصالونات التي تأخذ مبالغ كبيرة من روادها الأثرياء، وهؤلاء لا يوجد ما يمنعهم قانونيا من أخذ اسعار مرتفعة، فالمهم هو الإلتزام بالحد الأدنى حسب النقيب السوداني.