بقلم: أ. إبراهيم رمضان - محاضر في جامعة القدس المفتوحة 

 لعل المتتبع للظواهر المرتبطة بانتشار التكنولوجيا لا يمكن له ان يغفل عن ظاهرة انتشرت بشكل كبير و اصبحت عنوان لاحداث اليوم التي يواجهها مستخدموا التكنولوجيا، و لعل أحد أبرز هذه الظواهر هي ظاهرة السيلفي (Selfie)، او ما يمكن وصفه بتصوير الشخص لنفسه في مكان ما او وضعية معينة ، فحسب موقع ويكيبيديا فإن "الصورة الملتقطة ذاتيا" عبارة عن صورة شخصية يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه باستخدام آلة تصوير أو باستخدام هاتف ذكي مُجهزة بكاميرا رقمية، ومن ثم يقوم بنشرها على الشبكات الاجتماعية (فيس بوك، تويتر، إنستاجرام وغيرها) لاسباب متنوعة، و بالتالي فإن هذه الظاهرة لا تقتصر على فئة عمرية محددة بل انتشرت على اغلب الفئات العمرية و على اختلاف المواقع التي يشغلونها من اناس بسطاء الى مشاهير الفن و الادب و السياسة. 

     أيا كان الامر فمصطلح (سيلفي) بدأ اعتماده بشكل كبير في الكثير من المواقع ولاقى رواجاً كبيراً حتى أنه بدء يظهر في الكثير من القواميس الجديدة، ففي العام 2013 دخلت كلمة سيلفي (Selfy/Selfie) قاموس اكسفورد و اضحت كلمة العام 2013،  وفي هذا السياق يعتبر محرك البحث "ياهو!" أنه وفي خلال العام 2014 ستلتقط حوالي 880 مليار صورة أي بمعدل 123 صورة لكل شخص واحد من سكان الأرض. ويتوقع من تلك الصور أن يكون الكثير منها من النوع "سيلفي".

     و بالرغم من أن انتشار هذه الظاهرة ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة الا أن بعض المعلومات ترجع بدايات ظهورها الى بدايات القرن الماضي وبالتحديد بدايات عصر الكاميرات حيث ظهرت بعض الصور من هذا النوع ولكنها لم تستمر طويلا. ولكن وفي الآونة الاخيرة ومع انتشار استخدام التكنولوجيا الحديثة والكاميرات الرقمية وأجهزة الاتصال المحمولة عادت الظاهرة لتحتل من جديد موقعاً متميزاً.

 
     و المروجون لهذه الظاهرة كثر فهم يعلنون ان التقاط صور السيلفي سهل للغاية و يشرحون الامر بكل بساطة فيكفي ان تمسك فقط هاتفك ، ثم تقوم بتشغيل الكاميرا الأمامية ، و تمد ذراعك وتقوم بالضغط على زر الالتقاط ، لتحصل على صورة سيلفي مميزة، و هناك بعض الشركات اوجدت ما يطلق عليه عصا السيلفي (Selfie stick) لاعطاء الصورة مشهدا جمالياً آخر. واغلب الاحيان يقوم المستخدمون بالتقاط صور سيلفي لأنفسهم أثناء حياتهم اليومية و التي قد يتخللها رحلات معينة، زيارة مكان مشهور، حضور حدث مهم ، او لأغراض اخرى كغرض اكتساب الشهرة،  أو لأسباب أخرى، ثم يقوم بنشرها على احد مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة و تسجيل كم الاعجابات التي يمكن ان يحصل عليها من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا الامر يرى علماء النفس ان هذه الظاهرة قد تشير الى اضطراب عقلي ونرجسية مفرطة لدى من هم يوصفون بانهم مدمني السيلفي، وقد أشارت دراسة أجرتها الرابطة الأمريكية للطب النفسي (APA)، أن انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع وحاد في صفوف بعض الشباب، قد يشير إلى الإصابة باضطراب عقلي وعندما يتجاوز حد معين يمكن أن تصبح حالة مزمنة، وهو ما قد يرتبط بنوع من انواع النرجسية المرضية، والغريب لما أشارت له الدراسة أن نسبة مدمنيها تصل إلى 17% في صفوف الرجال بينما لا تتعدى 10% في صفوف النساء. وبين من هو مؤيد أو معارض لهذه الظاهرة وبين رأي علماء النفس تبقى صورة السيلفي لحظة لتوثيق ذكرى معينة للشخص اكان وحده او مع اشخاص ، ظاهرة اخذت بالانتشار بشكل كبير.

     وقد ادت هذه الظاهرة في ان تقوم بعض الشركات المتخصصة بتصميم تطبيقات خاصة لكي تسمح بالتقاط صور سيلفي و تنوعت هذه التطبيقات ومن ابرزها : 
1. تطبيق Funimate – صور سيلفي متحركة.
2. تطبيق Frontback – التصوير بالكاميرا الأمامية و الخلفية في وقت واحد.
3. تطبيق Shots – شبكة اجتماعية لصور السيلفي.
4. تطبيق Selfie Cam App.

وكما تنوعت التطبيقات المستخدمة في اخذ صور السيلفي تنوعت ايضا صور السيلفي نفسها فهناك صور سيلفي للاشخاص بمفردهم ان كانت في البيت او العمل او في مناسبة ما، و هناك ايضا صور سيلفي مع المشاهير من اهل الفن و الادب والسياسة ، كذلك الامر هناك صور السيلفي مع الحيوانات او صور السيلفي في الاماكن الغريبة، ومن صور السيلفي ما يعتبر من باب الدعاية الاعلانية حيث تقوم بعض الشركات بالطلب من الزبائن بأخذ صورة سيلفي مع منتج معين او في وضعية معينة و مشاركتها على الصفحات الاجتماعية و ترشحه لأخذ جائزة معينة. وقد اختارت مجلة "تايم" "11 أهم سيلفي" هذه السنة ومن بينها صورة للبابا فرانسيس مع مجموعة من المراهقين في الفاتيكان وأخرى للمغنية الأميركية بيونسي مع أحد معجبيها في جنوب إفريقيا.  وقد التقط الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون هما أيضا صورة من هذا النوع مع رئيسة وزراء الدنمارك هيله ثورنينغ شميد خلال مراسم تكريم نلسون مانديلا في جنوب إفريقيا. و لعل من اغرب قصص السيلفي هو الشخص الذي اخرج امه المتوفاة من القبر ليأخذ صورة سيلفي معها. 

المصادر و المراجع : 
1. .
2. http://sciencemag.scbaghdad.edu.iq/Blog%20Posts/article2.html
3. http://www.badwi.com/blog/?p=1639