حصار الطاقة ... والطاقة المتجددة
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.10(0.00%)   AIG: 0.18(5.26%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.30(0.00%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.33(0.00%)   AZIZA: 2.57(1.98%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.80(%)   GMC: 0.76(5.00%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.16(0.00%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.60(6.43%)   JPH: 3.60(0.55%)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.60(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.70(4.94%)   NIC: 3.05(3.39%)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.75(0.00%)   PADICO: 1.02(0.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.04(1.00%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.04(0.95%)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.90(1.55%)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.16( %)   RSR: 4.50( %)   SAFABANK: 0.80( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.23( %)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 2.99( %)   UCI: 0.43( %)   VOIC: 6.77( %)   WASSEL: 1.07(0.00%)  
12:00 صباحاً 24 أيار 2016

حصار الطاقة ... والطاقة المتجددة

أعلنت كبرى وأعرق شركات توزيع الكهرباء الفلسطينية عبر الصحف المحلية في التاسع من أيار 2016، بأنها لن تستطيع تزويد المشاريع الإسكانية والتجارية والصناعية الجديدة بالكهرباء، وذلك لعدم تمكنها من الحصول على كميات إضافية لما تشتريه حاليا من شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية.  يأتي ذلك في ظل معاناة فائقة ومستمرة لمحافظات شمال الضفة الغربية وخاصة قلقيلية وطولكرم وسلفيت، بسبب النقص الحاد في إمداد الكهرباء، أفضى ويفضي دائما الى قطع الكهرباء عن المواطنين لساعات طويلة يوميا، تجاوزت في بعض مناطق طولكرم 16 ساعة في اليوم خلال صيف عام 2015.

 

يمكننا الإسترسال في وصف معانات المواطنين وموزعي الكهرباء في الضفة الغربية نتيجة لتقنين إمدادات الكهرباء من إسرائيل لأسباب مختلفة، إضافة لارتفاع أسعارها للمستهلك، حيث أن معدل سعر كيلو وط الكهرباء للمستهلك في فلسطين هو الأعلى في المنطقة العربية، متجاوزاً 17 سنت أمريكي لكل كيلو وط.  أما في قطاع غزة، فإن المواطنين يعيشون جحيما مستمرا لانقطاع الكهرباء لأكثر من 18 ساعة يوميا، واضطرارهم الى اللجوء لبدائل مكلفة جدا وخطرة جداً على الصحة والسلامة الشخصية والبيئة، متجاوزين في حرمانهم من أبسط حقوقهم، أكثر بقاع الأرض فقرا ومعاناة.

 

آخذين بالإعتبار ما سبق، وحقيقة أن فلسطين تستورد ما يقارب 90% من الكهرباء من إسرائيل، وعدم وجود ما ينبئ بتوفير مصادر تقليدية أخرى للتزود بالكهرباء، ولأهمية السعي الحثيث لتقليل اعتمادنا على إسرائيل كسوق أوحد للتزود بهذه السلعة الإستراتيجية، فإن اللجوء الى الاستثمار في الطاقة المتجددة، لا يشكل بديلا منطقيا فحسب، وإنما بديلا سياسيا واستراتيجيا بامتياز للحد من الاعتماد المتزايد على إسرائيل، والسير على طريق الإستقلال الطاقي عنها، وتوفير جزء من النقص الحاد في توفرها، ناهيك عن حرمان إسرائيل من مئات ملايين الدولارات التي تحصل عليها سنويا من عوائد بيع الكهرباء للفلسطينيين.

 

إن مصادر الطاقة المتجددة متوفرة بشكل كبير في فلسطين، وقد بينت دراسات حديثة قامت بها بيوت خبرة دولية لصالح سلطة الطاقة الفلسطينية بأن فلسطين تتميز عن غيرها بمناخ معياري لإنتاج الكهرباء من الشمس، وبدرجة أقل من الرياح.  إضافة لما سبق، فإن كميات النفايات المنتجة يوميا (أكثر من 5.5 الف طن يوميا) تتيح المجال لتوليد الطاقة والمياه من استثمارها من خلال مشاريع تحويل النفايات الى طاقة، المنتشرة دوليا على نطاق واسع.  وقد أصدرت الحكومة الفلسطينية عام 2012 استراتيجية للإستثمار في الطاقة المتجددة، تهدف لأن يكون بموجبها 25% من خليط الطاقة الكلي في فلسطين، من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، أي ما يعادل قدرة توليد لا تقل عن 250 ميغا وط في الساعة.

 

الآن وبعد أكثر من 4 سنوات من المصادقة على الإستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة، فإن الواقع على الأرض يشير بجلاء الى أن هذه الإستراتيجية لم تحقق أهدافها آنفة الذكر، حيث أن مجموع ما تم استثماره في الطاقة المتجددة خلال 4 سنوات لا يزيد عن قدرة توليد 6 ميغا وط ساعة، أي أقل من 0.5% من القدرة الحالية، ويبدو تحقيق أهداف الخطة في هذا المجال أقرب الى الخيال في ضوء السياسات والتشريعات السارية، وبرأيي فإن قطاع الطاقة المتجددة تلقى ضربة قاصمة خلال عام 2015 وذلك غداة قيام السلطة الوطنية بإصدار تشريعات خانقة للبيئة الإستثمارية في هذا المجال، وما لم تبادر السلطة الى تصحيح ذلك فإن الفرصة الذهبية لاستغلال أحد أهم مواردنا الطبيعية (الشمس) وتوظيفها للحد من الإعتماد على إسرائيل في مجال الطاقة، تكون ولت الى غير رجعة.  ولا يفوتني التنويه هنا الى أن هذه التطورات المؤسفة حدثت على الرغم من إعلان كل من الرئيس ورئيس الوزراء عن قطاع الطاقة المتجددة كقطاع ريادي واستراتيجي في فلسطين، وذهب كل منهما بعيدا في التأكيد على ذلك.

 

تضمنت التشريعات التي أشرنا اليها سن قانون يخلو من الحوافز للمستثمرين ويعزز هيمنة القطاع العام على قطاع الطاقة، وإصدار لوائح داخلية لتنظيم توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية للإستهلاك الذاتي، يتم بموجبها اقتطاع 25% من كمية الكهرباء المولدة الفائضة عن حاجة المستهلك في أي شهر لصالح شركات الكهرباء، وذلك في حال تم بناء المشروع على سطح المنزل أو الشركة أو المصنع، وفي حال تم بناء المشروع في منطقة أخرى ضمن امتياز شركة توزيع الكهرباء، فقد نصت اللوائح على اقتطاع 10% من إجمال الانتاج لصالح شركات توزيع الكهرباء، إضافة الى ال 25% من الفائض الشهري.  أما في حال الإستثمار في بناء نظام توليد الكهرباء لغايات تجارية وبيع الكهرباء للسلطة، فقد حددت السلطة سعر شراء الكهرباء من المنتج ب 90% من سعر الشراء من إسرائيل، ويمثل ذلك إجحافا اقتصاديا وسياسا بحق الاستثمار الوطني وتمييزا إيجابيا للمصادر الأجنبية.  والغريب في الأمر أن هذه التشريعات واللوائح الطاردة للإستثمار في الطاقة المتجددة صدرت بذات الوقت الذي أعلن فيه كل من الرئيس ورئيس الوزراء عن الطاقة المتجددة كقطاع ريادي وسيادي واستراتيجي كما أسلفنا.

 

في ظل هذا السرد والتوصيف القاتم لما هو عليه حال هذا القطاع، فإن السؤال الملح الآن هو ما إذا كانت السلطة الوطنية أدركت عدم جدوى ما تم إصداره، وباتت مستعددة للبحث في ما يمكن عمله لتصويب المسار وإعادة الإعتبار لقطاع الطاقة المتجددة في فلسطين، وذلك انسجاما مع رؤية الرئيس ورئيس الوزراء، وهل تتوفر الإرادة السياسية والإدارية للقيام بذلك، خاصة لدى سلطة الطاقة؟.  برأيي فإن ذلك ممكن خلال فترة بسيطة عبر ما يلي.

 

 أولا: فإن السلطة الوطنية مطالبة بتوجيه سلطة الطاقة تغيير نهجها بالإنفراد في قيادة وإدارة قطاع الطاقة المتجددة والنأي عن القطاع الخاص كشريك أساسي في بلورة السياسات واقتراح التشريعات، كما حدث خلال مرحلة إصدار القانون واللوائح الداخلية، على الرغم من إصدار قرار من مجلس الوزراء للتشاور مع ممثلي القطاع الخاص قبل طرح اللوائح الداخلية على طاولة مجلس الوزراء، إضافة الى تعزيز وتكريس استقلالية مجلس تنظيم قطاع الكهرباء وتفعيله، وتمكينه من القيام بدوره بعيدا عن سياسات الاحتواء والهيمنة والتهميش التي تُمارس بحقه.

  ثانيا: فإن السلطة الوطنية ممثلة بوزارة الإقتصاد الوطني ومجلس الوزراء مطالبة بتعديل القانون لتضمينه مجموعة من الحوافز الحقيقية للمستثمرين، وإعادة التوازن لدور جميع الأطراف وحقوقها وواجباتها.

 

ثالثا: المبادرة الى تعديل اللوائح التنفيذية الصادرة أواخر العام الماضي، بما يتفق مع الممارسات الدولية الفضلى، والتأكد من صدورها بعد التشاور الوثيق مع ممثلي القطاع الخاص. رابعا: النظر بجدبة في مسألة إلزام القطاع المصرفي لمنح التسهيلات المالية لمشاريع الطاقة المتجددة بتكلفة رمزية كما هو الحال في الكثير من الدول.

خامسا: تفعيل دور سلطة الطاقة في الرقابة الإيجابية على مزودي الكهرباء للتعاطي بإيجابية مع مشاريع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، وتخفيف الإجراءات المتعلقة بترخيصها وربطها على شبكة الكهرباء المحلية.

 وسادسا: العمل الحثيث على توعية المواطنين والتجار والصناعيين لأهمية المبادرة للإستثمار الواسع في قطاع الطاقة المتجددة، وتذليل أي عقبات تحول دون الانتشار الواسع لهذه المشاريع في كافة أرجاء الوطن، ترجمة لشعار "الطاقة المتجددة في خدمة الإستقلال الطاقي والسياسي".

 

 

الحدث

Loading...