ذكر تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة "فاو"، أن نحو 43.6 مليون نسمة في سوريا واليمن لا يجدون الغذاء ويواجهون أزمات قاسية وصعبة في توفير الطعام.

وقالت المنظمة في تقريرها إن صعوبات تعترض عملها في مناطق النزاعات في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، خاصة في سوريا واليمن كلما تعقدت محاولات البحث عن حلول في المستقبل المنظور للأزمات المتواصلة فيها وفي غيرها من دول الإقليم، خصوصاً أن المنظمة مستمرة في تقديم الدعم لإنتاج الغذاء في مناطق النزاع النشطة تلك.

وتشير تقديرات المنظمة، التي تهدف إلى مساعدة الأسر في أكثر المناطق المتضررة من الأزمات بالعالم في إنتاج الغذاء، إلى تأثر ملايين الأشخاص في كل من سوريا واليمن بالجوع وسوء التغذية.

وأوضحت أن 13.5 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فيما يصل عدد الأشخاص الذين لا يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية من الغذاء إلى نحو 8.7 مليون شخص، أي ما يقارب نصف عدد السكان الذين لم يغادروا سوريا.

ورغم اتفاقيات وقف إطلاق النار التي تهدف إلى التخفيف من حدة المعاناة الإنسانية، لا تزال الأطراف المتنازعة تستخدم التجويع كسلاح في الحرب في سوريا، فيما تقل كميات المساعدات التي تصل إلى الأشخاص المحتاجين.

وقال عبد السلام ولد أحمد، المدير العام المساعد للمنظمة والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، إنه "بالرغم من جميع المحاولات للوصول إلى المدن السورية المحاصرة، فلم يتم إحداث فرق يذكر، نظراً لتدهور الأوضاع، ومن الصعب جدا العمل الآن داخل سوريا، فقد احتدم النزاع في جميع أنحائها تقريباً، ما أدى إلى تجزئتها، وباتت المنظمات الإنسانية، بما فيها تلك التي توزع الغذاء، تواجه صعوبات جمة في الوصول إلى بعض المناطق".

وأكد في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت" أن تقديرات المنظمة تشير إلى أن نحو 1.9 مليون مواطن سوري استفادوا حتى الآن بشكل من أشكال التدخل الإنساني، بما في ذلك المساعدة في القطاع الزراعي. وقدمت "فاو" مساعدات زراعية لما يقرب من 1.5 مليون شخص داخل سوريا.

وقال ولد أحمد إن الاستثمار في القطاع الزراعي في المناطق التي تعاني من النزاع هو أحد مجالات التدخل الإنساني، تماماً كما هو الحال بالنسبة لتقديم المساعدات الغذائية المباشرة.

وقال إنه بات بإمكان المنظمة الدخول إلى سوريا حيث النزاع على أشده، وإنها على تشاور مع جميع الأطراف بهدف إيصال المساعدات الإنسانية، مضيفاً: "لدينا تدخلات في جميع أنحاء سوريا اليوم، حتى في المناطق الصعبة التي يحتدم فيها النزاع".

وتابع قائلاً: "لقد باتت المنظمة قادرة على إيصال المساعدات حتى في المناطق التي تخضع لسيطرة قوات ليس لديها اتصالات مع منظمة الأمم المتحدة، مثل الحسكة ودير الزور، وذلك من خلال وسطاء محليين".

ولفت إلى أن الأعمال الحربية ليست التحدي الوحيد الذي يواجه الشعب السوري، فالتغير المناخي أدى إلى موجة جفاف تركت 1.8 مليون سوري بحاجة إلى المساعدة بسبب تراجع إنتاج الحبوب والقمح بنسبة تجاوزت 50%، وهذا يؤكد ما يتفق عليه الخبراء من أن كلفة التغير المناخي وندرة المياه يمكن أن تتجاوز بأضعاف قيمة الخسائر التي تتسبب بها الحروب والنزاعات.

وأشار إلى أن الوضع في اليمن لا يقل صعوبة عن الوضع في سوريا، حيث أنه من أصل 26 مليون نسمة، لا يحصل 14.4 مليون شخص على ما يكفي من الطعام فيما يعاني أكثر من 7 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وهو ما يشكل زيادة قدرها 36% منذ أواخر العام 2014، وزيادة قدرها 12% منذ يوليو الماضي، وتابع: "الوضع في اليمن مأسوي للغاية".

وأضاف: "قبل اندلاع النزاع، كان اليمن تعاني العديد من التحديات، حيث انعدام الأمن الغذائي والفقر، ومنذ ذلك الحين، تدهورت جميع المؤشرات حيث يستورد اليمن 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية الأساسية".

وبسبب النزاع المستمر هناك، أدت القيود المفروضة على الواردات إلى الحد من توفر المواد الأساسية في اليمن، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير وتدني عدد الوجبات التي تتناولها الأسر الفقيرة.

وأشار ولد أحمد إلى التحديات التي تواجه هذه الأسر، قائلاً إنها "تتمثل في عدم وجود عملة أجنبية كافية لاستيراد المواد الغذائية، وتأثر حركة مرور الواردات بشكل كبير جراء الحرب، وانخفاض عدد السفن التي تعبر اليمن اليوم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث باتت حركة وكالات الإغاثة، بما في ذلك الأمم المتحدة، صعبة للغاية".

وقال إنه كما هو الحال في سوريا، تهدف التدخلات الزراعية في اليمن إلى استعادة الإنتاج لكسب الرزق، من خلال تزويد المزارعين النازحين والمجتمعات المستضيفة بحبوب وبذور للمزروعات ذات نوعية جيدة، وبالأسمدة والأدوات التي يحتاجونها.

 

 

العربية نت