رام الله- حسناء الرنتيسي- تلقى رئيس مجلس المستشاريين الاقتصاديين للرئيس اوباما – جيسون فورمان- وابلا من الاسئلة التي تتعلق بكيفية التخطيط للاقتصاد الفلسطيني في ظل الاحتلال وعقباته، وعدم استقلالية عناصر الاقتصاد الفلسطيني، بل وحتى عدم معرفة حجم هذه العناصر .
جاء ذلك خلال ورشة عقدها معهد "ماس" اليوم الثلاثاء حول "اتجاهات تطور الاقتصاد العالمي: توقعات العام 2015".
وجاءت هذه الجلسة بعد قيام فورمان بزيارة القدس والضفة الغربية لنقاش علاقة الولايات المتحدة مع الاقتصادات العالمية بعد التحدث في مؤتمر جلوبز للأعمال في تل ابيب، حيث التقى فورمان في زيارته للضفة الغربية مع مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية وقادرة في القطاع الخاص وطلاب فلسطينيين، ومن بين هؤلاء التقى فورمان بالدكتور رامي الحمد الله ود. جهاد الوزير محافظ سلطة النقد، ووزير المالية د . شكري بشارة.
وقفي جلسته في "ماس" فضل فورمان ان تكون بداية حديثه بنوع من الاشادة بتميز الاقتصاد الفلسطيني في قدرته على الصمود في ظل تحديات اقتصادية غير تقليدية، فهناك فارق بين التحديات التي تواجهها اقتصادات الدول وبين التحديات التي تواجهها فلسطين، مع وجود عوامل مشتركة تتمثل في مشاكل الاستثمار في البنية التحتية وما شابه.
اقتصاد عالمي متباين
ثم استطرد بالحديث عن اقتصاديات الدول المتقدمة والدول الناشئة، والتي منها من مازالت تحاول النهوض من الازمة الاقتصادية العالمية وازمة عام 1929، فهناك بلدان كثيرة لم ينكمش اقتصادها فقط، بل لم ينهض ولم يستعيد وضعه منذ تلك الازمة.
ووصف فورمان اقتصاد الدول الناشئة بالاسرع نموا، فقد كانت اقل تأثرا بالازمة المالية، لكن هذه الدول تعاني من تباطؤ النمو.
وأضاف فورمان ان من بين هذه الدول من ستستغرق اكثر من 8 سنوات قبل معاودة النمو، كما ان القدرات الانتاجية لبعض الدول ليست جيدة، وركز فورمان على ثلاثة عوامل للانتاج، وهي عامل رأس المال، وعامل العمل وعامل التكنولوجيا، موضحا ان الصين مثلا لديها استثمارات ضخمة في الانشاءات والمصانع، لكن نمو التكنولوجيا وعامل الابتكار لديها ضعيف.
عدم المساواة تعيق التنمية
وتطرق فورمان الى السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية تهتم بمعدل النمو، ومشاركة منافع النمو الاقتصادي مع كافة فئات المجتمع، اي ان يشعر جميع المواطنين في النمو الاقتصادي ويصل تأثيره لكافة الطبقات، وليس فقط للاثرياء.
كما وأوضح فورمان مخاطر عدم المساواة الاقتصادية، ورأى انها عامل مهم في التأثير على النمو الاقتصادي، فالطبقات المتوسطة والدنيا في المجتمع عليها ان تحظى بتعليم جيد، وخدمات بمستوى يدفعها نحو الابداع والابتكار.
ودعا فورمان الدول النامية الى ضرورة العمل على اللحاق بالاخرين في المجال الاقتصادي داخل البلدان، والعمل على رفع دخول المواطنين وفق خطوات وطرق معينة، ورفع الحد الادنى للاجور للحد من هذه المشكلة.
وعن اقتصاد الولايات المتحدة، قال فورمان ان الاقتصاد الامريكي قوي، وينمو بشكل جيد، ومن من الاقتصادات القوية في العالم، ويعتمد في 87% منه على الاقتصاد المحلي، و13% على الاقتصاد الدولي والتجارة الخارجية، وهو يرى ان القوى المحلية اهم للتغلب على الصعوبات الاقتصادية.
الاسم لا يغير الوضع
الحضور في تلك الجلسة كانوا من النخبة الاقتصادية، فمعظمهم اساتذة اقتصاد في الجامعات الفلسطينية، واقتصاديين بارزين، وقد طرح هؤلاء اسئلة كثيرة نستطيع القول انها احرجت فورمان، وكان من هذه الاسئلة سؤال للدكتور يوسف دواود عميد كلية الاقتصاد والاعمال في بيرزيت في جامعة بيرزيت، والذي تساءل عن سبب عدم ذكر الاحتلال الاسرائيلي كمسمى صريح خلال نقاش الاقتصاد الفلسطيني، وتساءل عن سبب الدعم غير المشروط لاسرائيل من قبل كل الادارات الامريكية المتعاقبة، بينما رد فورمان بكل دبلوماسية بأن لكل شخص حقه في اختيار الاسم والمصطلح المناسب، لكن الاسم لا يغير الوضع، ورأى انه ليس من مصلحة امريكا ولا اي دولة بقاء الوضع على ما هو عليه بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني، ومؤكدا ان السلام الاقتصادي لا يحل بديلا عن السلام السياسي في فلسطين، كما تطرق الى سياسة الولايات المتحدة في دعم فلسطين بالجانب الاقتصادي لخلق مزيد من فرص العمل وتحسين مستوى الدخل.
وفي رد على سؤال حول تفوق الاقتصاد الامريكي على اقتصاديات دول مجموعة العشرين، قال فورمان ان الولايات المتحدة الامريكية لديها سياسة اقتصادية سليمة خلال ال6 سنوات الماضية، "ادركنا حدة التراجع الاقتصادي الكبير في الثروات وانكماش التجارة العالمية، وعملنا تحفيزا ماليا عاما لاعادة رسملة بنوكنا، وهذا يجيب على سبب نمونا بشكل اكبر من مجموعة العشرين، لكنا نعمل معهم لتشارك التجربة والاستفادة من المرونة المالية التي اتبعناها".
اقتصادنا وعناصر النمو
وطرح د. صالح الكفري، مدير عام الاحصاءات الاقتصادية في الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني مداخلة تتعلق بعناصر الانتاج والنمو في العالم، والتي ذكرها فورمان، وهي رأس المال، والعمل، والتكنولوجيا، وتساءل عن الوضع الفلسطيني كيف يمكن ان يطبق عليه هذه القاعدة، وكيف يمكن ان يحدث فيه نمو اذا كانت عناصر الانتاج الثلاثة لا يتحكم بها، وليست واضحة ومحددة لديه، ففي هذه الحالة كيف يمكن وضع التوقعات الاقتصادية والنماذج لهذه التوقعات للاقتصاد الفلسطيني عام 2015 في ظل تلك المعطيات. وكان رد فيرمان باعترافه بصعوبة العمل الفلسطيني في هذا المجال، موجها الفلسطينيين للبحث فيما هو ممكن، كمعدلات البطالة وحجم الانفاق وما شابه.
كما تساءل د. عبد الفتاح ابو شكر، من جامعة النجاح الوطنية عن كيفية تحسين مستوى المعيشة للمواطنين الفلسطينيين في ظل فقر كبير وبطالة مرتفعة، اضافة الى ان اسرائيل تقوم بخوض حرب على الفلسطينيين كل سنتين الى ثلاثة، فيتم تدمير كل ما تم بناؤه من انجازات، وهذه هي السياسة القائمة منذ 1993 حتى الان، واضاف ابو شكر ان كل المساعدات التي قدمت للشعب الفلسطيني لبناء مؤسساته تم هدمها في عام 2002 حين اجتاحت اسرائيل الاراضي الفلسطينية، وطالب فورمان بالعمل على انهاء الاحتلال الاسرائيلي بدلا من الدعوة للتأقلم مع القيود، وهي السياسة التي لا يمكنها ان تحل المشاكل الاقتصادية التي يعانيها الشعب الفلسطيني.
ورد فورمان باشارته الى جهود السياسة الامريكية في تشجيع السلام، ايجاد الحل الدائم.
"التقشف" لا يحقق النمو
وردا على مداخلة للدكتور رياض موسى – جامعة بيرزيت حول التقشف المالي كحل مقترح للخروج من الازمة الاقتصادية الفلسطينية، قال فورمان "نحن ضد اجراءات التقشف، وقد عملنا بجهد كبير منذ تولي اوباما منصبه على التوسع الضريبي وتجنب التقشف، فالتقشف قد يقلل العجز والديون، لكن تقليل الانفاق لا يحقق النمو.