الباحثون عن الخبز المُر!
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.04(3.70%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.27(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.85(3.66%)   ARKAAN: 1.29(0.00%)   AZIZA: 2.84(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.73(0.27%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.53( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.68(4.00%)   NIC: 3.00(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.78(1.27%)   PADICO: 1.00(0.99%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.91(0.00%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.09(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.06(%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.20(0.00%)   TPIC: 1.95(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(0.00%)  
12:00 صباحاً 18 آذار 2015

الباحثون عن الخبز المُر!

طفولة قاسية ..حاضر مؤلم.. ومستقبل ضبابي

رام الله- الاقتصادي- يبنون كيان الاحتلال بأيديهم.. لكنهم ليسوا خائنين، ولا عديمي الوطنية، بل انهم ضحايا الوطنية التي زجت بهم في غياهب النسيان... الجوع ... المستقبل المظلم.
بناطيلهم الممزقة.. احذيتهم الثقيلة الموشحة ببقايا الاسمنت ومواد البناء.. رؤوسهم المرفوعة وبين أعينهم وديان حفرها العرق وصبغتها حرارة الشمس التي نتوارى منها في مكاتبنا المكيفة، بينما تعانقها اجسادهم رغما عنها..

نتقوقع حول المدفأة ونعانق دفأها في الاوقات التي ينهش البرد كل خلية في اجساد عمالنا في ما يسمى بـ "اسرائيل"، منهم من يبيت في القبور، ومنهم من يبيت دون اغطية، ومنهم من يجازف بحياته ليصل لعمله من مناطق غير امنة ومليئة بالافاعي .. منهم ومنهم ومنا من لا يهمه امرهم.

العمال في ارقام

تشير احصاءات مركز الاحصاء الفلسطيني الى انه في الضفة الغربية بلغ عدد العاملين من الضفة الغربية في اسرائيل والمستوطنات 109,400 عامل في الربع الثاني 2014، هذا وقد توزع عدد العاملين في اسرائيل والمستوطنات حسب حيازتهم للتصريح في الربع الثاني 2014 بواقع 57,600 عامل لديهم تصاريح عمل، 38,000 عامل بدون تصاريح عمل، 13,800 عامل يحملون وثيقة اسرائيلية أو جواز سفر أجنبي. 

وقد وصل عدد العاملين في المستوطنات الى 24,200 عامل في الربع الثاني 2014.

طبيعة العمل

يعمل معظم عمال اسرائيل في مجال البناء وتشييد المنازل والشقق السكنية والمؤسسات، ومعظم هؤلاء العمال لا تطبق عليهم قوانين وحقوق العمال في اسرائيل.

وتشير بيانات الاحصاء الفلسطيني الى ان قطاع البناء والتشييد سجل أعلى نسبة تشغيل في إسرائيل والمستوطنات والتي تشكل 60.6% من اجمالي العاملين الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات.

 اما الاجر اليومي لهؤلاء العمال فبلغ متوسط الأجر اليومي للعاملين في إسرائيل والمستوطنات 184.3 شيكل في الربع الثاني 2014، بينما بلغ معدل ساعات العمل للعاملين في إسرائيل والمستوطنات 43.4 ساعة أسبوعيا في الربع الثاني 2014. وبلغ معدل أيام العمل الشهرية 20.2 يوم عمل شهريا مقارنة بـ 19.8 يوم عمل شهريا خلال نفس الفترة.

ظروف العمل

يعمل الفلسطينون في ظروف تفتقر للسلامة المهنية، حيث يتوجه هؤلاء للعمل بملابسهم العادية، غير ابهين بمعدات خاصة تقيهم شر اصابات هم معرضون لها بأي لحظة، فهم يضعون في عقولهم مقولة "الله بستر"، وهذا ما يبرر اصابات العمل الكثيرة في صفوف العمال بأماكن عملهم، حيث توفي نحو 11 عاملا خلال العام 2013 في مواقع عملهم.

اما من يتعرض منهم للاصابة فيتم نقله غالبا لمنطقة عربية، قرب قرية فلسطينية او الى قريته ليتم علاجه في الاراضي الفلسطينية، وذلك تجنبا من صاحب العمل الاسرائيلي لاي غرامات او تكاليف علاجية.

تجربة.. ويوم في سطور

يروي العامل (م. د) تجربته في العمل بالداخل المحتل، يقول "اصحوا من النوم الساعة الثانية صباحا، تكون زوجتي قد اعدت لي وجبة بيتية، احيانا تكون بيض مسلوق او بندورة مقلية او بطاطا .. الخ، اعد نفسي واخرج بانتظار سيارة المعلم الذي ينتظرنا بباب دكان قريب، هناك حوالي 20 عاملا يصعدون في حافلة غير تتسع بالاساس لسبعة ركاب فقط، لكن لا بديل لنا، فنضطر للقبول بالركوب معه حتى لا نتكبد خسائر الذهاب للحاجز بسيارات على حسابنا الخاص، نصل للحاجز ويكون هناك اكتظاظ عمالي كبير، ونضطر في بعض الاحيان للسير على الاقدام لتجاوز الحاجز من خلال صعود الجبال، الكثير من العمال يقوم بذلك، وخاصة ممن لا يملكون تصاريح اسرائيلية.."

ويتابع (م. د) "نصل لاماكن عملنا ونباشر بالعمل، انا اعمل في القصارة، وبعد ساعتين من وصولنا للعمل نجتمع سوية لتناول الفطور، كل منا يكون قد احضرا صنفا من الطعام، نتشارك ونتناول الفطور معا، وللاسف "معلمنا" لا يسمح لنا بتناول الفطور "براحتنا"، انه مستعجل دائما ويتعكر مزاجه اذا طلبنا ربع ساعة لتناول القهوة او الشاي، لكنا ايضا مضطرون للعمل معه نظرا لعدم وجود فرص عمل".

يروي ذاك العامل حكاية يومه ودخان سيجارته يتصاعد دون توقف، شهيق وزفير المشقة يبدو جليا، وخاصة حين يوجه نظره مبتعدا ليصف قساوة ظروف عمله.

يستطرد قائلا "اصل البيت بعد يوم عمل شاق، وما ان اجلس على الفراض حتى يستقبلني اطفالي بلهفة، وفي جعبة كل منهم حكايات ومطالب ما ان امعن في سماعها حتى استغرق في النوم قبل ان يكملوها، اشعر بفجوة كبيرة بيني وبين ابنائي، فلا احظى بوقت طويل لاستمع لهم واشاركهم لحظاتهم السعيدة وهمومهم الصغيرة، اشعر بتقصير كبير تجاههم حين لا اشاركهم نجاحهم واحتفالاتهم المدرسية ومجالس الاباء و... ".

حكاية ذاك العامل تختصر حكايات كثيرة تذهب طي الاهمال واللامبالاة، وخاصة كما ذكر ذلك العامل انه لا مستقبل واضح له، فهو الان قادر على العمل بكل طاقته، ويتساءل ماذا سيحل به حين يكبر، هل سيخرج ابناءه من المدرسة ليعيلوه والاسرة كما حدث معه، ام انه سيحارب بكل قوته ليحصل ابناءه على حياة افضل من حياته..

المستقبل الغامض مصيره ومصير كثير من العمال، خاصة في ظل الغلاء الذي يحرمهم من توفير مبالغ معينة لايامهم السوداء كما يقولون.. فمن لهؤلاء، ومتى كانت اخر مرة فتح فيها ملفهم على طاولة المسؤولين؟.

Loading...