تمكن المزارعون الفلسطينيون من الوصول ولأول مرة إلى أراضيهم المحاذية للسياج الأمني مع الكيان الإسرائيلي لزراعة وحصد محاصيلهم الزراعية، والتي تقع في نطاق ما تُسمى "المنطقة العازلة" والتي تبعُد نحو 300 متر عن السياج الأمني.
ووصل المزارعون لهذه المنطقة حيث كان يحظر الاحتلال عليهم ذلك بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي قامت بدورها بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي لدخول المزارعين لحصاد محصول القمح والشعير دون أن تتعرض حياتهم للخطر.
وتُشكل مساحة هذه المناطق المعروفة باسم "المنطقة العازلة" ما نسبته نحو 25% من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة، كما تُعتبر أكثر مناطق القطاع خصوبة للزراعة؛ حيث كان جيش الاحتلال حولها منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 لمسرح لعملياته العسكرية، وتوغلات يومية.
وسادت حالة من السعادة والارتياح لدى مزارعي بلدة بيت حانون شمال القطاع، التي تعتبر حدودها واحدةً ممن تمكن المزارعون من الدخول إليها لحصد محصولهم الذي تمكنوا من حصاده بعد زراعته لأول مرة بتنسيق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وعبر المزارعون عن أملهم في مزيد من الخطوات الرامية لتحسين ظروفهم، وتوفير الحماية لهم من نيران الاحتلال، والتمتع بحياة كريمة، من خلال زراعة وفلاحة حقولهم الزراعية، دون قيود أو شروط، معبرين عن أملهم كذلك بتقديم كافة عوامل الصمود لهم، لبقائهم في تلك الأرض، التي تعتبر مصدر رزقهم الوحيد.
وتمنوا كذلك ترميم شبكات الري وبرك وخزانات المياه التي دمرت خلال عدوان 2014، وتقديم الدعم المادي وتوفير البذور والأشتال لتمكينهم من الزارعة على مدار العام، وليس فقط في موسم واحد، علاوة على السماح لهم بزراعة أشجار مُعمرة كما كان في الماضي قبل تدميرها.
تنسيق مع الأطراف
بدورها، قالت الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر سهير زقوت لمراسل "صفا" خلال جولة على حدود بلدة بيت حانون شمالي القطاع: "كان اليوم يومًا مميزًا لمزارعي القطاع، بعدما تمكن كثر ممن انضموا حديثًا للمشاريع الزراعية التي يرعاها الصليب في المنطقة الواقعة من (300_100 مترًا)، على الحدود مع (إسرائيل) من حصاد محاصيلهم التي زرعوها".
وأضافت زقوت "هذا المشروع استثمرت فيه اللجنة الدولية الكثير من الوقت والجهد في الحوار مع السلطات في غزة بما في ذلك وزارتي الزراعية والداخلية، إضافة إلى السلطات الإسرائيلية لتمكين هؤلاء المزارعين من الوصول لهذه الأرض للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، وبعضهم منذ 15 عامًا لم يصلوا أراضيهم الزراعية".
وتابعت "المشاريع الزراعية ودعم المزارعين يأتي من إيمان اللجنة الدولية بضرورة الوقوف بجانب المدنيين الذين يعانون من تبعات الصراعات والنزاعات المسلحة؛ فالمناطق الحدودية هي من أكثر المناطق حساسية في القطاع، وتحتوي على ثلث الأراضي الزراعية، فضلاً عن أنها تُعتبر سلة الخضار للقطاع".
حلول دائمة
ولفتت زقوت إلى أن ما يحتاجه المزارعون في قطاع غزة أكثر من الدعم الانساني هو "الحلول الدائمة"، التي تضمن لهم حياةً كريمة"، منوهةً إلى أن الاقتصاد بغزة يُعاني من أعلى نسب بطالة في العالم خاصة بين الشباب.
وذكرت "تعمقت الأزمة الاقتصادية بفعل حلقات العنف التي مرت بها الأخيرة، خلال عقد من الزمان، إلى جانب القيود المفروضة والتي تؤثر على إعادة بناء الحياة والاقتصاد".
وأشارت إلى أن اللجنة الدولية تمكنت من إعادة تأهيل نحو 10 آلاف دونم من الأراضي الزراعية بعد حرب 2014، منها 2500 تقريبًا ما بين 300_100 متر.
وبينت زقوت أن الصليب الأحمر سهل إخلاء هذه المنطقة من الأجسام المنفجرة التي خلفتها الحرب بالتعاون مع طواقم وزارة الداخلية في القطاع وعقد حلقات التوعية من مخاطرها للعاملين والمزارعين، وفي مراحل المشروع الأولى سهلت اللجنة دخول المعدات الثقيلة لتسوية الأرض وحرثها وزراعتها بالقمح أتى الوقت اليوم ليحصدوا ما زرعوه.
وتُقيم "إسرائيل" منذ مطلع انتفاضة الأقصى عام 2000 "منطقة عازلة" شرقي وشمالي القطاع، بمحاذاة الشريط الحدودي، على بعد نحو 300 مترًا من الشريط، بحجة عدم استخدامها من قبل المقاومة الفلسطينية لأغراض عسكرية، وجرفت القوات الإسرائيلية الحقول والمنشأة الزراعية والسكنية الواقعة في نطاق تلك المسافة.
نقلا عن صفا