انتشرت الواسطة كالسرطان في المجتمع، وباتت تهدد بانقراض المواهب والكفاءات، فندر ظهور الموهوبين وقفز على السطح أنصاف الأكفاء والموهوبين، وبات هناك شبكة من العلاقات المتشعبة تقوم بدفع من لا يستحق على حساب الآخرين، وصارت الكفاءة والعدالة الاجتماعية مفاهيم بالية لا تتناسب مع قانون "الواسطة والمحسوبية ", تعبر الواسطه عن واقع يعكس اكثر انواع الفساد شيوعا في المجتمع الفلسطيني.
عبد القادر عقل يتميز بإبداعه في التحرير والكتابة على المستوى العالي يقول: درستُ ست سنواتٍ على مقاعد الدراسة وكنت أمتلك الرغبة في الدخول إلى عالم الصحافة والإعلام لذلك التحقت بتخصصي عن قناعة مطلقة، واضطررت لتأجيل عامٍ دراسي كامل قسرياً، نظراً لظروف إعتقالية، وكنت أتحرق لليوم الذي أتخرج فيه من الجامعة، وأنتظره ساعة بساعة"، ويتابع عقل:"تخرجت من الجامعة وكنت سعيدا جدا، لكن بعد مرور أول شهرين على التخرج بدأ الإحباط يتسلل إلي، فلم أحصل على الوظيفة التي حلمت بها."
ويضيف عقل بحسرةٍ:"لم أتوقع أن يكون الأمر بهذا السوء، فلا عدل في اختيار الموظفين سواء في القطاع الخاص أو نظيره الحكومي، ما آلمني أنني طرقت كل الأبواب دون جدوى، وبحثت عن وظيفةٍ لي عبر رحلة مكوكية في عشرات المؤسسات، وأرسلت سيرتي الذاتية لعشرات الإعلانات عن الوظائف الشاغرة، حتى وصل الأمر بي إلى تقديم نفسي لوظائف أخرى ليست مدرجة ضمن تخصص شهادتي بشكل أساسي، ولم أجد شيئاً وليس هذا حالي فقط بل هناك الآلاف من الخريجين بلا عمل."
ويوضح عقل أن كثيراً من إعلانات المؤسسات عن وظائفها الشاغرة تكون "وهمية" والموظف جاهزاً، معللا ذلك بمحاولة تلك المؤسسات إظهار شفافيتها وتميزها في إختيار موظفيها عبر الاعلانات، مضيفاً:"الواسطة موجودة ومستشرية بشكل كبير، وما من عاقل ينكرها فهي كالموت لا ينكره إلا فاقد العقل."
ويشير عقل إلى أن تخصص الصحافة والاعلام بالذات له سلبياتٌ تعترض طريق الخريج في الحصول على فرصته بالوظيفة، قائلاً:"كثير من المؤسسات الإعلامية تريد من الطلبة المتميزين والخريجين أن يعملوا عندها كعبيد أي موظفين بلا أجر، تحت حجة التدريب تمهيدا لإحتمالية الحصول على وظيفة مستقبلية بعد التدريب، وهذا ما لا يحدث في كثير من الأحيان، ويختم عقل بقوله:"بإختصار الآن أنا صحفي مع وقف التنفيذ، وأخشى أن يلاحقني شبح البطالة ويدفعني إلى معبر الكرامة في نهاية الأمر".
بكل مرارة تحدث أحمد عاهد قائلا :"الواسطة أصبحت موجودة في كل مكان, سواء في الوظائف الحكومة أو غير الحكومية، كل حياتنا واسطات",عانيت وتغلبت كثير من الوسطه لانها حرمتني من العديد من الامور.
حنان هيجاوي درست بكالوريوس فيزياء وماجستير علوم بيئية تقول: الطالب الذي لديه واسطة يعامل معاملة استثنائية من الأساتذة، فهو دائماً يحظى باهتمامهم، ويحصل على معدل فوق 95%، وتضيف أما بعد التخرج فهناك توصية من اللجنة بتعيينه محاضر بالجامعة حتى لو مهاراته أقل من زملائه، كما يمكن أن يكون الاختبار شكليا فقط مع المعرفة المسبقة بصاحب التعيين, تتابع: أيضا بالنسبة للابتعاث فإنهم يختارون لصاحب الواسطة جامعات أكثر تميزاً من مثيلاتها، ويُستثنى من شروط معينة، كما تمتد المحسوبية أيضا إلى تولي المناصب، فيوضع الشخص الغير مناسب في المكان غير المناسب.
تقرير: عبد الحفيظ جمال