85% من المتقدمين للوظائف التعليمية والإرشادية في مديرية جنوب نابلس إناث
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.07(0.00%)   AIG: 0.16(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.20(1.35%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.84(%)   ARKAAN: 1.29(%)   AZIZA: 2.71(4.58%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.48(0.00%)   BPC: 3.73(%)   GMC: 0.79(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.08(1.82%)   ISH: 1.00(0.00%)   JCC: 1.52(0.00%)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.68(%)   NIC: 3.00(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.79(1.25%)   PADICO: 1.01(1.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.92(0.00%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.05(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.04(1.89%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(4.62%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.21(0.00%)   TPIC: 1.90(2.56%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(%)  
12:00 صباحاً 20 تشرين الثاني 2014

85% من المتقدمين للوظائف التعليمية والإرشادية في مديرية جنوب نابلس إناث

عام 2020 بلا ذكور

إن كنت نبيهاً فسترسم لك المشاكل التعليمية خطوطاً لأسئلةٍ ما زالت هناك ملقاةً على قارعة الطريق تنتظر عابرَ سبيلٍ ذا ذهنٍ متقدٍ ليلحظ فيها العجائب، وستلحظ ملفاتٍ تراكم الغبار فوقها منذ سنينَ خلت وستصيبك الدهشة عندما لا ترى تلك الأصابع المتعبة تحك رؤوس أصحابها ذوي الحنكة.
لست أتحدث عن قضايا خطيرة ولست أدخل في نطاق الفلسفة أبداً، وليست قضيتي بالأمر البسيط، ولكن هي ألغازٌ ما زالت تنتظر تلك النباهة لتشير صوبها فقط.
وإن أردت التعمق قليلاً فلست مع العبارة الدارجة حديثاً "أعطني قضاءً أعطك دولة" فأنا وكثيرون مثلي نقول: "أعطنا مجتمعاً تعليمياً مثالياً نعطك أبناءً كفيلين بإعطائك ما تريد، سيعطونك دولة سيعطونك قضاء" قد يعتقد الكثير من الناس أن القضايا الاستقصائية الخاصة بالقطاع التعليمي الفلسطيني قضايا ثانوية، هؤلاء لا يعلمون أن أمة غير متكاملة تعليمياً ليست سوى حَملٍ يسكن واديَ ذئاب. 
إن أردت بداية القضية فانهض من فراشك وزر أي مدرسة قريبة منك، وإن قدر لك أن تزور 10 مدارس من مدارس جنوب نابلس فستلحظ الصبغة الأنثوية طاغية في كل ركن من أركان المكان، فهنا معلمة تلقي بدرسٍ للغة العربية وأخرى تبحر مع طالباتها في فلك اللغة الإنكليزية، والمديرة تراقب من بعيد وتنظم المسير.
لا مشكلة في ذلك ظاهرياً، لكن إن كنت زائراً نبيهاً كما أسلفت فستلحظ أن 7 من أصل 10 مدارس ستزورها هي مدارسٌ عامرةٌ بالمعلمات لا المعلمين.
ليست بمشكلة أن تحتل النساء الصدارة فلطالما وصفت المرأة بأنها نصف المجتمع ولكن المشكلة تكمن في غياب العنصر الذكوري، فأين هم الذكور من الوظائف التعليمية؟ وأين هم من الوظائف الإرشادية؟ فالإحصائيات لا تدعمهم في كلا المجالين، لماذا تزاحم الإناث الذكور في إطار البيئة التعليمية؟ هل من خطر محدق يتربص بطلابنا نتيجة ذلك؟ وأين الوزارة تحديداً؟ لم لا تطرح الموضوع كمشكلة؟ أم أن الأمر لا يتجاوز كونه صدفة فرضتها الخيارات، وكيف حدث هذا في بادئ الأمر؟

2020 عامٌ بلا ذكور
في سنة 2007 استقرت مديرية التربية والتعليم في جنوب نابلس في منطقة حوارة وأخذت على عاتقها التكفل بشؤون المدارس التابعة لجنوب نابلس وقضية الأعداد الهائلة للمعلمات في مدارس المديرة التي تحطم أي كيان ذكري العدد كانت موجودة ولم تعتبر مشكلة بتاتاً.
لكن تطورها الذي يفرض نفسه غريب، فحسب إحصاءيات المديرية بلغ عدد المتقدمين للوظائف في مدارس جنوب نابلس وحدها سنة 2008 من الإناث 1590 بنسبة 78% ما يترك للذكور ما نسبته 22% هذا فقط في مديرية جنوب نابلس.
تقول رئيس الشؤون الإدارية أمية عقاب: "ليست هذه النسبة بغريبة، ففي السنة التي تلتها زادت نسبة الإناث لتصل إلى 81% ومنذ ذلك الوقت ما تزال هذه النسبة في تصاعد وقد بلغت هذا العام أوجها فقد تقدمت 1864 أنثى حتى وصلت النسبة إلى 83%".
وتتوقع الأستاذة عقاب أن هذه النسبة ستزداد في العام القادم، مما سيهيئُ لفكرة عدم وجود ذكور بالمرة في القطاع التعليمي بعد 5 سنوات من الآن.
فقد أشارت أمية وهي تكاد لا تصدق ما تنطق به شفتاها إلى أن الذكور مع حلول العام 2020 سيختفون من لائحة المتقدمين بطلبات توظيف للمهن التعليمية والإرشادية على حد سواء. 
إن أخذنا هذه النسب بعين الاعتبار وقمنا ببعض العمليات الحسابية غير المجهدة، فسنجد أن الأستاذة أمية لا تبالغ، بل على العكس فهي تطرح فترة أطول مما تؤكد عليه علوم الإحصاء والحساب.

غياب تام؟ 
في ظاهره سيبدو الكلام منطقياً بخصوص أن الأمومة نعمةٌ كانت المرأة محظوظة بها على مر الزمن، وبإمكانها أن تتعامل مع نفسيات الطلاب من هذا المنطلق، وعلماء النفس يؤكدون على ذلك، فحيثما وجدت البيئة المحتضنة للطفل كان لا بد من وجود المرأة بشكل رئيسي وإداري.
لكن إن تعمقنا قليلاً في الموضوع فسنلحظ مشاكل كبيرة، فمديرية جنوب نابلس لا تحبذ توظيف إناث للمراحل الثانوية، ولطالما كان لديها قصص درامية واقعية حدثت بسبب توظيف معلمة في مدارس تحوي مراحل ثانوية، سواء عينت بقصد تدريس صفوف ثانوية في هذه المدارس أو حتى بقصد تدريس صفوف أساسية.
رئيسة الشؤون الإدارية توضح وهي تبدو كمن يستذكر حادثة قديمة "نحن هنا نميل إلى توظيف الإناث للمراحل الأساسية الدنيا فقط".
الأستاذة عقاب تتحدث من ناحية المفترض، ولكن المتعمق في هذه الشؤون والمتابع للبيئة التعليمية في قريته فقط سيعلم أن هذا الأمر لا يمكن تعميمه، فتوضح المديرة فوراً: "نحن نضع سياسة ويمكن القول بأنها تعمم على كافة المديريات، لكن نتجاوز هذه السياسة فهي ليست قانوناً بحتاً، فنحن نجد أنفسنا محاصرين عندما لا تتوفر فئة الذكور في المجالات العلمية البحتة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء، مما يضطرنا إلى أن نوظف أنثى في مدرسة ثانوية".
وتكمل بشيءٍ من الحماسة: "وأحيانا نضطر لتوظيف أنثى في مدرسة تحتوي على كلا المرحلتين".
الأستاذة عقاب تشير هنا إلى نقطة حساسة فنحن أولاً وآخراً لسنا في مجتمع أوروبي منفتحٍ كل الانفتاح، وهذا ما يؤكد لي أنها كانت تستذكر فعلاً حادثة قديمة فمعروفٌ عن قرانا المحافظة في مثل هذه المواضيع والتعليم هنا يتداخل مع الحياة الاجتماعية، فتذكر لي مديرة التربية على سبيل المثال أن معلمة من إحدى المدارس التابعة للمديرية قدمت استقالتها فوراً بعد دوام يوم واحد في مدرسة ثانوية للذكور، وهنا تعاتب لو حصل وتجاوزنا معلمة بدعوى أننا نرى بأنها لا تناسب بيئة ثانوية ً ذكوريةّ فسوف تُرفع علينا دعاوى من كل حدب وصوب إن تخطينا اسم معلمة لنصل إلى ذكر ما نعينه بدلاً منها في هذه المدرسة".
المديرية تعرض في موقعها على صفحة الإنترنت أسماء المعلمين وأرقامهم وسيكون سهلاً على أي معلمة أن تلحظ أنه قد تم تجاوز اسمها مما يؤدي إلى تشكيل أرق للمديرية.
تعود الاستاذة عقاب لتكمل توضيحها الشائك قائلة: "المعلمة التي قدمت استقالتها فعلت كل الأمور بشكل قانوني، وظفت فلا نتحمل المسؤولية، ثم قدمت استقالتها بشكل رسمي وبأوراقٍ معتمدة، لذلك كان بإمكاننا أن نتجاوزها لنعين ذكراً بدلا منها".

أمرٌ جلل
الأرق الذي سينتابك وأنت تحلل بهذه القضية سيزول بشربة ماءٍ إن وجدت من يعترف بأن هذه القضية قضية تستحق الوقوف عندها ولو قليلاً أو حتى إن وجدت من يعترف لك على ضوء ما سبق بأنها مشكلة، لكن هيهات.
لدى سؤالك رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية جنوب نابلس أنور دوابشة عن رأيه بهذه الأرقام سيجيبك: "المرأة في مجتمعنا تميل إلى دراسة تخصصات تؤهلها لوظيفة معلمة بنسبة أكثر من 70%"، ولعل رأي دوابشة ينبع من منطلق أن المرأة العاملة تجد في مستقبلها طريقين والمجتمع لا يعطيها حتى حق الاختيار بين هذين الطريقين، فتجد أنها متزوجة تربي أولادها ومعلمة تربي أولاد الآخرين ومهنة التعليم تبدو الأنسب بالنسبة للمرأة من هذه الناحية، فنصف يومها للمدرسة والنصف الآخر للبيت، ولعل المقولة القروية المتداولة: "الفتاة مردها أن تصبح معلمة" تلخص الموضوع.
وإن طرحت الفكرة من زاوية مختلفة، فسأثبت أن هذا مبرر سخيف لطغيان العنصر الأنوثي على الذكوري في هذا المجال، فالطفلة "س" ذات التسع سنين ستعلم الكثيرين درساً عن الأحكام المسبقة فأم هذه الطفلة تدرس اللغة العربية في إحدى مدارس مديرية نابلس وهي تشكو قائلة: "لا تجد أمي وقتاً لتدريسي، فهي إما تعتني بأخي الصغير أو تصحح أوراق الامتحانات"، وتضيف هامسة: "وعندما آتيها بشهادتي المدرسية في آخر الفصل تعاتبني قائلة: لم هذه العلامات السيئة؟".
أتوقع أن الأمر بات واضحاً الآن فهذه الطفلة هي غيض من فيض، ولا أتردد لحظة بتعميم حالتها على كل أبناء الأمهات العاملات في القطاع التدريسي وإن طرح الأب كحل فأقول من باب المداعبة: تذكر نفسك صغيراً من كنت تفضل أن يدرسك؟ أباك أم أمك؟ 
عودة لكون مديرة التربية لا ترى في هذا الموضوع مشكلة كما أكدت لي رئيس الشؤون الإدارية على اعتبار أن هكذا قضايا هي من مسؤولية وزارة التربية والتعليم نفسها، فالمديرية لها عملها أو كما تقول عقاب: "ليست ذات أذرع أخطبوطية".

الذكور يخافون الوحوش الثلاثة 
نسبة ال 17% من الذكور الذين يشغلون وظائف تعليمية وإرشادية نسبة مقبولة لكن ماذا عن قضية ذات تشعب وطيد العلاقة، إنهم الوحوش الثلاثة ليس بمصطلح يمكن تعميمه ولكنها صفة يطلقها طلاب المدارس في حدود قريتي على موادٍ ثلاثة، الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء.
حسب احصائية قام بها الأستاذ أنور دوابشة، فإن نسبة الذكور الذين يتوجهون صوب التخصصات العلمية يكاد يكون معدوماً، فمادة الرياضيات الوحش الأول تتراوح نسبة المعلمين المدرسين لها ما بين 15%-20% ومادة الفيزياء 15% والوحش الأخير يؤيد النسبة الأخيرة ويتبناها.
هي قضية ستفتح باباً لقضية أخرى، وبدراسة أعمق للموضوع نجد أن الذكر يميل لدراسة تخصص تعليمي لا يضطر لنيل معدل عالٍ له وحسبه أن يقبض مالاً بأية حال، لكن برسمية أكثر تقول الأستاذة عقاب: "المتقدمون لامتحان المديرية السنوي من الذكور لم يسبق لهم أن ادهشونا مرة بعلامة عالية في إحدى هذه المواضيع وإن وجدت علامة تامة فهي 100% دون أن تطلع على اسم المتقدم تعود لأنثى لا لذكر".

قضية تعمم؟؟
هل من مشكلة في مديرية التربية والتعليم القائمة على شؤون مدارس جنوب نابلس؟ هل هي قضية تتفرد بها هذه المدرسة وحدها أم بالإمكان تعميمها؟
الحقيقة أن الجواب عن هذا السؤال بدهي، فرئيسة الشؤون الإدراية تقول: "إن البيئة لا تختلف من مديرية إلى أخرى فالعادات هي نفسها، المرأة مردها لمهنة التعليم والذكر يفضل الحرف اليدوية، هذه ليست قضية محافظة دون غيرها"، وتضيف مستدركة: "لكن هذه القضية تبدو واضحة في مديريتنا أكثر من أية مديرية أخرى".
ما يمكن أن تتلمسه من كلام رئيسة الشؤون الإدارية هو أن العادات والتقاليد تبلغ حذافيرها كلما اتجهنا إلى الجنوب من نابلس، فهناك منبع القصص الاجتماعية الغريبة، ففي مدرسة تجد معلمة تقدم استقالتها من مدرسة ذكور مع أنها لا تدرس تلك المراحل أو أنها تقدم استقالتها بسبب وجود اختلاط مع معلمين ذكور، وفي هذه المناطق أيضاً زر أي مدرسة وسل أي طالب ماذا تريد أن تصبح عندما تنهي مرحلة الثانوية العامة وهو استطلاع سبق وأن أجري في أكثر من مدرسة لأسباب دراسية لعقلية الطلاب فقط، ووجد أن أكثرهم يميل إلى المهن الصناعية والعملية.

دواء مستعجل 
لا يوجد هناك ما يشجع في كلام العاملين في مديرية التربية ولا الطلاب من الذكور ولا حتى المعلمين بأن هذه القضية سوف تحل قريباً، ولعلها ظاهرة برأي البعض ولكن برأي ذلك الشخص النبيه تبقى الظاهرة ظاهرة إلى أن تتولد عنها مشاكل اجتماعية وعواقب نفسية وأبناء يشكون تقصير أمهاتهم.
هي قضايا ثلاث، ما ذنب المعلمات اللواتي يعيّنّ في مدارس ذكور ثم يجبرن على الاستقالة بشكل قد يبدو ظاهره قانوني؟ وما ذنب الطالب في المرحلة الثانوية العامة في كل هذا؟ لمَ عليه أن يعاني من مواد كرهها بسب حديث الناس أو حتى بسبب معلم يدرسها إياه دونما أي جهد يذكر لإيصال المعلومة؟ وما ذنب طفلة تهمس في أذني معاتبة أماً تحت أقدامها الجنان تهملها على مدار فصل ثم تسألها في نهاية الفصل الدراسي بعد العودة بتلك الورقة السوداء كيف تأتين بهذه العلامة في هذه المادة وأمك تدرسها؟

هي ليست قضية بسيطة، فمن هنا يفقد المجتمع عقلاً كان يمكن أن يكون "أينشتاين" القرن الواحد والعشرين، ومن هنا يبدأ المجتمع بافتقاد محمود درويش، ومن هنا تبدأ فكرة ترددت في مواقع التواصل الاجتماعي وضربت لدي على صعيد شخصي وتراً حساسا "الشاب العربي إذا جلس تحت شجرة تفاح وسقطت حبتها على رأسه لتأبط بندقية وقتل صاحب المزرعة وأنزل نعياً في الجريدة لا قانوناً". 

(تقرير: حياى دوابشة- القدس)

Loading...