في إحدى زيارات الرئيس المصري جمال عبدالناصر إلى غزّة، كان الترحيب من الفلسطينيين حفيفًا، وأخذوا يهتفون يعيش جمال عبدالناصر.. يعيش جمال عبدالناصر ، ثُم بعد قليل تحوّل الهتاف، وردّد الفلسطينيّون يعيش مُصطفى حافظ! .
مُصطفى حافظ، أو كما أسماه الإسرائيليّون رجُل الظل ، هو ضابط بالجيش المصري كان مسئولًا عن عمليّات التجسس داخل إسرائيل، وتدريب الفدائيين في فلسطين، وقد أظهر تميزًا ملحوظًا يجعل ناصر يرقيه استثنائيًّا، حتى وصل إلى رتبة عميد، وتقلّد منصب مدير المخابرات في الخمسينيّات، وأنشأ كتيبة من الفدائيين لمواجهة الوحدة الإسرائيليّة 101 بقيادة آرئيل شارون، والتي كانت تغير على قرى فلسطينيّة، بحسب الأهرام ، و شبكة فلسطين للحوار .
تسمية سلطات الاحتلال لـ حافظ بـ رجل الظل ، ليس من فراغ، فهويّة ضابط المخابرات المصري كانت غير معروفة أمام كل ما كبّده للعدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، حتّى أنهم رصدوا مكافأة مليون دولارًا لمن يدل عنه، كان رجل الظل قادر على التخطيط وتنفيذ عمليات نوعيّة وفدائيّة خلف خطوط العدو وداخل العُمق الإسرائيلي، ما أثار جنون قيادات الاحتلال، عن ذلك السراب الذي يقتلهم دون أن يلمسوه، لذا سعوا سعيًا حثيثًا للعثور عليه وتصفيته.
كان سليمان طلالقة عميل مزدوج، يستخدمه الإسرائيليون لنقل أخبار المقاومة، لكن كان يعمل هو لحساب حافظ للتجسس على الاحتلال، وكانت السلطات في الموساد استدعته وأعطته طردًا به كتاب، ليوصله إلى قائد شرطة غزة، لطفي العكاوي، مدعين أنه يعمل لحسابهم، لأنهم كانوا يعلمون أن ذلك سيثير شكوك طلالقة ويجعله يطير بالطرد إلى رجل الظل الذي طالما بحثوا عنه.
في 11 يوليو 1956، كان حافظ قد عاد إلى غزّة من القاهرة، قبل يومين، وكان يجلس في حديقة مقر قيادته في القطاع، عندما دخل عليه سليمان طلالقة يُخبره بأمر الطرد وخيانة العكاوي ، فأخبره حافظ أنه سيفتح المظروف ليرى ما فيه ثُم يعيده كما كان لـ العكاوي ، وفي تلك اللحظة، وعندما فتح مصطفى حافظ الطرد، انفجر اللغم بداخله، وسقط حافظ أرضًا، ليموت في الخامسة صباح اليوم التالي متأثرًا بجراحه، بينما أصيب أحد ضباطه بإعاقة مستديمة، وفقد العميل سليمان طلالقة بصره.
المصري اليوم لايت.