عقب مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) على تصريح رئيس الوزراء رامي الحمد الله خلال جولته أمس في مدينة الخليل حول إعادة العمل ببراءة الذمة، والذي أكد فيه أن تطبيق العمل ببراءة الذمة سيكون هذه المرة مختلفاً، من لا يدفع الكهرباء لا يستطيع السفر، وسيتم ايقافه على المعابر الحدودية، يقول رئيس الوزراء.
بالرغم من هذا القرار قضائي وليس أمني أو إجرائي بيد الحكومة، حيث يصار بالعادة منع السفر على خلفية قرار محكمة واضح وصريح، وليس من خلال تبليغ من شركة الكهرباء حول المتخلفين عن دفع فواتيرهم، ويتعارض هذا الاجراء والمادة 12 من القانون الأساسي الفلسطيني، التي تمنع تقييد الحركة والحرية إلا بقرار قضائي. تصريح الحمدالله يتماشى مع تصريح سابق لمدير شركة الكهرباء قبل أيام، والذي يريد اغراق المحاكم الفلسطينية ب 12 ألف قضية جديدة ضد المتخلفين عن السداد.
ونفى المرصد أن هذا الإجراء معمول به في دول العالم كما أشار رئيس الحكومة الفلسطينية، حيث لا توجد دولة في العالم تطلب من جنودها التحقق إذا هذا الشخص سدد فاتورة الكهرباء أو لا! كما أن تعميم الأسماء على الدوائر الحكومية وإن كان مفيداً للشركات في تحصيل جزء من أموالها، لكن هل يفيد ذلك الحكومة؟ بمعنى أن ربط براءة الذمة بمعاملات رسمية أخرى سيجعل الناس يتجنبون الحصول على معاملات رسمية سواء من أجل الحصول على رخص البناء، أو معاملات ترخيص السيارات وتسجيل المواليد، واستخراج جوازات السفر وبطاقات الهوية والتقاضي ..الخ.
وقال المرصد في بيان له، إن هذا عقاب من نوع جديد، لا دولة في العالم تمارسه، وستكون الحكومة الفلسطينية هي السباقة إليه، وهي التي ما زالت لا تتحكم بالموارد، وتتناسى أن الاحتلال يعمل على منع الفلسطينيين من السفر دون أن تتاح للحكومة أي قدرة على الفعل، سوى إحصاء أسماء الممنوعين.
واعتبر المرصد أن اعادة ربط مصالح الناس باستحقاقات شركات القطاع الخاص هو تعسف واضح، وأن هذا الربط فيه انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية، ويضع الفقراء والمتهربين من الدفع في سلة واحدة، وأن الحكومة الفلسطينية في ظل عجزها ومحدودية مواردها في معالجة مشاكل الفقر والبطالة، والتي تعتبر من النسب المرتفعة جداً في العالم إلا أنها ما زالت تقترح أشكال عقابية جديدة، أخطرها هو تحويل بعض الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء الى خدمات مسبقة الدفع.
وقال المرصد "إن كانت مجموعات الفقراء والمناطق المهمشة يتجنبوا الدفع لضيق الحال، وبسبب الاحتلال وسياساته، وسياسات الإفقار التي مارستها السلطة، فإن الحكومة نفسها، لا تشعر بمسؤولية عن إزالة الأسباب وراء عدم قدرة مجموعات كبيرة من الناس على الدفع، ونفس الحكومة ما زالت تتغاضى عن مشاكل التهرب الضريبي التي تحدث بالغالب ضمن فئات في المجتمع هي الأغنى والأكثر مقدرة ونفوذاً، ولا توجد حالات تهرب ضريبي للأغنياء أمام المحاكم الفلسطينية، كما أن ديون الحكومة هي الأعلى لصالح شركات القطاع الخاص، ومن ضمنها شركة الكهرباء".
وأضاف "إن حل مشكلة التهرب من الدفع لصالح شركة الكهرباء هو بيد الحكومة وشركات القطاع الخاص الأخرى من خلال تسديد فواتيرهم المستحقة، وتصحيح ممارسات شركات القطاع الخاص التي تمارس الاحتكار والتمييز، التي لا توجد عليها أي نوع من الرقابة حتى لو تحكمت في قطاع حيوي يخص جميع السكان، حيث أن شركة الكهرباء بدأت من أشهر بفرض مبلغ مقتطع خاص، مع تطبيق نسبة الضريبة "الإسرائيلية" على المقدسيين، هذا الإجراء الذي لم تناقشه الحكومة، أو لم يتاح لأحد معارضته، وهذا ينطبق على تصريح رئيس الوزراء الأخير".
(وطن للانباء)