نابلس- الاقتصادي- دعا عدد من الخبراء والمسؤولين في البنك الدولي والمؤسسات الحكومية والأهلية لتوجيه مزيد من الاهتمام الفعلي لتنفيذ مشاريع تنموية في المناطق المصنفة "ج"، وذلك بهدف دعم صمود المواطنين وتوسيع رقعة الأرض المستغلة في تلك المنطقة.
جاء ذلك خلال ورشة عقدها معهد الحوكمة في غرفة تجارة وصناعة نابلس امس، وشارك بها عدد كبير من رؤساء المجالس المحلية والمسؤولين في المحافظة.
وابتدأت الورشة بكلمة ترحيبية من عضو مجلس إدارة المعهد عمر هاشم الذي رحب بالمشاركين، وأكد على أهمية رفع مستوى الحوكمة والأداء من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة، وذلك بهدف تكثيف الجهود الرامية لتطوير المنطقة (ج) في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ولتعزيز صمود المواطنين في القرى والتجمعات السكنية الموجودة في تلك المنطقة.
ودعا هاشم إلى إعداد ملخص عن توصيات هذه الورشة وتقديمه للمسؤولين في السلطة الوطنية بهدف حثهم على بذل الجهود الممكنة لتنفيذها، كما طالب بتكثيف التواصل مع المؤسسات العربية والإسلامية في الخارج لتقديم الدعم اللازم لهذا الغرض.
وقدم رئيس الدائرة الاقتصادية في بعثة البنك الدولي في فلسطين "أورهان نكشك" عرضا عن أهم نتائج الدراسة التي أجراها خبراء البنك حول هذا الموضوع، والتي تبين بأن حجم الخسائر الإجمالية التي تلحق بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة للعوائق المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال على النشاطات التنموية في تلك المنطقة تبلغ 3,5 مليار دولار في العام، أي ما يعادل 35% من حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011، كما تظهر الدراسة بأن مساحة الأرض التي تصنف ضمن المنطقة (ج) تبلغ حوالي 61% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية، علماً بأن سلطات الاحتلال تفرض قيوداً بالغة الشدة على جميع العمليات الإنشائية في تلك المنطقة، مما تسبب بتجميد مساحة القرى والتجمعات السكنية الموجودة فيها، وأدى لنزوح عدد كبير من السكان المحليين إلى المدن المجاورة أو للهجرة.
من جهته، أشار رئيس غرفة تجارة نابلس حسام حجاوي للأضرار الجسيمة الناجمة عن القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال على إمكانيات استغلال الموارد الاقتصادية الموجودة في المنطقة "ج"، مما كان له انعكاسات كبيرة على معدلات النمو في القطاعات الاقتصادية الرئيسية وعلى الحركة التجارية بشكل عام.
وطالب حجاوي بأن تمارس الدول الكبرى والمؤسسات الدولية ضغوطاً أكبر على اسرائيل لرفع سيطرتها عن المنطقة "ج"، ولتمكين أصحابها من استغلال مواردها بشكل طبيعي، ودعا بشكل خاص لتوسيع حدود البلديات والمجالس المحلية وتحسين شبكة الطرق والاتصالات التي تخدمها.
وأكد حجاوي بأن استمرار الاحتلال هو العائق الرئيسي لعملية التنمية الاقتصادية في فلسطين.
من جهته، استعرض مدير عام الحكم المحلي في محافظة نابلس سمير دوابشة، بعض الإجراءات والسياسات التي تمارسها سلطات الاحتلال بهدف منع أو إعاقة المشاريع التنموية في مختلف المناطق الفلسطينية، خاصة في المنطقة "ج"، والتي كان من أهم نتائجها بسط سيطرتها على أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية، والاستيلاء على حوالي 85% من الموارد المائية فيها، وفرض القيود المشددة على التوسع العمراني في القرى والبلدات الموجودة في تلك المنطقة، كما قامت اسرائيل بالاستيلاء على حقوق الفلسطينيين في الموارد المعدنية والسياحية للبحر الميت.
واختتم دوابشة مداخلته بالتأكيد على أن وزارة الحكم المحلي تبذل كل جهد مستطاع لرفع مستوى الخدمات التي تقدمها الوزارة في مجالات تطوير البنية التحتية، وذلك بالتعاون مع المجالس المحلية والدوائر الحكومية ذات العلاقة.
وتخلل الورشة نقاش مطول شارك فيه عدد كبير من رؤساء البلديات والهيئات المحلية، وكان هنالك إجماع من المتحدثين على ضرورة بذل جهود أكبر بكثير بهدف تعزيز صمود المواطنين القاطنين في المنطقة "ج"، وذلك من خلال تحسين ظروف المعيشة ورفع مستوى الخدمات العامة المتاحة للمواطنين.
كما أكد المتحدثون على ضرورة ممارسة ضغط أكبر على الحكومات والمؤسسات الدولية لتوجيه جزء أكبر من مساعداتها المالية للمشاريع المتعلقة بتلك المنطقة، وأشاروا إلى أن ذلك يتطلب أولاً أن يبدي المسؤولون الفلسطينيون اهتماماً أكبر بهذا الموضوع، حيث أن هنالك الكثير مما يمكن أن تفعله الهيئات الحكومية والأهلية من أجل خلق واقع جديد على الأرض فيما إذا توفرت الإرادة الجادة لديها.
كما دعا عدد من المتحدثين لتشجيع تدفق الاستثمارات للمنطقة "ج"، حتى في إطار الظروف والمعوقات الحالية، وأكدوا على ضرورة توفير حوافز إضافية للمستثمرين في تلك المنطقة، سواءً من المصادر المحلية أو من قبل الصناديق الاستثمارية العربية والاسلامية.