قدت امان والمؤسسات الشريكة في الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة لقاءا اليوم كان من المفترض ان يحضره وزير المالية الفلسطيني للاجابة على تساؤلات ممثلي المجتمع المدني الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة ، الا ان وزير المالية تغيب عن الاجتماع الذي عقد في رام الله .
وقد رحب ممثلوا امان بالحضور والمشاركين وتم عرض مخرجات دراسة تحليلية مالية للموازنة العامة للنصف الاول من العام الجاري ، هذه الدراسة الرصدية التحليلية التي انتجها فريق شفافية الموزانة من خلال الباحث مؤيد عفانة، وصلت الى مجموعة من الاستنتاجات والتساؤلات التي لم تجد من يبرر او يجيب او يوضحها للحضور ولوسائل الاعلام . ومن تلك الخلاصات التي توصلت لها الدراسة.
الارقام الواردة تظهر مشكلة حقيقية في اعتماد السلطة الوطنية الفلسطينية على المنح والمساعدات الخارجية، والتي لم تحقق منها الا ما يقارب النصف، خاصة وان موازنة 2014، اعتمدت بشكل كلي على سد عجز موازنة 2014، من المنح والمساعدات الخارجية.
وتساءلت الدراسة ، هل يوجد لوزارة المالية بدائل في حال استمرار عدم تحقيق ما خطط له من منح ومساعدات خارجية؟
وان هناك ما زال تضخم وزيادة كبيرة على بند الرواتب والاجور، بلغت حوالي 50 مليون شيكل على فاتورة شهر حزيران مقارنة مع شهر كانون ثاني، وبنسبة زيادة بلغت حوالي 9% من بند الرواتب والاجور الشهري، رغم حديث الحكومة المتكرر عن وقف التعيينات الا للضرورة؟؟؟
كما اشارت الدراسة الى ان مشكلة في النفقات التطويرية ما زالت قائمة ، حيث ان ما ينفق فعليا عليها اقل من المخطط له رغم اهميتها، خاصة وان العام 2014، شهد انطلاقة خطة التنمية الوطنية 2014-2016، والتي تستوجب ترجمتها من خلال الموازنات الكافية، علما بأن الموازنة التطويرية للعام 2014، هي ذاتها للعام 2013. ويلاحظ ان النفقات التطويرية للوزارات الذات الصلة بالخدمات الاجتماعية منخفضة جدا، ولم تصل في احسن احوالها على 4% من اجمالي النفقات الخاصة بكل وزارة، وبلغت في وزارة الصحة اقل من 1%، ولم تتعد (0.33%). على الرغم من اطلاق الحكومة لخطة التنمية الوطنية 2014-2016.
واضافت الدراسة الى انه توجد مشكلة في بند صافي الاقراض في الموازنة العامة، وهذه المشكلة من شقين، الاول يتعلق بمبدأ الشفافية، حيث لا توجد تفصيلات عنه سوى ارقام صمّاء رغم اهمية وحساسية هذا البند، والشق الاخر يتعلق بكم الانحراف الكبير فيه عن المخطط وعن السنة الماضية، والذي بلغ انفاق اعلى من المخطط له في العام 2014، بنسبة وصلت الى 70%.
وخلصت الدراسة التي عرضها امام الحضور كلا من هامة زيدان من امان ومؤيد عفانه الباحث الى ان استمرار اعتماد السلطة الوطنية الفلسطينية على المساعدات والمنح الخارجية لسد عجز الموازنة، خلق مشكلة ترتب عليها تراكم في المتأخرات، والتي تتصاعد في كل شهر وبلغت مع نهاية نصف العام 1351.5 مليون شيكل، ولا توجد رؤية واضحة عن كيفية سد السلطة الوطنية الفلسطينية لتلك المتأخرات في حال عدم وصول المساعدات والمنح الخارجية، اضافة الى كون المتأخرات تتصاعد تراكميا في كل شهر.
وان الرواتب والاجور تستنزف معظم موازنة التربية والتعليم بشقيه العام والعالي، وبنسبة تصل الى (80%) من اجمالي النفقات الخاصة بوزارة التربية والتعليم العالي، في حين ان النفقات التطويرية تشكل اقل من (4%) من اجمالي النفقات الخاصة بوزارة التربية والتعليم العالي.
والمحت الدراسة الى ان بند السلع والخدمات يستحوذ على حوالي (52%) من اجمالي النفقات الخاصة لوزارة الصحة الفلسطينية، حين تشكل النفقات التطويرية (0.33%) فقط من اجمالي النفقات الخاصة بوزارة الصحة الفلسطينية. اما بند النفقات التحويلية يشكّل حوالي 93% من اجمالي النفقات الخاصة بوزارة الشؤون - الاجتماعية، في حين تشكل النفقات التطويرية (1.73%) من اجمالي النفقات الخاصة بوزارة الشؤون الاجتماعية.
وتخلص الدراسة ايضا الى ان الأزمة المالية المستمرة التي تعاني منها السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي ظهرت ملامحها بوضوح في تحليل نصف العام الاول من الموازنة العامة 2014، هي أزمة قديمة حديثة تتمثل في وضع مالي صعب يحول دون تحقيق استدامة مالية فعلية، هذا الوضع المالي يتمثل في عدة مؤشرات منها : العجز المزمن في الموازنة العامة، تراكم المتأخرات للقطاع الخاص، المديونية المرتفعة للسلطة الوطنية الفلسطينية مقارنة بالناتج العام، الاعتماد بشكل مباشر على المساعدات الخارجية لدعم العجز في الموازنة العامة.
وقالت الدراسة ان الوضع المالي الراهن يتطلب من السلطة الوطنية الفلسطينية اتخاذ اجراءات وحلول جذرية وتدريجية للحد من صعوبة هذا الوضع وخلق نوع من الاستقرار المالي وفي هذا المجال توجد ضرورة لخلق نهج تشاركي بين وزارة المالية والاكاديميين والباحثين ومؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في الخروج من الأزمة المالية.
فهناك اعتماد كبير على المساعدات الخارجية والمنح، وبنسبة مرتفعة عن موازنة العام 2013، وبلغت 5,865 مليون شيكل، منها 4785 مليون شيكل لدعم الموازنة، وهو رقم كبير، ولا يوجد تفصيلات على أي أساس تم اعتماده، وما هي البدائل حال لم يتوفر هذا الدعم، خاصة انه مرتبط بالمسار السياسي.
وعلى الرغم من إطلاق السلطة الفلسطينية لخطتها التنموية 2014-2016، إلا أن الموازنة المخصصة للتطوير بقيت كما هي 350 مليون دولار، ولا تشكل سوى نسبة 8% من النفقات العامة، ويعتمد 86% منها (300) مليون دولار على المساعدات الخارجية، إضافة إلى انه لا توجد أي تفصيلات عن أي خطط تطويرية يتم الحديث؟ أو أي ما هي ضمانات الحصول على التمويل الخارجي للتطوير، وكيف يمكن إطلاق خطة تنموية دون مواكبتها بالموازنات اللازمة ؟
وتشير الدراسة الى مشكلة الدين العام التي مازالت قائمة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، وما تحقق خلال نصف العام (حزيران 2014) هو تخفيض الدين العام بنسبة طفيفة، عمّا كان عليه في نهاية العام 2013، من (8264.8) مليون شيكل الى (8082.1) مليون شيكل، أي بنسبة حوالي 2.2% من مجمل الدين العام.
لا زالت مخصصات الامن تستحوذ على حصة الاسد من الموازنة العامة، واستحوذت خلال النصف الاول من العام 2014 على نفقات تقارب نفقات مجموع كل من وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة الفلسطينية. فاستحواذ وزارة الداخلية والأمن العام على حوالي 28% من مجموع النفقات العامة، كما تشكل فاتورة الرواتب والأجور لوزارة الداخلية والأمن العام 80% من اجمالي النفقات المخصصة لها.
وقد خلص الحضور الى أهمية اعتماد السلطة الوطنية الفلسطينية لنهج تشاركي في إعداد الموازنة العامة، وإشراك الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، للاستفادة من الخبرات التراكمية لديهم ولشفافية اكبر للموازنة وإعدادها.
وضرورة توسيع القاعدة الضريبية افقيا، من خلال وصول الى شرائح ما زالت تتهرب من الضرائب، ونشر الوعي الضريبي ما بين التجار وتحسين عملية الجباية والرقابة عليها لمعالجة التهرب الضريبي، مع الزام المواطنين بفتح ملفات ضريبية لنشر ثقافة الالتزام الضريبي بين المواطنين.
ضرورة أن تقوم الحكومة بوضع خطوات على الأرض قابلة للقياس لتنفيذ خطة التقشف التي اعلنت عنها، مثل ترشيد النفقات العامة، سيّما النفقات التشغيلية المختلفة مثل نفقات السفر والسيارات الحكومية، وكذلك هناك ضرورة لإعادة النظر في رواتب وامتيازات الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الحاليين والسابقين.
وكان افتتح اللقاء القائم باعمال المدير التنفيذي بامان مرحبا بالحضور وقال ان هذه الجلسة تاتي في سياق ضرورة المطالبة بحق المواطن في المعلومات المتعلقة بحياته ومن يدير امور المال العام. وتحدث ايضا الاستاذ عبد القادر الحسيني رئيس مجلس الادارة، بقوله ان هناك تراجعا لدى وزارة المالية عن النهج الذي كان سابقا بالتعاون مع الفريق الاهلي لشفافية الموزانة، حيث شهدت السنوات السابقة لقاءات متعددة مع وزارة المالية ووزير المالية للاجابة على اسئلة المواطن والاعلام والمجتمع المدني بشان تبرير بنود الموازنات والصرف، ودعى وزير المالية الى زيادة الاهتمام والتعاون مع من يمثلون المواطن الفلسطيني، والتوقف عن تجاهل نداءات المؤسسات والمنظمات المدنية ووسائل الاعلام.
وقد انهى د عزمي الشعيبي مفوض امان الجلسة بتوصية رئيسية طالب فيها فريق دعم شفافية الموازنة الى مراسلة رئيس الحكومة لمعرفة اذا كانت سياسة وزارة المالية في حجب المعلومات ورفض التعاون هي سياسة الحكومة الفلسطينية ام سياسة وزير المالية خاصة. والتوصية الثانية هي مطالبة رئيس دولة فلسطين بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد من اجل القيام بدوره في الرقابة على الموازنة العامة.