مرة أخرى، استحوذت القضايا السياسية على حصة الأسد في المناظرة الانتخابية في جامعة بيرزيت والتي عقدت اليوم الثلاثاء، لكن قضايا اجتماعية ونقابية عدة طرأت على السطح، لتفرض مناظرة انتخابية ساخنة بين 6 كتل طلابية تتنافس غدا الأربعاء في انتخابات مجلس الطلبة.
وظهرت حركة الشبيبة الطلابية بخطاب متجدد من حيث الشكل والمضمون يوازي بين العاطفة والعقل، بعدم التسويق لمضمون يستند فقط إلى جذور الحركة وتاريخها، بل طرح قضايا اجتماعية وفكرية عدة من بينها حرية المرأة وحرية الاختيار وتبيان الفرق بين المجتمع المدني وبين مجتمع تحكمه حركات أصولية، وكذلك فيما يتعلق باختيارها لمناظر لبق وسيم يطرح أفكاره بطريقة سلسلة، بعيدا عن الضجيج والردح.
ولم ينكفئ مناظرة حركة الشبيبة الطلابية كما في سنوات سابقة خلال المناظرة للدفاع عن أخطاء السلطة الوطنية الفلسطينية سواء فيما يتعلق بقضايا فساد أو في تبرير سياسات السلطة الوطنية بخصوص التنسيق الأمني، لكنه اكتفى بالتأكيد على نهج حركة فتح الداعم للمقاومة بكافة أشكالها.
ويقول أستاذ الإعلام والعلاقات العامة في جامعة بيرزيت د. نشأت الأقطش إن الانتخابات هذا العام كما في السنوات السابقة، ذهب فيها المناظرون إلى تبادل الردح والاتهامات وبخاصة في الشأن السياسي، ولكن ما لمسته أن حركة الشبيبة الطلابية ظهرت أكثر تنظيما واتزانا في الخطاب من السنوات السابقة، بينما لم تظهر كتلة الوفاء الاسلامية بزخم قوي في المناظرة كما كان عليه الأمر في أعوام ماضية.
ووجد مناظر الشبيبة نفسه في موضع الهجوم، حينما شن انتقادات واسعة على سياسة حركة حماس في غزة، بتقييدها للحريات العامة وبتقليلها من شأن المرأة ودورها من خلال كاريكاتيرات لمؤيد لحماس تظهر المرأة في الضفة بأنها في حالة اغتصاب، وبذلك تكون الشبيبة قد اظهرت حماس من خلال ذلك بأنها حركة تتبنى فكرا ضيقا لا يتقبل الرأي الأخر بل يحصر المقاومة على نفسه.
وذهب مناظر الشبيبة إلى أكثر من ذلك بتهنئة مثل كتلة الوفاء الاسلامية بإجراء الانتخابات في جامعة بيرزيت وجامعات الضفة، في وقت تعرقل فيه حماس إجراء الانتخابات في جامعات غزة، بل هاجم حركة حماس نفسها باختيارها المشاركة في انتخابات جامعات في الضفة وانسحابها من اخرى في تسليط للضوء على ارتباك الحركة التي تحكم قطاع غزة وتثبيت صورة أنها ترى في الانتخابات مصلحة وليست وسيلة لخدمة شعبها.
وسلطت الشبيبة الضوء على الانتهاكات التي ترتكبها حركة حماس في غزة سواء ضد مؤسسات التعليم العالي أو على صعيد حريات الأفراد، والتي تجلت بعمليات اعتقالات واسعة لناشطين في فتح وغيرها بل بارتكاب حماس جرائم قتل في صفوفها من خلال التركيز على قصة محمد اشتيوي الذي قتلته كتائب القسام وقالت إنها فعلت ذلك لأسباب سلوكية.
وفي تقليد لسنوات سابقة، هاجم ممثل كتلة الوفاء الاسلامية مواقف السلطة ورئيسها محمود عباس من التنسيق الأمني مركزا على تصريحات للرئيس عباس وجهاز المخابرات العام اللواء ماجد فرج يتحدثان فيه عن احباطك عمليات ضد اهداف اسرائيلية، وكذلك تصريحا الرئيس المتعلقة بالاستماع لأغان عبرية، فيما مض في تمجيد حركة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام لأسرها جنودا اسرائيليين واستعداد الحركة لإبرام صفقة وفاء الأحرى 2.
واستمر ممثل كتلة الوفاء الاسلامية في مهاجمة مواقف السلطة الوطنية من "المقاومة" واتهمها بالاشتراك في محاصرة قطاع غزة وبإغراق الانفاق بالمياه بالتعاون مع السلطات المصرية.
ولم ينجر ممثل الشبيبة الطلابية في الرد على اتهامات ممثل كتلة الوفاء الاسلامية، بل اتهمه بأنه يمارس أسلوبا تهريجيا هزليا لاستعطاف الطلبة ويتجاهل مخاطبة عقولهم حول ما قدمته الكتلة للطلبة من خدمات طيلة عام.
وهاجم حركة حماس التي تتحدث عن تمسكها بالمقاومة وتخون السلطة الوطنية وحركة فتح من خلال ابراز مواقف حركة حماس الاخيرة الرافضة لإطلاق صواريخ من قطاع غزة واعلانها الاستنفار لحماية الحدود مع الخط الاخضر، في وقت كانت تهاجم السلطة الوطنية واجهزتها في سنوات ما قبل الانقسام لقيامها بما تقوم به الآن.
وأبرز ممثل كتلة الوفاء الاسلامية تصريحات لقيادة حركة فتح تظهر انحيازها للتنسيق الأمني ضد المقاومة. فيما شكلت ممثلة القطب الديمقراطي التقدمي خطابها بالتركيز على انتقاد أسلوب الحكم في كل من الضفة الغربية وقطاع وغزة، مظهرا كلا من فتح وحماس بالعاجزتين عن تلبية حقوق شعبنا واحتياجاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وذهبت ممثلة القطب الديمقراطي بتوجيهها انتقادا صريحا للسلطة الوطنية بالتورط في انتقاد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر النايف، كما انتقدت السلطة في تعاملها مع مطالب المعلمين المطلبية. وبينما ظهرت الكتل الأخرى التي تمثل أحزابا يسارية فلسطينية بمظهر الداعي إلى الوحدة وإنهاء الانقسام، بدت وكأنها منقسمة على نفسها من ناحيتين، الاولى أنها لم تخض الانتخابات موحدة، والثانية أنها أولت حيزا من وقتها في المناظرة لمهاجمة بعضها البعض.
وفي الموضوع النقابي، توحدت الكتل الخمس في انتقاد كتلة الوفاء الاسلامية في تسيير شؤون مجلس الطلبة على مدارعامة دون إنجازات ملموسة على صعيد حقوق الطلبة. وفجر مناظر الشبيبة الطلابية مفاجأة في نهاية المناظرة، باطلاقه هاتشتاغ بعنوان "شو في؟"، ثم أجاب عليه بقوله "ما فيش اشي" في كناية عن أن مجلس الطلبة بقيادة كتلة الوفاء الاسلامية لم يحق إنجازات واضحة وملموسة، ليعلن هو عن برنامج نقابي واضح لحركة الشبيبة جالبا معه قرارا من وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم بجعل الفصل الصيفي في الجامعة فصلين وهو ما يحقق رغبة الطلبة في هذا السياق، وكذلك توقيع اتفاقية مع وزارة النقل والمواصلات لتشييد مظلة خاصة بمواقف السيارات التي تنقل الطلبة.
وتشارك في الانتخابات الطلابية ست كتل هي: كتلة الوفاء الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، كتلة الشهيد ياسر عرفات الذراع الطلابي لحركة فتح، والقطب الطلابي الديمقراطي التقدمي الذراع الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتحالف جامعة بيرزيت الطلابي كممثلاً لحزب فدا والجبهة الديمقراطية، وتجمع المبادرة الطلابي الذراع الطلابي لتجمع المبادرة الفلسطينية، وكتلة فلسطين للجميع الذراع الطلابي لجبهة النضال الفلسطيني.
نقلا عن الحياة الجديدة