استخدام المبيدات الزراعية يعتبر هاجسا مؤرقا للكثير من المواطنين مع ازدياد الحديث عن وجود ممارسات زراعية خاطئة في المناطق الزراعية الفلسطينية مثل الرش الجائر للمبيدات، أو استخدام مبيدات غير مرخصة، وعدم التزام المزارعين بفترة الأمان للمبيد الزراعي قبل قطافه، مما يتسبب بأضرار صحية على المزارع والمستهلك على حد سواء، وهنا يأتي دور وزارة الزراعة والمؤسسات الرسمية في الرقابة لمنع انتشار الممارسات الخاطئة، والمواد الزراعية الضارة، وفي المقابل يشكو المزارعون من بعض القوانين التي يعتبروها معيقا لعملهم.
وخلال زيارتنا للجفتلك، وهي إحدى أهم المناطق الزراعية في الأغوار الوسطى، التقينا بالمزارع حربي دراغمة والرئيس السابق لجمعية الأرض الزراعية فيها، حيث أشار إلى أن وزارة الزراعة منعت مؤخرا على المزارعين استخدام 100 مادة زراعية مع العلم أنها مسموحة الاستخدام في إسرائيل، دون أن يعلم المزارع معيار منع هذه المواد التي يعتمد عليها، ويضيف: "هناك الكثير من المبيدات والمواد الزراعية التي يحتاجها المزارع لإنجاح محصوله تم منعها من دون أن تقدم لنا الوزارة سببا مقنعا، ولكن في حال كانت هذه المنتجات ضارة بالصحة فنحن مستعدون لوقف استخدامها".
واعتبر دراغمة أن هناك تخبطا وعدم نظام في وزارة الزراعة والجهات الأخرى بخصوص ترخيص المواد الزراعية، فهناك عدة جهات تعمل على ترخيص المنتج أو منعه وتضم وزارة الزراعة، ووزارة الصحة، وجودة البيئة، وأكاديميين من الجامعات الفلسطينية، وكل جهة تقوم بمنع منتج من جهتها دون تقديم مبرر صحي أو بيئي لذلك، على حد تعبيره.
ومما يزيد من العبء على المزارع قيام وزارة الزراعة بمنع بعض المنتجات فقط لعدم وجود وكيل فلسطيني لها وليس لأي سبب صحي آخر، مما يضطر المزارع لشراء المبيدات التي يحتاجها من المستوطنات الإسرائيلية المجاورة للأغوار، ويقول دراغمة: "مشكلة عدم وجود وكيل فلسطيني ليست مشكلة المزارع، هذه مشكلة وزارة الزراعة وزادت من العبء على المزارع، نحن مضطرون لشراء هذه المنتجات من المستوطنات بسبب عدم توفرها في السوق الفلسطيني".
واستنكر دراغمة "الهجمة" التي تشنها وزارة الزراعة والجهات الرسمية على المزارعين الذين يلجأون لشراء منتجات المستوطنات، قائلا: "ماذا بوسعنا أن نفعل، الزراعة مصدر رزقنا الوحيد ونجاحها يعتمد على المواد والمبيدات الزراعية المستخدمة، وزارة الصحة كل مستلزماتها من إسرائيل ولا أحد يتحدث عن المشاكل الاقتصادية الناجمة عن ذلك، بينما يشن الجميع هجوما على المزارع في حال شرائه مواد يحتاجها من إسرائيل، كما أن هناك مسؤولين لديهم مزارع في الأغوار يلجأون للشراء من المستوطنات ولا أحد يتحدث عن ذلك".
مؤسسات تتحكم برزق المزارع
وحول توفير وزارة الزراعة لمنتجات بديلة عن المنتجات التي منعتها، أكد المزارع هزاع دراغمة أن الوزارة في كثير من الأحيان توفر بدائل غير فعالة، وبعد تجربة المزارع لها ثبت عدم فعاليتها في حماية المحصول والحفاظ عليه، معبرا عن ذلك بقوله: "الأكامول لا يعالج الأميبا لأنه غير مخصص لها، بينما توجد أدوية فعالة لعلاجها، وهذا ينطبق على الزراعة أيضا حيث أن لكل مرض علاج"، عدا عن الغش الذي تعرض له المزارعون سابقا من قبل بعض التجار الذين قاموا بغش بعض المبيدات الزراعية وخلطها بالدهان فانعكس ذلك سلبا على المحصول ودخل المزارع، وبالتالي فقد المزارع ثقته بالوكلاء والتجار الفلسطينيين.
ويضاف إلى ذلك ارتفاع سعر بعض المبيدات في السوق الفلسطيني مقارنة بالسوق الإسرائيلي، وحتى مقارنة بأسعار المبيدات في الدول المجاورة، وأوضح دراغمة أن أسعار المستلزمات الزراعية في السوق الفلسطيني تزيد عن الأسعار في الدول المجاورة بنسبة تتراوح بين 30- 50%، وعلل ذلك بعدم وجود ضبط ورقابة كافية على الوكلاء والمستوردين، مما يجعلهم يضعون أي سعر يقررونه.
ودعا إلى وجود قوانين توقف تحكم الشركات والمستوردين بالمزارع ورزقه، فالمنتج الزراعي قبل وصوله للمزارع يصل إلى أكثر من تاجر وكل تاجر يريد أن يحقق ربحا، وعندما يصل المنتج للمزارع يكون غالي الثمن، معتبرا أن "ممارسات وزارة الزراعة والجهات الرسمية هي التي تجبر المزارع على اللجوء إلى السوق الإسرائيلي، لا يوجد مزارع يحب التعامل مع المستوطنين، ولا يوجد مزارع يرغب بزيادة ربح التاجر الإسرائيلي، لكن الجميع مضطر للحفاظ على مصدر رزقه والوزارة لا تقدم لنا حلولا فعالة".
وتساءل: "هل يعقل أن يستورد الوكيل كيلو بذور الكوسا بـ 40 دولارا ويبيعه للمزارع بـ 120 دولارا، هل يحق له أن يربح بنسبة 300% على حساب المزارع ومصدر رزقه، وعلى ذلك تقاس الأمور فيما يخص بقية المستلزمات الزراعية".
وتأكيدا منه على أن كل ما يثار عن المزارعين وممارساتهم الزراعية إشاعات، أوضح دراغمة أنه وبالإضافة إلى 55 مزارعا آخر من الجفتلك حاصلين على شهادة من مشروع "global gap" ، وهو مشروع أوروبي يعنى بالممارسات الزراعية السليمة والرقابة عليها، وأي مزارع يحصل على هذه الشهادة يكون عليه رقابة مستمرة من إدارة المشروع من لحظة تهيئة الأرض للزراعة وحتى قطاف المنتج، ولا يتم تسويق أي منتج إلا في حال فحصه والتأكد بأنه غير مضر بالصحة ولا يوجد به سمية.
وأضاف: "أنا أستخدم بعض المبيدات غير المرخصة فلسطينيا، ولكني حاصل على شهادة "global gap"، وهذا يثبت أن وزارة الزراعة لا تمنع المنتجات لمعايير صحية فقط".
ومما يجدر ذكره أن هذا المشروع ينفذ منذ العام 2007 ويضم أكثر من 1100 مزارع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي الجفتلك يطبق هذا المشروع على 55 مزارعا فقط بينما هناك 300 مزارع لا يندرجون ضمنه، وبالتالي لا يوجد رقابة كافية على ممارساتهم الزراعية، ولذلك توجهنا إلى أحد المزارعين غير المنضمين للمشروع وهو المزارع فؤاد مساعيد والذي قال لنا أن المزارع لا يتلقى الدعم الكافي من المؤسسات الرسمية.
وبخصوص تقيد مزارعي الأغوار بالممارسات الزراعية السليمة خاصة فترة الأمان، وهي الفترة التي يجب أن ينتظرها المزارع قبل قطاف المحصول إذا قام برشه بالمبيدات، أكد أن المزارعين بشكل عام في الجفتلك يقرؤون التعليمات المدونة على عبوات المبيدات ويعرفون فترة الأمان اللازمة، لكن أغلبهم لا يتقيدون بها ويقطفون المحصول قبل انتهائها، ليتمكنوا من بيع منتجاتهم بسعر جيد في السوق قبل أن يرخص ثمنها، منوها إلى أن بعض المزارعين يقطفون المحصول بعد يوم واحد فقط من رش المبيد.
وعند سؤالنا له عن الرقابة الميدانية من قبل وزارتي الزراعة والصحة على استخدام المزارع للمبيدات، أكد أنه لا يوجد رقابة مستمرة ودائمة في ذلك.
كما أكد مساعيد ما تحدث به المزارعون الآخرون من أن بعض المبيدات الممنوعة من قبل وزارة الزراعة لا يوجد لها بديل، وفي حال وجوده فإنه رديء وغير كاف لحماية المحصول من الآفات، كما أن المنتج في السوق الفلسطيني أغلى ثمنا، منوها إلى أن هذه المشكلة تزيد من العبء القائم أصلا على المزارع في الأغوار بسبب عدم توافر مصادر المياه لري محاصيلهم، مما يضطرهم لشراء المياه بمبالغ تفوق قدرتهم المادية.
معايير محددة للترخيص
من جهته، أكد مدير دائرة المبيدات في وزارة الزراعة محمد صادق أنه يتم ترخيص أو منع أي منتج بناء على معايير محددة تنظر فيها لجنة علمية مختصة بالترخيص ومكونة من وزارة الزراعة، ووزارة الصحة، والأكاديميين المختصين في الجامعات الفلسطينية، حيث تقوم هذه اللجنة ببحث الملفات التي تعرض عليها من الشركات المصنعة للأدوية والمبيدات الزراعية، كما أن من أهم المؤشرات التي تتبعها اللجنة لترخيص المنتج هي مدى الحاجة له، وهل هناك آفة تستدعي السماح بالمبيد، وتأثيره على القطاع الزراعي، كما أن اللجنة عند ترخيص أي منتج تأخذ تقارير الصحة العالمية بعين الاعتبار.
وأشار إلى أن هناك 200 مبيد ومادة زراعية مسموحة في فلسطين، وفي المقابل هناك حوالي 400 مبيد فعال مسموح به في الدول المحيطة، لكن هذا لا يعني على أي حال أن هذه المبيدات آمنة، وعلل قلة المبيدات المسموحة في فلسطين مقارنة بالدول المجاورة بأن اللجنة العلمية الفلسطينية ذات حساسية عالية جدا في اختيار المبيدات التي تسبب ضررا كبيرا على المحصول والمواطن.
وأوضح أن الخطورة لا تكمن فقط في المبيد الزراعي، وإنما في الممارسات الزراعية الخاطئة وسوء استخدام المواد، من خلال عدم التقيد بالمحاذير.
وبخصوص منع بعض المبيدات والمنتجات الزراعية بسبب عدم وجود وكيل فلسطيني لها، أكد أنه لا يمكن ترخيص أي منتج في السوق الفلسطيني إذا لم يكن له وكيل فلسطيني معروف ليتحمل المسؤولية عن المبيد أمام الوزارة، سواء من الناحية الصحية أو أي آثار مترتبة على استخدامه.
وأكد أنه في القرى المجاورة للمستوطنات يلجأ المزارعون لشراء بعض المواد والمبيدات غير المرخصة فلسطينيا من المستوطنات الإسرائيلية، منوها إلى خطورة ذلك حيث من الممكن أن يقوم المستوطنون ببيع مبيدات زراعية ضارة بهدف ضرب الزراعة الفلسطينية وصحة المواطن الفلسطيني.
ونوه إلى أن وزارة الزراعة من الصعب عليها منع المزارع من شراء المبيدات من المستوطنات بشكل قطعي ومباشر، خاصة في المناطق المتاخمة للمستوطنات، ولكنها تعمل على الحد من انتشار المواد الممنوعة من خلال التوعية والإرشاد عن طريق الجولات الإرشادية فيما يتعلق بخطورة المبيدات التي تأتي من المستوطنات.
أما فيما يخص التجار فإن وزارة الزراعة تمارس عليهم رقابة شديدة للتأكد من مطابقة المبيدات التي تتواجد في محلاتهم للمواصفات والمعايير التي حددتها اللجنة العلمية، وفقا لما قاله صادق، مؤكدا أن العديد من التجار تعرضوا لمحاكمات، كما أن وزارة الزراعة مؤخرا ضبطت وصادرت حوالي 4 ونصف طن من المبيدات المخالفة، سواء كانت ممنوعة لسبب صحي أو لعدم وجود وكيل فلسطيني، ويوجد قرار بمصادرة وإتلاف أي منتج مخالف للمواصفات، حيث تنفذ وزارة الزراعة جولات تفتيشية دورية على المحلات الزراعية.
كما تطرق صادق لمنع تهريب المبيدات الممنوعة والذي وصفه بالموضوع غير السهل والمعقد جدا، وتحديدا في المناطق المفتوحة على المستوطنات الإسرائيلية مثل الأغوار ومناطق التماس للمستوطنات، وأوضح أن حل ذلك لا يكمن بيد وزارة الزراعة وحدها، بل يجب أن يتألف من وسائل الإعلام، والحملات التوعوية في المؤسسات التعليمية والنقابات، علما أن الطرق التوعوية والإرشادية وحدها غير كافية لضمان عدم استخدام المبيدات الممنوعة، كما أنه من المستحيل تعيين شرطي مراقب على كل مزارع، كذلك من الصعب أخذ عينات من كل محصول قبل قطافه لفحصه.
وأوضح أنه يوجد في وزارة الزراعة برامج إرشادية واضحة، ولكل محصول كتيب يوضح الآفات ودواعي الرش، جزء كبير من المزارعين يلتزم، ولكن الجزء الذي لا يلتزم يضر نفسه لأن الاستخدام المفرط لأي مبيد لا يزيد الإنتاجية.
وعند سؤالنا له عن آليات حماية المزارعين من غش التجار مستشهدين بما ذكره المزارعون من قيام التجار بخلط بعض المبيدات بالدهان، أوضح أن المزارعين في غالب الأحيان لا يتوجهون بالشكوى للوزارة، مؤكدا انه في حال التوجه بالشكوى على أي تاجر أو وكيل ستتم محاسبته لأنه مرتبط مع الوزارة بتعهدات، وبالتالي يتحمل مسؤولية في حال الإخلال بالكفاءة.
كوارث بيئية وصحية
أما الدكتور سمير شديد من معهد الدراسات المائية والبيئية في جامعة النجاح، فأشار إلى أن المزارعين يستخدمون المبيدات بشكل مفرط بهدف القضاء على الآفات، كما يفضل المزارعون استخدام المبيدات الكيماوية على الطرق الحيوية التي تعتبر أكثر أمنا، لضمان القضاء على الآفات والانتاجية العالية لمحاصيلهم، كما يتم استخدام بعض المبيدات الممنوعة دوليا في المناطق الزراعية الفلسطينية، حيث يتم تهريبها من إسرائيل بطرق مختلفة.
وأكد أن معهد الدراسات المائية والبيئية في جامعة النجاح بدأ منذ شهرين بعمل بحث للنظر في كيفية استخدام المبيدات الزراعية بشكل يحمي المياه الجوفية، وتشمل الدراسة حوض وادي الفارعة الذي يبدأ من نابلس ويشمل عدة مناطق منها طلوزة، وطمون، وطوباس، والفارعة، والعقربانية، والنصارية، والجفتلك، حيث أن هذه المناطق تعتمد بشكل كبير على الزراعة وتستخدم المبيدات فيها بشكل كبير.
وبناء على الاستمارات الأولية التي وزعها المعهد على المزارعين تبين أن هناك استخداما للمواد المحرمة، حيث تعمل الدراسة على حصر أنواع المبيدات المستخدمة، كما ستعمل على تحضير خارطة الحساسية بخصوص انتقال الملوثات من المبيدات إلى المياه الجوفية، بعد التعرف على طريقة تصرف مزارعي كل منطقة مع المبيدات.
وتزداد حساسية المنطقة الزراعية في حال كانت الأمطار غزيرة فيها، مما يؤدي إلى انتقال المبيد بشكل كبير إلى المياه الجوفية، وإذا كانت حساسية المنطقة عالية واستخدام المبيدات فيها كبيرا ستكون كفاءة مياه الشرب فيها سيئة وملوثة، علما أنه خلال الدراسة التي يجري العمل عليها حاليا ومن المتوقع أن تنتهي خلال العام القادم أخذ عينات من المياه الجوفية ومعرفة نوعية المبيدات التي وصلت لها.
وشدد على خطورة وصول المبيدات إلى المياه الجوفية، خاصة وأنه غالبا ما يحدث "تكبير" لهذه المبيدات، فإذا كان تركيز المبيد في الماء الذي يشربه الإنسان قليلا جدا مع مرور السنوات يحدث له "تكبير حيوي"، فمع زيادة استهلاك الماء أو المنتج الملوث بالمبيد تزداد كمية المادة المترسبة في الجسم بشكل تراكمي حتى يظهر المرض عند الإنسان.
وأضاف: "لاحظنا من خلال الاستمارات التي قمنا بتوزيعها أن بعض المزارعين لا يعلمون بفترة الأمان، وبالتالي ليس لديهم وعي كاف بالاستخدام الآمن لهذا المبيد بشكل لا يضر المستهلك الذي سيتناول الخضروات والفواكه التي تعرضت للمبيد، ففي حال استهلاك المواطن للثمار الملوثة بالمبيد قبل انتهاء فترة الأمان تكون هناك خطورة عليه، وعادة يكون هذا الخطر تراكميا مع استهلاك المواطن للمنتجات بشكل مستمر".
يذكر أن بعض المواد والمبيدات لا تزول عن الثمرة إذا قام المستهلك بغسلها قبل الأكل، فهناك منتجات ومبيدات "عصارية" تجرع للنبتة مع الماء، وبالتالي تدخل إلى داخل الثمرة، ولا يجدي غسلها نفعا في هذه الحالة.
هل يكفي 1% من الميزانية للزراعة؟
من جهته، اعتبر خالد منصور من الإغاثة الزراعية الفلسطينية أن الإهمال الرسمي للزراعة، وتخصيص موازنة ضئيلة جدا لا تتعدى 1%، سببا رئيسيا لانتشار الممارسات الزراعية الخاطئة ومنها الرش الجائر للمبيدات في بعض المناطق، قائلا: "تخصيص نسبة 1% فقط من الموازنة العامة للزراعة جرح قديم ما زال ينزف، وهذا يدل على قلة الاهتمام بالأرض التي يطمع الاحتلال بالسيطرة عليها، فنسبة 1% لا تكفي لوضع برامج وخطط تطوير ورقابة على الزراعة، فهي بالكاد تكفي رواتب للموظفين".
واستنكر وضع نسبة 38% من الميزانية للأمن مقابل 1% فقط للزراعة، وهي التي تحتاج إلى ميزانية ودعم أكبر في ظل محاولات الاحتلال لتهجير المزارعين.
وحول تراجع نسبة مساهمة الزراعة في الدخل القومي بشكل ملحوظ منذ التسعينات وحتى الآن، اعتبره مؤشرا خطرا جدا لأن الزراعة مقوم رئيسي في فلسطين، وإذا كان لا يعول عليها ببناء دخل قومي لم يبق مصدر دخل في فلسطين، لأن فلسطين بالدرجة الأولى بلد زراعية وسياحية لوجود المقدسات فيها، لكن وضع السياحة صعب للغاية بسبب التحكم الاسرائيلي في المعابر والحدود، كما أن القطاع الزراعي وهو الأكثر قدرة على الإنتاج واستيعاب الأيدي العاملة يشهد تراجعا ملحوظا.
ونوه إلى ضرورة قيام الحكومة بحماية المزارعين من المستوطنات ومنتجاتها، فالمستوطنون هم الأكثر استخداما للمواد الكيماوية في الزراعة من هرمونات، وأسمدة، وعلاجات كيماوية مرفوضة دوليا، لكن المستوطنين يستخدمونها وبعض المزارعين في الأغوار يعملون على استخدامها بعد شرائها من المستوطنات، "من خلال ملاحظتنا هناك ممارسات زراعية خاطئة في الأغوار، وهذا يتطلب تكثيف الإرشاد الزراعي"، يقول منصور.
ودعا منصور الحكومة إلى وضع خطط متكاملة لتوفير الخدمات الأساسية في الأغوار والتي تشمل الصحة، والتعليم، والبنية التحتية من كهرباء وماء، كما دعا لحماية المزارع في الأغوار من الكوارث الطبيعية التي تحل بأراضه مثل الفيضانات والصقيع، حيث لا يوجد حتى الآن تأمين زراعي، فبالرغم من كل الوعود بتوفير التأمين الزراعي إلا أنه لم يطبق.
وأضاف: "من أشكال الدعم الذي يتوجب على وزارة الزراعة توفيره للمزارعين الحماية من المنافسة مع المنتج الإسرائيلي، ففي العام الماضي تعرض منتج البطيخ الفلسطيني لمحاربة من قبل منتجات المستوطنات الإسرائيلية، فالمزارعون أنفقوا ملايين الشواقل لزراعته، ولكن عندما نضج الثمر تم إغراق السوق الفلسطيني وبشكل مقصود بالبطيخ الإسرائيلي، ونحن توجهنا بنداءات لوزارة الزراعة لوقف ذلك ولكن لم يكن هناك تجاوب، أحد المزارعين أخبرني أنه خسر حوالي نصف مليون شيقل، ولن يعود لزراعة البطيخ مرة أخرى".
تحقيق: اسراء غوراني